في يوم من ذات الايام ، كان هناك تاجر قماش عربي اسمه عجيب ، كان هذا التاجر معتاد ان يذهب في رحلات مع اصدقاؤه ، وكان يستمتع كثيرا بالسفر معهم حيث كان يأكل ويشرب ويرقص طوال الرحلة ، وفي واحدة من احد هذه الرحلات ، فجأة هبت عاصفة في وسط البحر، ودمرت السفينة تماما، وغرق جميع الأصدقاء ما عدا التاجر عجيب، فهو الوحيد الذي تمكن من السباحة إلى الشاطئ ، وقد كان مرهقا ومتعبا، وعلاوة على ذلك، كان جائعا ، فأخذ يبحث عن الطعام ولكنه لم يجد اي شئ ليأكله.
ومر علي عجيب بعض الوقت، حتي سمع بعض الضوضاء القادمة من البحر ، واستطاع ان يرى أن هناك سفينة كانت قادمة بالقرب منه ، واعتقد التاجر عجيب أن هذه السفينة قد تكون يمتلكها القراصنة أو حتى آكلين لحوم البشر ، لذلك سرعان ما اختبأ خلف شجرة لإنقاذ حياته وايضا للحفاظ على مراقبة كل تحركات الغرباء الموجودين علي تلك السفينة.
توقفت السفينة على شاطئ البحر ، ونزل بعض العبيد من السفينة، وانتقلوا كلهم الي الامام وحفروا حفرة ، واحضروا سلال كبيرة وقاموا بانزالها الي الحفرة ، وكان معهم رجلا عجوزا جنبا الي جنب مع صبي صغير يبلغ من العمر ثماني سنوات ، وشاهد التاجر انشطة غريبة يفعلونها ، وشاهدهم كلهم نزلوا في هذه الحفرة وخرجوا جميعا امام التاجر العجيب ما عدا الصبي الصغير .
تعجب التاجر عجيب كثيرا واخذ يفكر قائلا :من هم هؤلاء الناس ، ولماذا يأتون إلى هنا ، وماذا يفعلون داخل هذه الحفرة ، ولماذا كلهم خرجوا من الحفرة وتركوا الصبي الصغير وحده وغطوا عليه الحفرة ، بدأ يشعر التاجر عجيب بالقلق حول الصبي ، فأعتقد ان هؤلاء الاشخاص دفنوا الطفل علي قيد الحياة.
قرر التاجر عجيب ان ينقذ الصبي الصغير ، وهرع مسرعا بعد ان غادرت السفينة ، وقام بازالة الطين من علي الحفرة ونزل الي الحفرة مسرعا ، ورأي باب وقام بفتحه وذهب الي الداخل ورأي بعض الشموع المضائة ورأي سلال مليئة بالعناصر الغذائية ورأي الصبي جالس يلعب الشطرنج.
عندما رأه الصبي الصغير كان خائفا كثيرا ، واختبأ وراء السرير ،وهنا بدأ التاجر عجيب يقول للصبي : لا تقلق يابني ، انا هنا لكي اساعدك ، قل لي لم هؤلاء الاشخاص تركوك هنا وذهبوا.
وهنا بدأ الصبي يطمئن للتاجر عجيب واخذ يروي له حكايته قائلا : انا اسمي هارون ، واسم والدي هو راشد، وهو واحد من أغنى تجار المجوهرات في بغداد ، وأنا الابن الوحيد لوالدي ، ولقد ولدت في نعم كثيرة ، وقال بعض العرافين والمنجمين لوالدي انه عندما اتم عامي الثامن سأتعرض لخطر يؤدي بحياتي ،وهنا طلب والدي من المنجمين ايجاد طريقة لانقاذ حياتي ، وهنا رد واحد من المنجمين علي والدي قائلا : هناك خطرا على حياة ابنك من شخص يدعى عجيب، فإذا امكنك أن تنقذ ابنك أثناء سنته الثامنة من هذا الشخص الذي يدعي عجيب، فإن ابنك سيعيش حياة طويلة .
تابع الصبي الصغير حكايته علي عجيب قائلا : والدي أخفاني هنا ، بحيث عجيب هذا لا يمكنه ان يفعل بي اي ضرر ، وانا سوف اتم عامي الثامن بعد أربعين يوما ، وبعد ذلك، سوف اكون قادرا على العيش لفترة أطول .
سمع التاجر عجيب الصبي الصغير ، واخذ يفكر بينه وبين نفسه :لماذا أقتل هذا الطفل البريء ، فهو صبي جميل جدا ، وأي شخص يحبه ، يجب أن يكون المنجم مخطأ.
وهنا اخذ الصبي يسأل التاجر عجيب قائلا : وانت ايها الرجل ، لم تخبرني حتي الان من انت ، ومن اين اتيت ، وهنا رد عليه التاجر عجيب قائلا : انا تاجر قماش ، وكنت ذاهبا لانجاز بعض الأعمال ، وحدثه التاجر عجيب عن نفسه ولكنه لم يخبره عن اسمه ، وقرر أن يثبت للمنجمين انهم علي خطأ ، وقال للصبي هارون : يابني ، لا تخف من اي شخص ، أنا هنا لحمايتك ، والآن انت مسؤوليتي ، ولا تقلق فأنا سوف اخلصك من كل الأخطار ، الآن أنا هنا، لا أحد يستطيع أن يؤذيك.
هذا الكلام طمئن هارون كثيرا واصبح سعيد جدا ، وسرعان ما تجاوب مع عجيب وبدأوا يعيشون سويا ، واعتني عجيب بالصبي هارون عناية كبيرة ولعب معه، واخذ يحكي له قصص ترفيهية ، وكلاهما تشاركوا الأكل ومكان النوم معا ، وبهذه الطريقة، فات تسعة وثلاثين يوما وهم في سعادة مع بعضها البعض ، والآن لم يبق إلا يوم واحد علي الأربعين ، فيعتبر اليوم الاربعين هو الموعد النهائي للخطر.
وفي اليوم الأربعين، ساعد عجيب الصبي هارون في الاستعداد ، وتناولوا سويا وجبة الافطار ، ولعبوا سويا الشطرنج طوال اليوم، وعندما أتي المساء، شعر هارون بأنه جائع ، وطلب من عجيب أن يعطيه شيئا للأكل ، فقال له عجيب : انتظر، سأجلب لك بعض البطيخ .
جلب عجيب البطيخ من أحد السلال وطلب من هارون ان يعطيه السكين، فأشار هارون إلى السكين علي الرف قرب سريره ، وبينما كان عجيب يحاول التقاط السكين من علي الرف، لدغ عقرب قدم الصبي هارون ، شعر هارون بالالم الشديد وسقط علي الارض ، وهنا ضرب عجيب بالسكين علي مكان اللدغة من قدم هارون لطرد السم منه بسرعة ، وضمد الجرح بعدها.
كان الصبي هارون يبكي كثيرا من شدة الالم ، ولكنه استغرب كثيرا عند رؤية عجيب يبكي، واخذ يسأله : ياعم عجيب ، انا ابكي من الالم ، ولكن لماذا انت تبكي .
هنا أجابه عجيب : يابني هذه هي دموع الفرح ، فطوال هذه الفترة لم اخبرك انني عجيب الذي انت تختبئ منه علي حسب اقاويل المنجمين ، فبدلا من اخبارك قررت ان احميك بأي ثمن لكي اثبت لكل الناس ولنفسي انهم علي خطأ ، فها نحن قضينا سويا اربعين يوما ولم يحدث اي مكروها لك.
عانق هارون عمه عجيب وبكى في سعادة ، وفي هذه اللحظة، سمعوا صوت خطوات أتية من الخارح ، وسرعان ما ظهر والد هارون ومعه الخدم ، وعندما رأه هارون ، هرع اليه واحتضنه بحب ولهفة ، واخبره بكل شئ حدث معه واخبره عن عجيب وعن خطأ المنجمين ، وفي هذه اللحظة عانق والد هارون التاجر عجيب شاكرا له لحمايته لابنه وانقاذه من اي خطر.