الاصغاء فعل محبة ..!
ان الحديث متعة..متعة كبيرة...والاستماع متعة....متعة كبيرة.
ولكن أغلب الناس لا يتذوقون هاتين المتعتين
كما يقول الصحفي والكاتب القدير(احسان عبد القدوس) أو لا يدرون كيف يتذوقونها.
وفي كل الاجتماعات،أو الزيارات،تجد كل اثنين من المدعوين يتحدثان في موضوع على حدة.
فاذا كان هناك عشرة مدعوين،تجد ان هناك خمسة مواضيع.على الاقل،
تبحث في وقت واحد.
والحديث الممتع ليس هو الحديث الذي يدور حول سيرة الناس.وليس هو الحديث الذي
يثير الضحكات
وتتخلله نكات مفتعلة.وخفة دم متعمدة ابداً .
ان الحديث الممتع هو الذي يدور حول موضوع يهم السامعين وهي كثيرة.كثيرة جدا.
ان الطريق دائما مفتوح للولوج إلى قلب أي إنسان اذا وجد المفتاح المناسب.
والمفتاح هو الموضوع الذي يهمه.وحتى تتمكن من استخدام المفتاح(الموضوع)
تحتاج مساعدة.المساعدة هي الاصغاء.الاصغاء فن لا يقل أهمية عن فن الحديث،
وهو حدث نادر بين الناس،
وليس في امكانك أن تصغي للكلمة التي يقولها الاخر أذا كان أهتمامك محصورا
في مظهرك أو في دافعك إلى التأثير على مخاطبك،
وأذا كنت مشغولا في أعداد كلماتك إلتي ستقولها فور انتهاء كلام محدثك،
واذا كنت تفكر في داخلك اذا كان حديثه مقبولا أو صحيحا..
فهذه الامور على اهميتها تأتي بعد الاصغاء الكامل إلى ما يقوله الآخر!
أن الاصغاء فعل محبة،فيه يسلم المرء ذاته لكلمة الآخر حب واحترام،
أذكر قصة قديمة قرأتها منذ زمن بعيد وبقيت راسخة في ذهني ربما لانها تتكرر كل يوم.
في جلسة عائلية حاول الضيف ان يروي حكاية.
ما ان قال السطر الاول حتى قاطعه وصول ضيف متأخر.بعد الترحيب وكلمات المجاملة.
أستعد لاكمال الحكاية...
بدأ يعيد السطر الاول.طلب احدهم فنجان قهوة.علقت اخرى على شيء ما.
أستحسن آخر طعم الكعك المصنوع محليا.
وتوالت المقاطعات غير المتعمدة والتي يظن اصحابها انها ضرورية لابقاء جذوة الحديث مشتعلة.
مع عدم وجود حديث أصلا..
في نهاية السهرة قالت ربة المنزل: تبدو قصتك مشوقة سنكون سعداء اذا حكيتها لنا في المرة القادمة .
الكل يريد ان يحكي..الكل لديه ما يقوله،غافلا عن ان الغرض من الحديث.أي حديث
هو تقريب المسافات بين البشر. مد الجسور لا تحطيمها.
الفهم والتفهم.المتعة والمساعدة.وحين تغادر مكان ما.حفلة أو محاضرة أو مقابلة أو جلسة عائلية.
ستتذكر شيئين لا ثالث لهما.لقد قضيت وقتا ممتعا.أو لقد اضعت وقتي.