يوم من ايام الغربة - 14
منذ عام 1991 غادرت القطيع
كما ذكرت لكم في مذكراتي في (سجين سياسي)
منذ ذلك الحين انا خارج كل القطعان
واعيش بدون راعي
ليس لي مرجع سياسي ولا رجل دين امشي خلفه
لدي عقلي الذي بقي حرا
لدي خبرتي في الحياة وكل ما عانيته وجربته فيها
لا احقد على انسان لان الراعي امرني بذلك
ولا اناصب العداء بفتوى دينية او حزبية
او شوفينية
اللـــــــه ؟
اعرفه لاني رأيت وجوده وقدرته في مواقف كثيرة
الحق والباطل؟
اعرفهما لاني ما زلت امتلك مبادئ ترسخت في منذ الطفولة
الحلال والحرام؟
بينان لانهما احساس داخلي وليسا نصا موروثا او فتوى
الأنسانية ؟
هي المفهوم الاول الذي يرسخ كل ايماناتك واعتقاداتك تجاه الآخرين
افرادا ومجتمعات
الاعتقاد ؟
هو نتاج التجارب التي تمر بها
لن اتلقى ايمانا واعتقادا لانه موروث
او صرح به رجل دين او سياسة
ليس بيني وبين الله احد فهو حاضر في كل زمان ومكان
ربما سيقول احد ما ان هذا نوع من الالحاد او تهمة ما مما يعج به عصرنا من التهم الجاهزة
على طريقة الاندومي
لكن ضميري ونفسي مرتاحان من امراض العصر
لا تعصف بي احقاد عنصرية او طائفية
ما دمت اعتقد انني حرا فيما افعله يجب ان احترم ما يفعله الآخرون فهو من شأنهم
وما دمت آكل ما يحلو لي من طعام فليس لي الحق ان اعترض على ما يأكل غيري حتى وان لم يعجبني
ما دمت اقول الحقائق كما رأيتها بدون مجاملات
فلن تغير المجاملة حقيقة ما اراه
حريتي تمتد الى حدود حريات الآخرين
ليست هناك حريات مطلقة وليس هناك شئ بلا حدود في هذا العالم
هنا في الغربة
نواجه معظلة كوننا اجانب
الكثير من مواطني هذا البلد يواجهوننا بالعبوس والجفاء
هناك رأيان في ذلك
الاول - انهم عنصريين واغبياء ومغرورين وووو
الثاني - انهم ضاقوا ذرعا بتصرفاتنا الهمجية
لقد جعلنا منتزهاتهم بارات لنا ومكبات لنفاياتنا
وشبابنا
يتجولون في احيائهم لا يتركون مخلوقا بدون ان يتحرشوا به
هذه الحقيقة
احد معارفي في العراق
جاء الى تركيا وهو رجل كبير بالسن وموظف متقاعد
لديه مبلغ من المال بالعملة الصعبة
اراد ان يضعه في البنك باستثمار بالفوائد
قالو له ان نسبة الفائدة السنوية تبلغ 9%
فجن جنونه وبدأ بالسب والشتم
( لانه آني من غير بلد ولانه اني من غير عرق ولانه آني من غير مذهب)
قال له المترجم بكل ادب : يا سيدي هذه لوائح وتعليمات القطاع المصرفي
قال : لا انتم كواويد اني رحت لفلان دولة وانطوني 30% فوائد
قال المترجم: صحيح سيدي ولكننا نسير وفق القوانين وليس لدينا صلاحيات لرفع النسبة
وكانت هناك حفلة من السباب والشتائم
تقبلوها على مضض مراعاة لكبر سنه ولكونه اجنبي
لم تنتهي الا عندما اصطحبنا جماعة امن البنك الى الخارج بكل ادب
صاحبي هذا الى اليوم يتكلم مع الناس في الشارع بلهجة سيئة
ولا يترك مناسبة للسب والشتم الا وينهال عليهم بها
تعج تركيا بـ 6 مليون اجنبي يعملون فيها
و2 مليون لا يعملون يعيشون على مبالغ تصلهم من بلدهم الام او على مساعدات منظمات انسانية
السوريون يمثلون ما يقارب نصف الاجانب
لكنهم هم سبب حقد المجتمع على الاجانب
في عام 2015 وفي اسطنبول وحدها
وخلال 3 أشهر فقط
هناك اكثر من 600 دعوى ضدهم في مراكز الشرطة
بتهم التسليب في ازقة اسطنبول والتسول
قامت السلطات باعتقال المئات منهم وانشأت لهم معسكرا للاجئين
وضعتهم فيه وتمنحهم الطعام والسكائر والملابس والعلاج بدون مقابل
فقط لتخلص من شرهم
يتبـــــــــــــــــع
رد مع اقتباس
