من الطبيعي أن يواجه الفرد منا صعوبة في التعرف الى شخصٍ كان قد سبق له أن التقى به قبل فترة من الزمن، إلاّ أنّ عدم قدرة الفرد على التعرّف إلى أشخاص التقى بهم قبل فترة وجيزة، قد تصل أحياناً لبضع دقائق، يُعد أمراً غريباً.
وفي ما قد يُفسّر ذلك من قبل آخرين على أنه إنكار مفتعل لمعرفته بهم؛ فإنّ العلماء لديهم رأي آخر يقولونه في هذا الشأن.
إذ يقول العلماء إنّ الأسباب الحقيقية التي قد تدفع الفرد أحياناً “لإنكار” معرفته بشخص ما؛ إنما هو عدم قدرته على رؤية وجوه الناس مختلفة، فهو يرى جميع الوجوه متشابهة، وذلك جراء إصابته بمرض “عمى الوجوه”.
ويُعدّ هذا المرض من الأمراض نادرة الحدوث. وبالرغم من أنّ تاريخ تشخيص أول حالة إصابة به يعود لعام 1947؛ إلاّ أنّ المعلومات حوله تُعدّ شحيحةً، وذلك لعدم وجود دراسات كافية في هذا الموضوع نتيجة لقلة عدد الأشخاص المصابين به.
عمى الوجوه: أصدقاء غرباء
تخيل أنك عاجز عن التعرف على أهلك وأصدقائك من خلال وجوههم، فتراهم دون أن تدرك أنهم من عاشرتهم وأمضيت معهم أوقاتاً ممتعة. وتطرح عليهم السؤال: "هل التقينا من قبل؟" تلك هي أعراض عمى الوجوه .
كثيراً ما تواجه المختصة بالمعلوماتية الحيوية والبالغة من العمر تسعة وعشرين عاما، سلفيا تيبمان، مواقف غير اعتيادية نتيجة قدرتها المحدودة على تحديد هوية الوجوه التي سبق لها رؤيتهم.
تلتقي سلفيا مثلاً بزملاء لها في العمل وتعجز لاحقاً عن تمييزهم من خلال وجوههم.
تقول سلفيا: "غضب الطرف الآخر كردة فعل على عدم تذكري له أمر وارد. كما أن هناك من يعتقد أني متكبرة لعدم تمكني من تذكرهم" .
يطلق علماء النفس على هذه الحالة، عمى الوجوه أو عدم إدراك الوجوه
Prosopagnosie.
ويرجع السبب في هذا الخلل إلى مشكلة دماغية في التعامل مع المحفزات، إذ يبدأ مخ الإنسان الطبيعي بتحليل الوجه ما إن يلمحه. فتنطلق المحفزات الدماغية من مناطق محددة فيه إلى الصدغ، أي المنطقة الواقعة خلف العين وأمام الأذن من كل جانب. وتنقسم هذه المناطق الدماغية المثارة عند الالتقاء بوجه إلى ثلاثة: أحدها يحلل الحركات البصرية وتعابير الوجه، وآخر يهتم بمعالم الوجه الثابتة، في حين تحاول المنطقة الأخيرة استعادة الذاكرة والمواقف المُخزّنة فيها المرتبطة بهذا الوجه. ويوضح لوبماير أنه "لابد للأقسام الثلاثة من التفاعل معاً بشكل جيد، تماماً كما في الجوقة الموسيقية، من أجل إتمام عملية إدراك الوجوه بنجاح". أما إذا واجه المخ خللا في هذا التفاعل، فعندها تقع المشكلة.
باختصار اي اصابة لتلك المنطقة المسؤولة عن التعرف على الوجوه (جزء الدماغ الجانبي فوق الاذن ) في الدماغ يسبب هذه الحالة .
ادناه فيديو لمصورة مصابة بهذا المرض ، تعرضت الى ضربة جانبية للرأس فوق منطقة الاذن عندما كانت تعمل في سلك الاطفاء . لا تستطيع تمييز الوجوه ، ترى الجميع بنفس الشكل لدرجة انها لا تستطيع تمييز والدتها و لا تعرفها الا من خلال صوتها او ملابسها .
قامت عالمة نفس بتجربة عليها ، بحيث جعلتها تصور والدتها من عدة نواحي ثم اعطتها الصور و المفاجأة انها لم تستطع التعرف على والدتها من الشكل و انما من خلال معطفها . ايضا لا تستطيع تمميز الوجوه خصوصا عندما تشاهد الافلام و المسلسلات . الاكثر صدمة انها لم تستطع التعرف على شكلها في المرآة .
تخيل أنك تصاب بمرض "عمى التعرف إلى الوجوه"، بحيث لا تستطيع التعرف إلى وجه أحد أفراد عائلتك، أو حتى أنك لا تستطيع التعرف إلى نفسك في المرآة. شعور مرعب .