من أهل الدار
تاريخ التسجيل: January-2016
الجنس: أنثى
المشاركات: 24,499 المواضيع: 102
صوتيات:
4
سوالف عراقية:
0
مزاجي: الحمد لله حتى يبلغ الحمد من
آخر نشاط: منذ دقيقة واحدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سراج محمد
في كونية الشعر وأسبقيته على الأجناس الأخرى
مدخل لماهيّة الشعر
لا يمكن محاكمة الشعر خارج زمنه ، بمعنى لا يمكن عكس المفهومات التي توصل إليها الدرس النقدي المعاصر على حقيقية الشعر كمادة إنسانية وكفعل مجرد وملتصق بحياة الإنسان ، ولهذا سأطرح السؤال الآتي للتركيز على عمر الشعر ومدى تعلقه بنا كماكنات حسية قابلة لإنتاجه حتى خارج اشتراطاته التي عدلت جينيا فيما بعد وأصبحت متعلقة بالنخبة ، ما الذي يجعل من الشعر كونيا ؟ بمعنى ، ما الذي يجعل الشعر موجودا في كل الأمم والمجتمعات على اختلاف مشاربها ومغذياتها ولغاتها وبيئاتها وعلى مر الزمن ؟ والإجابة بسيطة وواضحة لكونها متعلقة بطبيعة الشعر من جهة ومن ثم بطبيعتنا نحن البشر ، سأقف على المفصل والرابط البديهي بينهما الذي هو ( الشعور ) ، بمعنى أن الشعر يتلاءم مع الطبيعة البايلوجية للإنسان ، والإنسان بذلك شاعر ( من الشعور ) بشكل بديهي وطبيعي وذلك رتباط الأول ( الشعر ) بانفعالات الإنسان وأسئلته وقلقه ، هذا في الحقيقة هو تبرير أولي لارتباط الشعر بالإنسان بعيدا عن القواعد المفصلة له والمؤسسة لطبيعته في الوقت الراهن ، هكذا يكون الشعر كونيا وملتصقا بواقع البشر ووجودهم ، وبهذا يمكننا القول أن الشعر سابق على النثر مثلا أو سائر الأجناس الأخرى ، وهذا لا يعني أيضا خلو هذه الأجناس الأدبية من الشعر في مادتها الأدبية ، قديما كان الإنسان البدائي يشرع بالغناء حين يقوم بأعماله الحياتية كالعمل والرعي والاكتشاف ، والغناء هو ضرب من الشعر ، هناك رواية - لم تثبت صحتها - أن آدم عليه السلام قال الشعر ، وأن قابيل قال الشعر أيضا ، ولكن ماهو الشعر ؟ هل هو التعبير عما يخالج الإنسان من مشاعر ؟ هل لهذه الكيفية قواعد معينة ؟ نعم هناك قواعد وهذه القواعد متعلقة بشكل القول لا بمادة القول ، دعونا نفصل الحديث عن هذه القاعدة الخاصة بقواعد قول الشعر ، ما معنى شكل القول ومادة القول ، الشكل هو القالب الذي نكتب فيه أو نقول فيه الشعر ، كأن يكون شعرا عموديا أو حرا أو تفعيلة أو قصيدة نثر ، ملاحظة : الشعر الحر ليس هو شعر التفعيلة !!! هذا أمر خاطئ وهو شائع ، يعتقد أن الشعر الحر هو النموذج الذي جاء به السياب وهو ليس كذلك لأن هناك اختلافا بالمفهوم والمصطلح ، ماجاء به السياب هو شعر التفعيلة وهو أن تتحكم بكم التفعيلة وعددها وأن لا تلتزم بقافية محددة ، أما الشعر الحر فهو أن تكتب بلا قيود تذكر وربما هو مشابه لمعنى قصيدة النثر مع الاختلاف بالمعايير ، نرجع الآن إلى مادة القول ، أي الأبيات أو الأنساق الكتابية ( الشعر ) الداخلة في قالب ما ، سنأخذ مثالا :
يقول عبد الأمير جرص :
أطعت نفسي على نفسي وأعترف إني معي دائما في الرأي أختلف
هذا الشكل يسمى بالشعر العمودي ، مادته هو هذا البيت المتألف من تراكيب لغوية دالة ، أقول : النظرة المجردة للشعر لا تعتني بالقالب الذي أطلقت عليه شكلا للتبسيط ، وكذلك لا تعتني بمادة هذا القالب التي هي التراكيب التي تخبر بالمعنى ، وإنما بكيفيات تشكل هذا المعنى وصولا للدلالة ، هل تعقد الأمر ؟ نعم تعقد ، سأفرق الآن بين أمرين جديدين ، طريقة القول وكيفية القول ، أي أن النظرية النقدية معنية بكيف قال الشاعر ما قاله وليس بماذا قال الشاعر ، وهنا تفصيل آخر ومعقد ، وهذه هي النظرة النصية للشعر ، أما النظرات الأخرى فتعنى بطريقة القول وتؤسس قراءاتها على بيانات النص المختلفة ، ستكون هذه مقدمة مضغوطة لأمور أخرى سأبينها تباعا ، وسأبدأ بالتفريق بين نظرية الأدب ونظرية النقد وأبين الفرق بين عملهما ، ومن ثم أشرع بكيفيات قراءة النص على وفق الآاليات المختلفة ، وصولا إلى كيفية التفريق بين الشعر واللاشعر .... يتبع
في أشد السعادة نحن وعظيم الشرف أستاذنا أن جعلتم لنا بعضا من وقتكم الثمين لنقطف قطوف دانية من بحر علمكم
متابعين وكلنا شكر وامتنان