بعد أن كان شارع الرشيد يضم أكثر من 13 محلا لريافة الملابس، لم يبق منها اليوم إلا محلين فقط، أحدهما محل ’الإبداع‘ لصاحبه جاسم محمد الذي ورث المهنة عن والده وجده.

وحرص محمد على تعليم مهنة ريافة الملابس لأبنائه، لكنهم فضلوا تركها ومزاولة مهن أخرى. ولم يبق إلى جانبه سوى ابنه الأكبر الذي يشاركه العمل في محله.
: متى بدأت مزاولة هذه المهنة؟
جاسم محمد: في مطلع الخمسينات، حين كان عمري لا يتجاوز ثلاثة عشر عاما. بدأت أرافق والدي إلى محله في هذا الشارع وتعلمت منه المهنة. وكان هو وأخوته قد تعلموها من جدي الذي كان يسكن النجف وتخصص في ريافة العباءات الرجالية.
: هل يمكنك ريافة أي قطعة من القماش؟
محمد: لا يوجد أي قماش أو نسيج تستعصي علينا ريافته. ولدينا حلول لأية عيوب. وبإمكاننا معالجة كل أنواع القماش. لكن الصعوبة عادة تكمن في ريافة الأقمشة المخططة فالقماش السادة أكثر سهولة لدينا أثناء العمل. أما اختلاف النسيج فلا يشكل لدينا عائقا وبإمكاننا ريافة حتى أغلفة مقاعد السيارات.
: من تجدونه أصعب من حيث التعامل زبائنكم من النساء أم من الرجال؟
محمد: عادة نواجه صعوبة أكثر في إقناع النساء، كما أنهن يفاصلن في الأسعار أكثر من الرجال.
: هل حدث أن أنجزت قطعة لزبون ورفض استلامها لأنها لم تعجبه؟
محمد: أتذكر مرة أن أحد الزبائن ترك لدينا جاكيت وبنطلون ودفع المبلغ واستلم الوصل ولم يعد. وبقت حلته لدينا لفترة طويلة حتى تغير لونها من النيلي إلى الأزرق. وعاد إلينا الزبون بعد عام وحين سلمته الحلة أصر أنها ليست حلته. وبالرغم من أن الوصل يحتوي على ملاحظة تقول أن صاحب الملابس يسقط حقه في المطالبة بها بعد ثلاثة أشهر، إلا أنني أخذته إلى داخل المحل وحاولت إقناعه. ولم يقتنع بأن الحلة حلته إلا بعد أن ارتداها.
: هل تجد تراجعا في طلبات الزبائن مقارنة بالأعوام السابقة؟
محمد: بالتأكيد. لقد قل الطلب مقارنة بالأعوام الماضية، لكن عملي ما زال مطلوبا لدى الكثيرين حتى أن بعض الزبائن يقصدونني من بقية المحافظات. وحتى لو قل الطلب بسبب انخفاض أسعار البضائع المستوردة، فالطلب على ريافة العباءات الرجالية ما زال متواصلا بسبب ارتفاع أسعار هذه الأنواع من العباءات.
لكن بشكل عام أجد أن مهنتنا في طريقها إلى الزوال، ونتمنى أن يلتفت المعنيين للمحافظة على المحلات التراثية والمهن التراثية التي ارتبطت بتاريخ العراق الحديث.