*شعبة الدراسات والبحوث الاسلامية عن مصادره بتصرف
قال الله عزّ وجل في كتابه الكريم: {كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.(المجادلة:21)
قبل ألف وثلاثمائة وستة وسبعين عاما للهجرة من الآن وقعت معركة قصيرة من حيث الزمن في منطقة لم يكن الناس يعرفونها من قبل؛ بين مجموعة من القرى الصغيرة على شاطئ نهر صغير.
والمعركة لم تستغرق إلا نصف نهار بين جيش لجب أقل ما قيل فيه أنه كان قوامه 30 ألفاً من الرجال المقاتلين، وبين عائلة فيهم الطفل الصغير والشيخ الكبير والمرأة والرجل، والعبد والأمة.
وبعد انتهاء المعركة بعد الظهر أقدم الجيش اللجب على حرق خيام أولئك الذين قتلوا وسحقوا تحت حوافر الخيل؛ كانوا خمسين طفلا وطفلة، وقد انتهى كل شيء.
بعد قرابة نصف مليون يوم من ذلك الحادث نجد أنّ ثلاثمائة مليون من الناس يعيشون عشرة أيام في حالة هياج؛ ما من مكان نذهب إليه إلا ونسمع حديثا عن هذه المعركة، وعن ما جرى فيها، وعن تفاصيلها.
فعادة الحوادث تُلغي بعضها بعضا، لو أنه حدثت معركة الآن ثم حدثت معركة غدا فمعركة الغد ستُلغي المعركة التي حدثت اليوم.
بيننا وبين ما جرى في كربلاء في سنة 61 للهجرة النبوية الشريفة آلاف المعارك أقلها وأقول أقلها الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وفي الحرب العالمية الثانية قتل سبعون مليون إنسان ودمّرت مدن بأكملها ولكن لا يوجد الآن من يتحدث عن الحرب العالمية الثانية بقدر عشرة أشخاص على وجه الكرة الأرضية.
في المقابل هناك أربعة ملايين حسينية في العالم كلها تتحدث هذه الأيام عن الحسين وأصحاب الحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
إنّ ذكرى سيد الشهداء عليه السلام لا تغيب عنها الشمس، فقد يذكر عليه السلام في هذه الأيام من أولكن في نيوزلندا إلى أوتاوا في كندا، وكذلك في أول مدينة تشرق عليها الشمس إلى آخر مدينة تغرب فيها الشمس؛ فهنالك ذكر للحسين عليه السلام في المساجد والحسينيات والشوارع والأزقة وفي البيت وفي المحلات.
كيف أنّ هذه الحادثة الصغيرة غيّرت وجه التاريخ، لماذا؟ ما هو السر في هذا الحادث؟
ثلاثة وسبعون من الرجال وبعضهم أطفال قتلوا من معسكر أهل البيت عليهم السلام.
لقد حدثت حروب كثيرة في العراق وخارج العراق، والحال أنّ العراق مهد هذه المعركة.
كم من الحكومات تبدّلت وتحوّلت وكم من الحكومات سقطت، وكم تطورت الأحداث هناك؛ لكن كل هذه نسيت إلاّ حادثة عاشوراء، فإنّها تُذكر في كل مكان، كأنّ الشمس تقول: يا حسين؛ والقمر يقول: يا حسين؛ كأن الجدران تقول: يا حسين؛ كأنّنا في كل مكان نسمع اسم الحسين عليه السلام.
كيف؟ ولماذا؟
فضلاً عن أنّ في يوم عاشوراء هنالك عطلة رسمية لمليار و200 مليون إنسان.
وذلك في عموم الهند وباكستان وايران وآذربايجان والعراق ولبنان والبحرين.
فإذا جمعنا عدد هؤلاء الذين يسكنون في هذه الدول مليار ومئتين مليون إنسان لديهم عطلة رسمية وعزاء على الإمام الحسين وأصحابه عليهم السلام الذين قتلوا في يوم عاشوراء سنة 61 للهجرة.
نعم، الناس عادة ما يأخذون ذكريات بعض الأمور، لكن لم نر ذكرى مؤلمة وحزينة.
فالناس غالباً في أول السنة الميلادية بمناسبة ميلاد السيد المسيح والدخول في السنة الجديدة، يحيون هذا اليوم وذلك اليوم هو العيد وفيه احتفالات؛ لكن المناسبة الحزينة التي يحيون الناس فيها ذكرى المصائب التي جرت على سيد الشهداء عليه السلام وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين الوحيدة هي في عاشوراء، في محرم الحرام.
لنقرّب الموضوع أكثر:
العجيب في الناس أنّهم لا يشترون الجرائد القديمة، التي صدرت في يوم أمس، بل يشترون الجرائد والصحف التي تصدر اليوم.
فهم لا يستخدمون الجرائد التي مضى عليها يوم واحد إلا لتنظيف الزجاج أو يتم استخدامها كالسفرة، لأن الخبر لا يُسمع مرتين، فإذا سمع الإنسان خبراً مرة واحدة، لا يسمعه مرة أخرى.
في حين نرى أنّ الناس يأتون إلى الحسينيات وإلى المساجد وإلى مجالس العزاء والهيئات والتكيات ليسمعوا خبر الحسين عليه السلام، ليسمعوا أخبار يوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة.
فلماذا الشباب والرجاء والنساء يجتمعون في الحسينيات والمساجد، وليس الناس المستمعون أقل معرفة بما جرى على الإمام الحسين وعلى أصحابه عليهم السلام من الخطباء أنفسهم؟
فإنّه يريد أن يسمع عن علي الأكبر وعن القاسم وعن عبد الله الرضيع عليهم السلام ويريد أن يسمع عن حبيب بن مظاهر رضوان الله تعالى عليه، مع معرفته بهؤلاء الشخصيات البارزة؛ لكن يريد أن يسمع.
لماذا؟: لأنّ المعزين لا يتفاعلون مع الموضوع كخبر، بل التفاعل مع الموضوع بشكل آخر مختلف تماماً، فهذه الحادثة تثير فيه كوامن معينة وخيّرة، فإنه يريد أن يسمع الخبر الذي سمعه؛ من اليوم الذي كان صغيراً في حضن أمه وأمه ترضعه وتبكي على الحسين عليه السلام وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون، أمه تسمع ذكر الحسين عليه السلام وهو في بطنها.
ويخرج في اليوم الذي كان صغيرا ويشارك في العزاء الحسيني، وهو الآن كبير في العمر والسن يأتون به إلى مجلس الإمام الحسين عليه السلام ليسمع ذكر الحسين عليه السلام مع تفاصيلها فضلا عن معرفته بها، أين يكمن السر في هذه الحادثة القصيرة من حيث الزمن؟
والتي كانت نتائجها قليلة أيضا كمأساة، فإذا نتحدث عن القتل، فالقتل بعد الحرب العالمية الثانية بعد انتهائها حدثت مئة حرب في العالم إلى الآن.
وبعضها كانت في مناطقنا الإسلامية وطحنت أناساً وطمرت مدناً لكن انتهت ولا يريد أحد أن يسمع عنها شيئا.
عاشوراء تزداد حماسة عند الناس في كل مكان، في بقاع الأرض، ذكر الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم أفضل الصلاة والسلام في كل مكان، ذكر عاشوراء في كل مكان، ذكر كربلاء في كل مكان، ذكر الطف وملحمتها في كل مكان.
عاشوراء معجزة الخلود
معركة بين الحق والباطل
اليوم نحن الشيعة لسنا طائفة، ومع الأسف ما زلنا نذكّر أنفسنا كطائفة خمسة عشر ألفاً أو ثلاثين ألفاً؛ بل نحن أمة، واليوم نحن لسنا أقل من ثلاثمة مليون، كل هؤلاء يتفاعلون مع هذه الحادثة في عشرة أيام من محرم الحرام، ويحرّمون على أنفسهم أسباب الفرح في هذين الشهرين، فعادة لا أحد يتزوج في شهري محرم وشهر صفر إلى ما بعد الأربعين وإلى نهاية صفر وبعده بعشرة أيام كذلك، والنساء لا تتزين أيضاً، والرجال لا يفرحون، وعادة الناس كلّهم يلبسون السواد.
فهناك حالة مختلفة في أمة بأكملها قوامهم ثلاثمئة مليون نسمة، وهنالك من الناس من لا يعرف عن نفسه انتماءه إلى هذه الأمة، لكن فقط يعرف شيئين وهو الحسين عليه السلام وعاشوراء.
لقد ذهب جماعة من المؤمنين إلى جزر القمر – فهذه تسمى جزء القمر أو الكومور باللغة الانجليزية لكن هي نسبة إلى القمر – لأنها واقعة في عرض المحيط، فإذا كان القمر موجوداً فوقها مباشرة كانت تضيء هذه الجزيرة في العهد الذي لم تكن هناك شيء يسمى بالكهرباء، فكان سكان الجزيرة يستضيئون في الليل بنور القمر، وإلا لم تر في عرض المحيط لذلك شيئاً فانتسبت هذه الدولة إلى القمر وسميت جزر القمر.
فبعض الأخوة يقولون: التقينا ببعض الناس فقلنا لهم ما هو دينكم ما هو مذهبكم؟ قالوا نحن مسلمون بعض الشيء؛ قالوا: ما هو اختلافكم؟ فقالوا السكان: عندنا يوم يسمى عاشوراء، ففي هذا اليوم ممنوع علينا الأكل والشرب لا نعمل أي شيء ولا نشتغل في الأسواق أيضاً، لكننا لسنا صائمين، ويسمى هذا اليوم عندنا بعاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم الحرام في كل عام.
ما هي الجاذبية في عاشوراء؟ ما هو السر في هذه الحادثة؟ ما هو الخلود في محرم وعاشوراء؟
أولا: السر الأساسي هو في شخصية الإمام الحسين عليه السلام؛ بكل المقاييس الإمام الحسين عليه السلام واحد من أعظم الرجال الذين خلقهم الله عز وجل.
فإذا أخذنا ورقة وكتبنا فيها تاريخ الأمم العظماء وكتبنا أسماء عظمائهم فلا نرى من هو أعظم من الحسين عليه السلام؛ لا العالم الفلاني، ولا الفيلسوف الفلاني، ولا الثائر الفلاني، ولا غيرهم من أبطال الأمم جميعاً.
فسيد الشهداء عليه السلام هو أعظم إنسان خلقه الله على الأرض، في هذه الأمة وباقي الأمم. بكل المقاييس.
فكل أسباب العظمة التي موجودة عند عظماء الأمم فهي موجودة في الإمام الحسين عليه السلام والأسباب التي اجتمعت في الأنبياء جميعا عليهم السلام موجودة في الحسين عليه السلام.
لماذا نقف مقابل ضريح الإمام الحسين عليه السلام ونقول السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله؟ لماذا نقول السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله؟ لماذا؟
فقد تلخّصت شخصيات هؤلاء كلهم في الإمام الحسين عليه السلام.
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاط».(كامل الزيارات:52)
إنّ الإمام الحسين عليه السلام هو حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه الأصغر فدم النبي كان يجري في عروق الإمام الحسين عليه السلام والإمام الحسين عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ والنبي من الحسين عليهما السلام لأنّه الإسلام بقي بالحسين عليه السلام.
لكن هناك نكتة مهمة لا بأس بذكرها، وهي أنّها:
لو لم يكن الحسين عليه السلام موجودا لما كان وجود للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك.
فشخص الإمام الحسين عليه السلام ليس بالسهل؛ وهو ليس شخصاً عادياً وبسيطاً، فضلاً عن أنّ الإمام الحسين عليه السلام مختلف عن بقية الأنبياء، في انه مشى إلى موته.
فالموت نوعان: موت يأتي إليك، وهذا موت الذلة؛ وهو موت جميع الناس والحيوانات كذلك.
أمّا الموت الثاني: فهو الموت الذي تذهب إليه، الموت الذي تعرفه حق المعرفة وأنت متوجه إليه، وليس هناك شك في موتك.
هناك أنبياء كثيرون قاتلوا، وقاتل معهم أشخاص كثيرون، لكن في تلك المعارك لم يكن الموت أكيداً بالنسبة لهم، بعضهم كانوا يقتلون، وبعضهم كانوا ينجون من الموت.
لكن المعركة التي ذهب إليها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام كانوا يعلمون أنّ لا رجعة من هذه المعركة، وأنّ نهايتها الشهادة.
فالموت الذي يذهب إليه الإنسان برجله يزيّنه؛ أمّا الموت الذي يأتي إليك فهو يخلصك من هذه الحياة الدنيا الدنيئة.
إذا نظرنا إلى الإمام الحسين عليه السلام عندما خرج من مكة المكرمة على مشارفها قبل أن ينطلق في الصحراء خطب خطبته المعروفة.
فقال عليه السلام: «خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلاَدَةِ عَلَى جِيدِ الْفَتَاة».(نزهة الناظر وتنبيه الخواطر:86)
فالقلادة هي لتزيين الفتاة، من عادة المرأة حينما تلبس الذهب أنّها تنظر إلى أهم شي وهي القلادة؛ لأنّها مرتبطة بصدرها ورقبتها، فمن الممكن أنّ الذهب الذي في يديها أو الخلخال الذي في رجليها لا يُنظر إليه، ولا تتوجّه النساء إليها، لكن بالنسبة للقلادة فهي التي تزيّنها.
يقول عليه السلام: خط الموت على ولد ادم؛ فهنا عليه السلام لا يقصد كل أنواع الموت، بل يبيّن أنّ الموت الذي يمشي الإنسان إليه برجله.
فقال عليه السلام: «خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلاَدَةِ عَلَى جِيدِ الْفَتَاة وَمَا أَوْلَهَنِي إِلَى أَسْلاَفِي اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إِلَى يُوسُف».
بعد ذلك يقول عليه السلام: «وَخُيِّرَ لِي مَصْرَعٌ أَنَا لاقِيهِ كَأَنِّي بِأَوْصَالِي تَقَطَّعُهَا عُسْلاَنُ الْفَلَوَات».(نزهة الناظر وتنبيه الخواطر:86)
فالتشبيه أنّه مجموعة ذئاب جائعة حصلت على طير مكسور الجناحين، فماذا تفعل هذه الذئاب بهذا الطير؟
تتنافس فيما بينها في تقطيع هذا الطير؛ فقال عليه السلام: «تَقَطَّعُهَا عُسْلاَنُ الْفَلَوَات بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلاَءَ فَيَمْلأَنَّ مِنِّي أَكْرَاشاً جُوفاً، وَأَجْرِبَةً سُغْباً لاَ مَحِيصَ عَنْ يَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ، رِضَى اللهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ، نَصْبِرُ عَلَى بَلائِهِ وَيُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِين».(نزهة الناظر وتنبيه الخواطر:87)
فهو ذاهب إلى الموت!
هذا الموت هو الموت الذي رآه في الرؤية الصادقة، جدّه صلى الله عليه وآله وسلم حينما رآه في المنام قال له: «وَإِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَاتٍ لاَ تَنَالُهَا إِلاَّ بِالشَّهَادَة».(أمالي الصدوق:152)
فهذه الشهادة مختلفة عن غيرها.
إنّ هناك من جاء بشبهة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وكيف الحسين يذهب إلى الموت وإلى أرض المعركة وهو يعلم أنّه يموت بيد عصابة ويفعلون به ما يفعلون وغير ذلك من الشبهات.
فهذه بعض الشبهات التي يلقاها إبليس في أذهان الذين يريدون التشكيك في سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيد شباب أهل الجنة ابن علي وفاطمة عليهما السلام والتشكيك في مواقفه الشريفة.
فالحسين عليه السلام هو الشخص العظيم الأول في التاريخ الذي يذهب برجليه إلى الموت وهو يعرف ما الذي سيفعلون به وهو حي.
وفي الأحاديث الشريفة الواردة عندنا أنّ الإمام الحسين عليه السلام قتل صبرا.
وقتل صبراً: يعني قطّعوه وهو حي، وأنّ جسمه يحسّ وفي عروقه الحياة والدم يجري في جسده وقد قطّعوه.
إنّ الإنسان بعد ما يُقطع رأسه، يرى نفسه لمدة 7 إلى 15 ثانية، فأنّه يرى ذبح نفسه؛ وأنا لا أعلم هذا الرعب الذي يحسه الإنسان ذلك الحين كيف هو! لكن أعلم أنّ الحسين عليه السلام قطّع جسدّه ورأسه سلام الله عليه وهو حي ويرى.
فهؤلاء القوم السلفية والوهابية الذين يذبحون الناس بقساوة القلب هم أبناء أولئك القوم الذي ذبحوا الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأولاده عليهم السلام!
فإنّ الموت الذي ذهب إليه الحسين عليه السلام ليس ادعاء، ولا صبره ادعاء.
كل إنسان لا يخاف من شيء مثلما يخاف من الموت.
كل أنواع الخوف تنتهي إلاّ الخوف من الموت، ولذلك من لا يخاف من الموت لا يُخيفه شيء على الإطلاق.
إنّ الناس تخاف من المرض لأنّه من الممكن أن يؤدي إلى الموت، وكذلك تخاف من أي عمل يؤدي إلى الموت.
فإذا كان الإنسان لا يخاف من الموت، فإنّه لا يخاف من أي شيء آخر.
والإمام الحسين بدمه وقّع على كل صفاته الحسنة؛ على صبره، وشجاعته، وأخلاقه، وعطائه؛ وعلى كل ما يذكر من صفات للعظماء.
فهناك جانب غيبي لشخصية الإمام الحسين عليه السلام.
فعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام قَالَ: «نَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام وَهُوَ مُقْبِلٌ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ وَقَالَ: إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَبْرُدُ أَبَداً، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: بِأَبِي قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ، قِيلَ: وَمَا قَتِيلُ كُلِّ عَبْرَةٍ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ؟ قَالَ: لاَ يَذْكُرُهُ مُؤْمِنٌ إِلاَّ بَكَى».(مستدرك الوسائل:10/318)