هذه القصه تحكى عن طائر العندليب ذو الصوت العذب والامبراطور الصينى العظيم صاحب القصر الضخم والحدائق الواسعه الفريده من نوعها ، وعن اعجابه الشديد بطائر العندليب الصغير .
والذى يميز هذه القصه هى التفاصيل الدقيقه فى سرد الحكايه من خلال وصف القصر والحدائق والطبيعه وكثير من التفاصيل التى تجعلك تتخيل ما تقرأه وتشعر وكأنك تعيشه ،اتمنى لكم قراءه ممتعه.
كان الامبراطور الدى يحكم الصين القديمه لديه قصر رائع الجمال بل هو الاكثر جمالا فى العالم وكان مصنوع بالكامل من اجمل انواع الخزف ، كان للقصر حديقه غايه فى الجمال والروعه وبها زهور جميله ونادره ، وكان معلق بالحديقه اجراس فضيه وكان الذى يمر بالحديقه لابد ان ينظر اليها ويسمع اصواتها الرنانه ، صممت هذه التفاصيل بعنايه وبدقه شديده ، كانت الحديقه واسعه لدرجة ان البستانى نفسه لا يعرف الى متى تنتهى ،اذا ذهبت للمشى ستستمتع بمشاهده الاشجار العاليه والبحيرات العميقه التى تسمح لابحار السفن تحت ظلال فروع الاشجار .
روابط إعلانية
ومن بين هذه الاشجار عاش ( العندليب ) الذى كان يغنى بروعه ، وكان الصيادين يستمعون اليه باستمتاع وباعجاب بصوته العذب الجميل ، وكان يزور الامبراطور المسافرون من كل بلاد العالم ، واستمتعوا برؤية القصر والحدائق ولكن عندما سمعوا العندليب قالوا "هذا افضل من اى شيئ" .
وعندما عادوا الى بلادهم كتب الشعراء اجمل القصائد والكتب التى توصف العندليب والغابات مع البحيرات الزرقاء العميقه ، هذه الكتب ذهبت الى جميع انحاء العالم ، وبعد وقت قصير وصل بعض منها الى الامبراطور ، جلس على كرسيه الذهبى واخذ يقرأ ويقرأ ، كان مسرورا لسماع اوصاف المدينه والقصر والحديقه الجميله لكن عندما قرأ ان العندليب هو افضل الاشياء ، قال الامبراطور " ما هذا الشيئ ؟ لماذا العندليب ؟ انا لا اعرف شيئ عنه ، هل يوجد هذا الطائر فى مملكتى وفى حديقتى الخاصه فى الحقيقه ؟ وهل يعقل انى اكتشف هذا الشيئ من كتاب ؟ ثم دعا كبير الحراس الذى كان يعتنى بشئون الامبراطور .
وقال الامبراطور له: " يقال انه يوجد طائر عجيب هنا يسمى العندليب ويقولون انه افضل شيئ فى مملكتى : لماذا لم يخبرنى احد من قبل ؟".
رد كبير الحراس : " انا لم اسمع عنه من قبل ".
قال الامبراطور : "اتمنى ان يظهر العندليب هذا المساء ليغنى لى ، فكل العالم يعرف انى املك العندليب وانا لا اعرف عنه شيئ ".
قال كبير الحراس : " انا لم اسمع عنه من قبل وسوف ابحث عنه وسأجده ، ولكن اين يمكن ان اجده ؟".
ركض كبير الحراس للطابق العلوى والطابق السفلى وجميع الغرف والممرات وسأل جميع الناس الموجودين فى القصر ولكن لم يكن احد من هؤلاء سمع شيئ عن هذا العندليب .
رجع مره اخرى للامبراطور وقال له ،" انه من الممكن ان تكون هذه القصه غير حقيقه ، وهى مجرد قصه مصنوعه بواسطة الكتاب وانه يجب يا جلاله الامبراطور الا تصدق كل ما هو مكتوب، الكتب غالبا ما تكون غير صحيحه ".
قال الامبراطور :" لكن الكتاب الذى قرأته ارسل لى بوصفى الامبراطور ولهذا لابد ان يكون حقيقى ، انا سوف اسمع العندليب ولابد ان يتم احضاره لى الليله !! واذا لم يتم احضار ه لى سوف اقوم بمعاقبة الجميع بعد العشاء ".
رد كبير الحراس : " كما يحلو لك يا جلالة الامبراطور" .
ركض مره اخرى ومعه اعوانه لان الجميع يريدون ان ينجوا من العقاب و سألوا جميع الموجودين فى القصر وفى النهايه وجدوا خادمه صغيره مسكينه فى المطبخ ، قالت " يا الهى ! العندليب ؟ انا اعرفه جيدا ، انه يغنى كل مساء اسمعه وانا ذاهبه لاطعام امى المسكينه ، فعندما اتعب استرح قليلا بين الاشجار واسمعه وهو يغنى اغنيه حزينه تدمع لها عينى واشعر وكأن امى تقبلنى ".
قال لها الحراس " ايتها الخادمه الصغيره سوف نضمن لكى وظيفه جيده فى المطبخ اذا اخذتينا الى العندليب وجعلتيه يغنى هذه الليله للملك ".
وبعد ذلك ذهبوا جميعا الى الحديقه وانتظروا تحت الاشجار التى عادة ما كان يغنى فيها العندليب ، انتظروا قليل من الوقت حتى بدأ العندليب فى الغناء ، قالت الخادمه "انتبهوا انتبهوا ..انه يجلس هناك ، واشارت الى طائر صغير رمادى اللون بين اغصان الاشجار" ، قال احد الحراس "هذا مستحيل ، انا لم اكن اتوقع انه سيبدو كذلك ، انه طائر عادى ، وكيف كل هذا العدد من الاشخاص مهتمين بمثل هذا الطائر ؟".
قالت الخادمه بصوت هادئ " ايها العندليب ان الامبراطور يتمنى ان تغنى له الليله ".
رد العندليب قائلا " بكل سرور" .
قال احد الرجال " يا له من صوت رنان صافى جميل ، انه من غير المعقول اننا لم نسمعه من قبل ، اعتقد اننا نجحنا فى شيئ عظيم اليوم ،وقال له اتمنى ان تشرفنا بالحضور الليله كى تغنى لجلالة الامبراطور بصوتك الرائع ".
رد العندليب " اتمنى الغناء بين اغصان الاشجار لكن سوف اذهب معكم الى قصر الامبراطور ".
زين القصر للاحتفال بالعندليب واضاءوا المصابيح الذهبيه وتم وضع اجمل الزهور فى الممرات وحضر الجميع لسماع العندليب وهم مرتدين افضل الملابس ، وتحولت جميع الانظار الى العندليب ، غنى العندليب غناءا اكثر جمالا من اى وقت مضى حتى نزلت الدموع من عينى الامبراطور ،الذى اندهش من شدة جمال وعذوبة الصوت ، طلب منه الامبراطور البقاء فى القصر وصنع له قفص ذهبى خاص به وكان حرا فى الخروج مرتين فى اليوم ، وكان الامر غيرممتع بالنسبه للعندليب فهو يحب حياة الحريه بين الاشجار .
وفى يوم من الايام ، ارسل صندوق كبير الى الامبراطور مكتوب عليه من الخارج ( العندليب ) ، وكان يوجد به دميه على شكل طائر العندليب وكانت الدميه مرصعه بالذهب والالماس وكانت مصنوعه على ان تغنى بعض اغانى العندليب ، انبهر الجميع وقالوا انه من الممكن ان يغنوا الاثنين معا فى ثنائى جميل ، وعندما بدأوا فى الغناء معا غنى العندليب الاصلى بجمال وروعه اما العندليب المصنوع لم يستطيع الغناء بنفس الطريقه ، ولكن عندما تنظر له وهو يغنى مع لمعان المجوهرات الموجوده عليه يبدو اكثر جمالا من العندليب الاصلى .
ونظرا لاهتمام الامبراطور بالعندليب الجديد حزن العندليب الاصلى وقرر العوده الى الغابه الخضراء الخاصه به ،غضب الامبراطور منه واتهموه فى القصر بأنه ناكر للجميل ونفى خارج المملكه .
اشاد الموسيقين بالعندليب الماسى الجديد وقالوا انه احسن من العندليب الاصلى من الداخل ومن الخارج ،سمعه الجميع واعجبوا به كثيرا وكانوا سعداء للغايه، وعندما سمعه الصيادين المساكين قالوا " ان صوته جميل ويشبه الاصلى لكن هناك شيئ مفقود لا نعرفه "، كان الطائر الالى بالقرب من سرير الامبراطور وتناثرت عليه الهدايا من الذهب والمجوهرات السمينه .
وفى ليله اثناء استمتاع الامبراطور بالاغانى اهتز العندليب وفجأه توقف عن الغناء ، فزع الامبراطور واستدعى الموسيقين والمصنعين لاصلاحه ،وقالوا انه لابد ان تستخدمه بحرص بعد ذلك وسمحوا له بالغناء مره واحده فى السنه.
مرت خمس سنوات وفى هذه الاثناء قد مرض الامبراطور مرضا شديدا وكان قد اوشك على الموت ، وفى ليله كان يرقد على سريره سمع صوتا جميلا خارج النافذه ، انه العندليب الاصلى قد عاد ، بدأت الحياه ترجع للامبراطور من جديد والدم تحرك فى جسده وسمع العندليب وهو يبكى وشكره وقال له ، اريد ان اقدم لك مكافأه " ، فرد العندليب قائلا " مكافأتى هى دموعك الغاليه مثل اول مره سمعتنى "، وغنى له المزيد والمزيد حتى تعافى الامبراطور تماما وعادت اليه صحته .
قال الامبراطور للعندليب : "يجب ان تبقى معى دائما وتقوم بالغناء لى ، فرد عليه " لا يمكننى بناء عشى والبقاء فى القصر انا سوف اعيش فى الحديقه ".سوف اغنى عن الحياه ،عن الفرح وعن الحزن ، وسوف اغنى عن الخير والشر ، وعن الطيور وعن الصيادين المساكين ، وسوف اغنى عن شعبك وعن القصر ، وعندما تريد ان تسمعنى سوف احضر واغنى لك .
طار العندليب بعيدا ، وبعد ذلك جاء رجال القصر لرؤية الامبراطور وتفاجئوا جميعا لما رأوه واقفا وهو يقول لهم " صباح الخير"، ولسنوات عديده حكم الامبراطور شعبه بحكمه وموده وسعاده كبيره ولا احد يعلم ان العندليب يأتى اليه ليغنى ويخبره عن ما يحدث حوله .