إنه المتحف الذي كان ينقص باريس. ومع افتتاحه، هذا الأسبوع، لم تعد هذه المدينة الأوروبية عاصمة للنور فحسب، بل وللعطر أيضًا. ويحق للمرء، وهو يتابع التدشين، أن يتساءل: كيف ظلت باريس من دون متحف للعطور حتى الآن؟ الحقيقة أن هناك متحفًا صغيرًا رأى النور في العام الماضي، بجهود فردية، هو متحف «فراغونار». وهناك في حي «المارية» أقام العطار فريديريك مال جدارًا للعطور، يستعرض بشكل هندسي فني تشكيلة واسعة من قناني العطر التي تحمل اسم شركته.
يتخذ المشروع الجديد من مبنى تاريخي مكانًا له، ويحمل اسم: «متحف باريس الكبير للعطور». وقد اختار القائمون عليه عنوانًا يقع في قلب ما يسمى بالمثلث الذهبي في باريس، أي في مبنى عريق يقع في الرقم 73 من شارع «فوبور سانت هونوريه»، وهو المكان الذي كانت تشغله، أواخر الثمانينات، دار أزياء «كريستيان لاكروا»، يوم كانت واجهة للأناقة الباريسية. ويقوم المتحف على مساحة 1400 متر مربع جرى تحويرها بما يناسب الهدف، بكلفة بلغت 7 ملايين يورو. والهدف هو استعراض تاريخ صناعة الروائح الزكية عبر التاريخ، أي منذ الحضارات القديمة حتى الألفية الثالثة.
حصل المشروع على مباركة النقابة الفرنسية للعطور. ورغم أن تذكرة الدخول تعتبر مرتفعة الثمن (15 دولارًا تقريبًا)، فإن من المؤكد أن المتحف الجديد سيجد مكانه على خريطة الجولات الأساسية للشركات السياحية العاملة على الساحة الباريسية. وإذا كان بعض هذه الشركات الترويجية يأسف لإغلاق متحف «الإيروتيكا» في حي «بيغال»، شمال العاصمة، فإن متحف العطور يأتي ليعوض هذا النقص، مع الفارق الكبير في المعروضات. ومنذ الخطوة الأولى يجد الزائر نفسه في أجواء رومانسية يطغى عليها اللونان الأبيض والرصاصي الفاتح، مع نسمات معطرة تهب عليه من هذا الركن أو ذاك. وفي أيام الشتاء المشمسة والدافئة، أو خلال موسمي الربيع والصيف، يمكن التمتع بالمقهى المكشوف في شرفة المتحف، مع متابعة أفواج السياح الآتين من آسيا وأميركا والخليج. وعلى السائحات الخليجيات يراهن القائمون على المكان، نظرًا لما يعرف عنهن من ميل للعطور ولاقتناء أنواع مختلفة منها.