قصر قمارش .. رائعة قصر الحمراء
قصر قمارش أحد مباني قصر الحمراء بمدينة غرناطة وهو رائعة معمارية تمثل قمة ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في الأندلس. وقصر قمارش هو المقام الرسمى لملوك غرناطة، وسمى بقصر قمارش نسبة إلى البهو الفخم الذى يقع تحت برج قمارش، والذى كان يعقد فيه السلطان مجالسه الرسمية، وكان به مجلس العرش.
إنشاء قصر قمارش
بدأ بإنشاء قصر قمارش السلطان أبو الوليد إسماعيل (713هـ - 725هـ / 1314م - 1325م)، في بداية القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادى، ثم أكمله من بعده ولده السلطان أبو الحجاج يوسف (733هـ / 755هـ - 1333هـ / 1354م) الذي أنشأ برج قمارش وبهوه، كما أنشأ جناح الحمامات السفلي القريب منه، ثم أنشأ ولده محمد الغني بالله (755هـ / 793هـ - 1354م / 1391م) بهو البركة، وأنشأ قصر السباع.
وأروع ما فيه زخارف قبته التي احتفظت بنقوشها الأصلية؛ أما نقوش الجدران،فإنها مع جمالها ليست إلا تجديدًا مقلدًا لنقوشها القديمة، قام بها الفنانون الإسبان. وقد وردت فيها العبارة الآتية مكررة: "عز لمولانا السلطان أبى الحجاج"، وتخللها في سائر جوانبها شعار بني نصر المشهور، وهو: "ولا غالب إلا الله".
وصف قصر قمارش
قصر قمارش هو الجناح الأول في قصر الحمراء وأول ما يرى الزائر، وهو مقر الإقامة الرسمي للملك، تتقدمه الساحة المعروفة "بفناء البركة" Patio de Al-Berca، أو فناء الريحان، وهى عبارة عن فناء كبير مستطيل مكشوف، تتوسطه بركة من الماء تظللها أشجار الريحان.
ويفضى فناء الريحان من ناحيته الشمالية إلى بهو صغير به قبلة زُيِّنت بنقوش بديعة، ويفضى هذا البهو الصغير بدوره إلى أعظم وأفخم أبهاء الحمراء، وهو بهو قمارش، أو بهو السفراء Salon de Embajadores كما يسميه الإسبان.
وبهو قمارش أو بهو السفراء يُعدُّ أضخم أبهاء قصر الحمراء سعةً، فهو عبارة عن بهو مستطيل، طوله ثمانية عشر مترًا وعرضه أحد عشر، تعلوه قبة خشبية شاهقة يبلغ ارتفاعها ثلاثة وعشرون مترًا، وقد حفرت زخارفها على شكل النجوم، وزخرفت جدرانها على نفس الطراز، وفى هذا البهو كان يعقد مجلس العرش، ولهذا سمي أيضًا بالمِشْوَر. ويعلو بهو قمارش، البرج المسمى بهذا الاسم (برج قمارش) وهو برج شاهق في مثل مساحته.
وقصر قمارش يتكون من مجموعة من المباني الملحقة والتي تقع حول فناء الريحان، بممرات ذات أروقة في أطرافه، وتقع في الشمال قاعة البركة و بهو السفراء، الذي يحتل الجزء الداخلي من برج قمارش، من حيث يبرز وادي الدارّو.
أراد أبو الحجاج يوسف الأول أن يبهر زائريه بزخارف مقر إقامته الرسمي، ولذا أمر بتزيينه بطريقة رائعة، على الرغم من احتمال ألا يكون قد رأى هذا العمل بعد اكتماله، حيث أن العديد من النقوش تنسب كتابتها إلى ابنه محمد الخامس الذي أنهى هذا العمل، وبالإضافة إلى ذلك قام ببناء واجهة على الجانب الجنوبي لباحة الغرفة المذهبة.
نجد في هذه الواجهة بابان أماميان متشابهان، وسطح مقرمد فوق عارضة (زكلة) من السيراميك، وزخارف من الجص. بالأعلى نجد نافذتين متطابقتين بأقواس ذات جوانب مرتفعة ومزينة بأكليل من الزهور، وتوجد نافذة أخرى صغيرة في المنتصف محاطة بكتابات قرآنية.
كل الجدار مزين بزخارف غاية في الجمال والعديد من الكتابات التي تقول "ولا غالب إلا الله". وعلى إفريز الخشب المنحوت يمكننا قراءة أحد القصائد التي تركها ابن زمرك منقوشة في القصر النصري.
الباب الأيسر من هذه الواجهة يقودنا إلى قاعة مزخرفة بالجص وذات إفريز بقباب مقرنصة وسقف ذو عقدة مطلاة يعود لعصر الملوك الكاثوليك، وبنقش يشير إلى تسلم غرناطة.
الغرفة المذهبة
الغرفة المذهبة هي جزء من قصر قمارش، وأطلق عليها هذا الاسم بسبب بطانة سقفها الخشبي التي أعيد طلائها على طراز الفن المعماري الأندلسي، وقد أمر محمد الخامس ببنائها. نجد في مدخلها رواق معمد ذي ثلاثة أقواس فوق أعمدة، وتيجان من الرخام تعود للقرن الثاني عشر الهجري.
وعلى اليسار نجد قوس صغير متصل بالمِشوَر وفي الداخل يوجد قوس آخر مزين بقباب مقرنصة ومشربيات، ومحاط من جهة جوانبه بقوسين آخرين صغيرين، وهو يتصل بغرفة صغيرة مغطاة بسقف من الخشب المزخرف عليه رسومات على الطراز القوطي، وترس الملوك الكاثوليك وشعارهم. وعلى الحائط الأمامي للقاعة نجد شرفة بتاج عمود مسيحي تحت إفريز من القباب المقرنصة. ويزين تاج العمود بنفس الشعارات الملكية.