تحتفل روسيا الأحد 25 ديسمبر/كانون الأول بذكرى بالغة الأهمية بالنسبة لتاريخها، تتمثل بمرور 70 عاما على تدشين أول مفاعل نووي سوفيتي.
وشكل مفاعل "إف-1" الذي أنشأه فريق من علماء الفيزياء الروس برئاسة البروفيسور إيغور كورتشاتوف في عام 1946 منطلقا لدراسات الطاقة النووية في مختلف المجالات التي تحافظ روسيا حتى الآن على صدارتها فيها.
وأشار رئيس معهد كورتشاتوف للدراسات، ميخائيل كوفالتشوك، في حديث لوكالة "نوفوستي" الروسية إلى أن بناء وتدشين المفاعل النووي كانا نتيجة لسلسلة قرارات استراتيجية مناسبة اتخذتها القيادة السوفيتية في وقت كانت البلاد تعاني فيها من التداعيات الكارثية للحرب الوطنية العظمى.
ويعود تاريخ المشروع النووي السوفيتي إلى إصدار لجنة الدفاع الوطنية، في الـ28 من سبتمبر/أيلول 1942، مرسوما أوعزت فيه باستئناف العمل المجمد سابقا على دراسة سبل استخدام الطاقة النووية.
وفي فبراير/شباط عام 1943 أصدرت لجنة الدفاع مرسوما آخر يقضي ببدء دراسة استخدام الطاقة النووية لأغراض عسكرية ويكلف بروفيسور الفيزياء إيغور كورتشاتوف بتولي رئاسة البرنامج النووي السوفيتي.
وفي أبريل/نيسان من العام نفسه أنشئ في إحدى ضواحي موسكو "المختبر رقم 2" الأسطوري الذي عمل فيه العلماء السوفيتيون على بناء مفاعلهم.
وأوكلت إلى العلماء مهمة إنشاء المفاعل في غضون فترة قصيرة للغاية، إذ واجهت البلاد ضرورة كسر الاحتكار الذي أحكمته الولايات المتحدة في المجال النووي العسكري بعد قصف هيروشيما وناغازاكي في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
وكان البرنامج النووي السوفيتي يهدف بالدرجة الأولى إلى منع اندلاع أزمة عسكرية يتاح فيها لأي طرف استخدام الأسلحة النووية دون عقاب، علما بأن واشنطن كانت تنظر في إمكانية شن ضربة نووية ضد الاتحاد السوفيتي.
وبالرغم من الصعوبات التي واجهها العلماء السوفيتيون في عملهم، بسبب غياب الخبرة لديهم في بناء المفاعلات النووية ونقص اليورانيوم الذي استخدم كمادة أساسي في مفاعل "إف-1"، تمكن كورتشاتوف وزملاؤه من حل جميع المشاكل الماثلة أمامهم، ليتوج الاختبار الذي أجري في 25 ديسمبر/كانون الأول 1946 بنجاح تام.
يذكر أن القيادة السوفيتية، خلافا عن زملائها الأمريكيين، قرروا عدم تفكيك المفاعل "إف-1" بعد تنفيذه دوره في وضع أساس متين للصناعة النووية في البلاد، وحققت على أساس المفاعل خلال العهود المقبلة العديد من الإنجازات في منتهى الأهمية المتعلقة على وجه الخصوص بتصميم الغواصات وكسارات الجليد النووية في الاتحاد السوفيتي وتدشين أول محطة توليد نووية في العالم بمدينة أوبنينسك في عام 1954.
وفي الوقت الراهن يعتبر أول مفاعل سوفيتي إرثا علميا وتكنولوجيا ليس بالنسبة لروسيا وحدها بل وللعالم برمته، ويفتتح اليوم على أساسه بمناسبة الذكرى الـ70 لتدشينه "متحف إف-1" المكرس لتاريخ المفاعل.
المصدر: نوفوستي