في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (54)
قال تعالى(َ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ، مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ، وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ) سورة البقرة الاية من 97 الى 99 .
في هذه الايات مطالب نتعرض لها
اولا : عدواة الله وملائكته ورسله
الانسان هو الكائن الوحيد في الكون الذي يتجرأ في اظهار العداوة لله تعالى وملائكته ورسله مع وجود الايات والبينات والدلائل والمعاجز،مع علم الانسان انه سوف يرحل عن هذه الدنيا وسوف يلاقي الله تعالى حيث لا ناصر له ولا معين ولكن غرور وتكبر الانسان تمنعه من السيطرة على اوهامه وخيالاته الشيطانية في الانصراف عن الله تعالى .ولكن سوف تزول هذه الاوهام عندما يخرج من عالم الدنيا فيتمنى العودة للعمل والعبادة ولكن عندها لا ينفع الندم
ثانيا : لماذا عدواة جبريل بالذات
كأن الاية المباركة تشير الى سبب للنزول وهو ان اليهود انما يكرهون جبريل عليه السلام لانه جاء بالقران ، فنقول لهم ان جبريل مجرد واسطة واداة ووسيلة للتبليغ وايصال العلم الالهي والقران الى النبي الاكرم كما جاء بالتوراة الى موسى والانجيل الى عيسى والصحف الى ابراهيم ،فعداوتكم لا وجه لها ........؟
ثالثا : القلب هو مستودع العلوم والمعارف الالهية
قد تحقق عندنا انه يوجد فرق بين العلم والمعلومات ،فالعلم محله القلب والمعلومات محلها القالب الذهني وهو الدماغ المادي في الانسان ولذلك المعلومات يمكن ان يحصلها الانسان المؤمن والكافر، بخلاف العلم الالهي فلا يوجد الا في القلب والذي هو مجرد وليس ماديا والعلم الالهي لا يعطى الا للانبياء والاولياء والعلماء الراسخين ،ولذلك قد يضيق اناء المعلومات بما فيه بخلاف اناء العلم فانه يتسع كما ورد في الحديث عن امير المؤمنين عليه السلام ( كل اناء يضيق بما فيه الا وعاء العلم فانه يتسع)ولذلك يقول النبي (وقل رب زدني علما ) وكما ورد في الحديث (من اخلص الى الله اربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ) .
رابعا : الكفر بايات الله هو الفسق
الايات جزء من القران ،وارادة الجزء ارادة الكل ،والايات البينات دليل وضوح القران ووضوح الدعوة الالهية ،والحقيقة دائما ناصعة لا تشوبها الاخلاط مهما عظمت ولكن المشكلة في الانسان هو الذي يجعل على عقله وعينه غشاوة كي لا يرى الحق والحقيقة لاسباب متعددة واغلبها مصلحية وشخصية ، ولذلك قال تعالى ان الذي يكفر ويجحد بايات الله فقد تجاوز الحدود وهم الفاسقون ...