تعد صناعة الزجاج وملحقاته من البلور والقواري والأواني والقناني والقناديل والسرج وما اليها من الجام و(المري) جمع مرآة وصناعة الجراجيب، من اقدم الصناعات المعروفة في العراق وهي من انتاج العراقيين بل يحتمل ان تكون من انتاج (بغداد) بالذات بالنظر لما ذاع عن (البغاددة) يومذاك من أنهم من امهر العمال في هذه الصنعة حتى اصبحت النسبة الى الزجاج العراقي او البغدادي دليل الجودة والأتقان والجمال. وعندما دخل الزجاج الى اسبانيا في تلك الأيام عرف هناك بأسم (ايراكا) وذلك نسبة الى العراق. وكان نتاج هذه الصناعة ومنها التحف والقناديل بالأخص مما يتهاداه الملوك والأمراء والمترفون وكانت تصدر منها كميات كبيرة الى الخارج لأن التجارة بها مربحة جداً. والزجاج في اللغة كما عرفه صاحب (المنجد) هو جسم شفاف يصنع من الرمل والقلي، والأناء او القطعة منه زجاجة .
والزجّاج : صانع الزجاج والزجاجي بائع الزجاج وقد وردت الأشارة الى صناعة الزجاج في كتاب ( تذكر شعراء بغداد) في كلام المؤلف عن مباشرة العمل في الأواني الزجاجية، ويستبان منه ايضاً بأنه كانت هناك معامل خاصة لأنتاج الزجاج ومن أشهرها (معمل الديوانية) ومن ملحقات هذه الصناعة (الجامجي) وهو من يشتغل في اعمال تزجيج شبابيك الدور والأبواب والمكتبات. ومنهم من يصنع ( المرايا) ومن في هذه الصناعة يسمى (المراياتي) او (ابو المري) وهو الذي يقوم بتقطيع الزجاج الى حجوم كبيرة ومتوسطة وصغيرة ويضع عليها مادة خاصة تسمى (مي) بتفخيم وبعد جفافها وصقلها تكون (المرآة) فتؤطر بعد ذلك بأطارات من خشب الصاج او الجام او المعدن وتعرض للبيع على الناس، وبين اصحاب هذه المهنة من هو ماهر حاذق في تثمين الزجاج ومعرفة ماهو نفيس منه وماهو غير نفيس..
وقد لاتخلوا مدينة في العراق من (المراياتية) و(الجامجية) وفي العاصمة بغداد ينتشرون على الأغلب في محلة (باب الأغا) في شارع الرشيد حيث لهم فيها حوانيت خاصة كثيرة. وممن يلحقون بهؤلاء (صانعو الجراجيب، وهم الذين يؤطرون الصور والقطع المكتوبة بالخطوط النفيسة، أو الآيات القرآنية الكريمة والحكم الخالدة..

وكان هناك الى عهد قريب ماهرون في صناعة (ريازة الجام) الذي كان يعمل لشبابيك البيوت الفخمة وأبوابها حيث كانوا يستعملون الزجاج بقطع صغيرة ومزخرفة بشكل جميل ومنظر جذاب..
وقد انقرض استعمال هذا النوع من الزجاج ولا وجود له هذه الأيام الاّ نادراً... وقد اصبحت اعمال الزجاج اليوم ذات نشاط كبير في مجال البيع والتركيب تبعاً لحركة البناء والتعمير الواسعة.