مناخ الارض كان دائما في حالة تغيير مستمر منذ بداية التاريخ وذلك وفقا للبيانات المستقاة من السجل الجيولوجي وعينات الجليد وغيرها من المصادر ، ومع ذلك منذ ان بدأت الثورة الصناعية في اواخر عام 1700 والمناخ قد تغير في العالم بطريقة سريعة وغير مسبوقة ، فمنذ عام 1880 ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية حوالي 0.8 درجة مئوية وفقا لوكالة ناسا ، ومن المتوقع ان ترتفع درجات الحرارة ما بين 1.133 - 6.42 درجة مئوية على مدى مئات السنين القادمة وفقا لوكالة حماية البيئة .
فزيادة معدل الاحتباس الحراري المستمر يؤدي الى زيادة الدفء وارتفاع درجات الحرارة في العالم كله وليس في اماكن معينة على سطح الارض ، ويقول عالم الغلاف الجوي الدكتور آدم سوبل ان الموجات الحارة وزيادة درجات الحرارة العالمية له تأثير كبير على البيئة مثل ذوبان القمم الجليدية القطبية ، رفع مستوى سطح البحر وزيادة اشكال الطقس الخطيرة والشديدة ، لذلك ففهم اسباب ظاهرة الاحتباس الحراري هي الخطوة الاولى للحد من آثارها .
تأثير الصوبة الزجاجية :
مناخ الارض هو نتيجة التوازن بين كمية الطاقة الواردة من الشمس والطاقة التي تشعها الى الفضاء ، والطاقة الوادرة من الشمس هي عبارة عن الاشعاع الشمسي الذي يضرب الغلاف الجوي للارض في شكل الضوء المرئي ، بالاضافة الى الاشعة فوق البنفسجية والاشعة تحت الحمراء وهي غير مرئية للعين البشرية ، والاشعة فوق البنفسجية هي الاشعة التي لديها اعلى مستوى من الطاقة من الضوء المرئي ، بينما الاشعة تحت الحمراء لديها المستوى الاضعف من الطاقة ، ويذكر انه يتم امتصاص بعض من اشعة الشمس الواردة في الغلاف الجوي للارض المحيطات وسطح الارض ، والاشعة تحت الحمراء ذات الطاقة المنخفضة يتم انعكاسها مرة اخرى الى الفضاء .
ومن اجل استقرار درجة حرارة الارض ينبغي ان تكون كمية الاشعاع الشمسي تعادل تقريبا كمية الاشعة تحت الحمراء التي تنعكس الى الفضاء مرة اخرى ، ووفقا لوكالة ناسا فان قياسات الاقمار الصناعية بينت ان الغلاف الجوي يعكس الاشعة تحت الحمراء الى الفضاء بنسبة تعادل 59% من الطاقة الشمسية الواردة الى الارض .
وكما تغير الغلاف الجوي للارض ، فان مقدار الاشعة تحت الحمراء التي تترك الغلاف الجوي وتنعكس الى الفضاء فانها ايضا تغيرت ، فمنذ الثورة الصناعية زادت كمية حرق الوقود الاحفوري مثل الفحم ، النفط والبنزين بشكل كبير مما ادى الى زيادة نسبة ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي للارض بحسب ما افاد مرصد ناسا .
روابط إعلانية
وجنبا الى جنب مع غيره من الغازات مثل غاز الميثان واكسيد النيتروز فان ثاني اكسيد اكربون والغازات الاخرى قامت بعمل ما يشبه غطاء كثيف يمتص الاشعة تحت الحمراء ويمنعه من مغادرة الغلاف الجوي ، والاثر الصافي لهذه العملية تسببت في الزيادة التدريجية في درجات حرارة الغلاف الجوي وسطح الارض .
ولهذا تشبه عملية الاحبتاس الحراري ما يحدث في الصوب الزجاجية التي تسمح بمرور الاشعة فوق البنفسجية والاشعاع المرئي لاشعة الشمس ولكن تمنع انعكاس الاشعة تحت الحمراء الى الخارج مرة اخرى مما يسبب في ارتفاع درجات الحرارة داخل الصوبة الزجاجية ، وهذا ما يحدث في الواقع فلا تتمكن الاشعة تحت الحمراء من الانعكاس مرة الى الفضاء مما يجعلها تبقى محاصرة بين سطح الارض والغلاف الجوي مسببة الاحتباس الحراري حتى في ابرد اوقات فصل الشتاء .
غازات الاحبتاس الحراري :
هناك العديد من الغازات في الغلاف الجوي للارض والمعروفة باسم غازات الاحتباس الحراري لانها تزيد من تفاقم ظاهرة الاحتباس مثل غاز ثاني اكسيد الكربون ، الميثان ، اكسيد النيتروز ، بخار الماء والاوزون هي من بين اكثر الغازات انتشارا .
وليست كل تلك الغازات مسببة للاحتباس الحراري بنفس الدرجة ، فمثلا غاز الميثان الذي يتم انتاجه من خلال الممارسات الزراعية مثل ادارة السماد الحيواني وكذلك غاز ثاني اكسيد الكربون الذي ينتج نتيجة العمليات الطبيعية مثل التنفس وكذلك من حرق الوقود الاحفوري ، ولكن يجب ان نعلم ان هذه الغازات المنبعثة ليست جميعا على نفس القدر من المساواة في التأثير في ظاهرة الاحتباس الحراري ، فغاز الميثان على سبيل المثال اكثر فعالية في ظاهرة الاحتباس الحراري بحوالي 20 مرة من الاشعة تحت الحمراء ومن ثاني اكسيد الكربون وفقا لوكالة حماية البيئة .
ويظل غاز ثاني اكسيد الكربون من الغازات الاكثر انتشارا في الغلاف الجوي للكرة الارضية ، ففي عام 2012 بلغت نسبة ثاني اكسيد الكربون حوالي 82% من الغازات المؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري ، حيث ان معدل حرق الوقود بمعدل مرتفع يزيد ويزيد من نسبة ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي وهو ما يؤدي الى زيادة ظاهرة الاحبتاس الحراري .
الميثان هو ثاني الغازات الاكثر انتشارا في الغلاف الجوي حيث يشكل نسبة تصل الى 9% من اجمالي الغازات المؤثرة في الغلاف الجوي للارض ، ووفقا لوكالة حماية البيئة فان التعدين ، استخدام الغاز الطبيعي ، مقالب القمامة وتربية الحيوانات هي بعض الطرق التي تؤدي الى اطلاق غاز الميثان في الغلاف الجوي ، فالانسان في النهاية هو المسئول عن 60% من غاز الميثان الموجود في الغلاف الجوي للارض .
وعلى الرغم من ان غاز ثاني اكسيد الكربون وغاز الميثان غالبا ما يلقى عليه باللوم في ظاهرة الاحتباس الحراري ، الا ان دراسة نشرت في عام 2013 تشير في الواقع الى ان مركبات الكلوروفلوروكربون هي ايضا سبب رئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري ، وهذه المركبات يتم استخدامها في المبردات بالاضافة الى انها تسبب ضررا كبيرا لطبقة الاوزون .
الاسباب الطبيعية مقابل الاسباب البشرية :
شملت التغيرات المناخية التاريخية للارض العصور الجليدية ، فترات ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الاخرى في المناخ على مدى قرون عديدة ، بعض هذه التغيرات سببها كمية الاشعاع الشمسي الذي يضرب كوكب الارض ، كما ان الانخفاض في النشاط الشمسي ايضا يعتقد العلماء انه قد تسبب في العصر الجليدي الصغير وهي كانت فترة تشهد برودة غير عادية في المناخ استمرت من عام 1650 حتى عام 1850 وفقا لوكالة ناسا ، ولكن لا يوجد دليل حتى الان الى ان الزيادة في النشاط الشمسي يمكن ان تكون مسئولة عن الزيادة في درجات الحرارة العالمية .
وبعبارة اخرى يمكن القول انه لا يوجد اسباب طبيعية يمكن ان تكون سببا في ظاهرة الاحتباس الحراري ، بل ان الانسان يعد مسئولا مسئوولية كاملة عن ظاهرة الاحتباس الحراري .