عندما دخل الإنكليز بغداد في 11 آذار 1917 وانسحاب العثمانيين الذين تركوا بغداد داراً خربة بل العراق طوال فترة احتلالهم وحكمهم لدولة الحضارة العربية الإسلامية. وكان لابد لهم أن يوفروا مستلزمات وجودهم وسرعة تنقلهم. لذا جلبوا معهم كل الوسائل المتطورة في ذلك الوقت فمدوا سكك الحديد واقاموا أعمدة الكهرباء وجلبوا السيارات والقاطرات وشيدوا الأبنية والمستشفيات فتغير وجه بغداد بين لحظة وضحاها.
ففي العام 1917 تشكلت ادارة عسكرية للبلدية باشراف الجنرال مود واستمر عملها حتى العام 1919 حيث جرى تطور ملحوظ تزامن مع تشكيل حكومة للبلاد تهتم بشؤون المجتمع من الناحية الخدمية والأمنية، حيث أسست بلدية بغداد سنة 1912 وقسمت لخدمة جانبي الكرخ والرصافة. إذ أقيمت الأولى في منطقة العلاوي والثانية في رأس القرية والثالثة في الشواكة. وهذه الدوائر اصبحت تحت اشراف المتصرفية فتشكلت فرقة اطفاء الحرائق من قبل أمانة العاصمة في العام 1922 فوفرت الدائرة ديناموكهرباء للأطفاء وسيارات رش وكان مكان الاطفائية يقع في علوة الحيدر خانة بجوار دربونة السراي المجاورة لشارع الاطفائية وكان يديرها المستر فيشر حتى العام 1936 حيث تولى ادارتها من بعده ابراهيم شندل وكانت دائرة الاطفاء في بادئ أمرها تمتلك سيارة واحدة نوع دنيس، وعدد العاملين فيها لا يتجاوز السبعة مع المدير. بعدها زودت بزورق بخاري نوع ميدك ويندر.
وفي العام 1925 أصبحت دائرة الاطفاء تمتلك ثلاث مكائن وماطوراً واحداً وسيارتين وسيارة فورد لوري وسلما للأطفاء من الحريق مع 400 فوهة من الأنابيب و82 فوتاً من الأنابيب مع سيارة. ومع مرور الوقت انقسم العاملون في الدائرة إلى قسمين قسم يطلق عليهم (موظفون على الأرض) والقسم الثاني (موظفون على النهر). وجراء ذلك ازدادت المضخات فانشئت مضخة أمام وزارة الأوقاف وفندق مود، ومضخة في الميدان وشارع السراي وفي الأعظمية وبعد التطور الحاصل في مهمة الاطفاء نقلت الدائرة من القشلة إلى منطقة الشيخ عمر. ولم يقتصر عمل هذه الدائرة على اطفاء الحرائق بل انيطت بها مهمة أخرى هي منح اجازة السفر خارج البلاد خاصة الاقطار المجاورة سوريا ولبنان وايران.
وفي الثلاثينيات أعطيت دائرة الاطفاء صلاحية لسيارات الحمل بين سوريا والعراق. وظلت دائرة الاطفاء توسع عملها مع مرور الزمن خاصة الكشف على أجهزة الحريق في محلات السينما والملاهي كذلك الايعاز بتجنب انشاء المحلات قرب محطات البانزين والوقود.
كمال لطيف سالم