المفرّغ بهذا الشكل تقرأ
من فحول الشعراء وكان أبوه زياد بن ربيعة حدادا . وقيل : شعابا بتبالة . وتبالة بالفتح هي قرية بالحجاز مما يلي اليمن . ولقب مفرغا لأنه راهن على سقاء من لبن ، فشربه حتى فرغه .[1]
كان يعرف العربية والفارسية، بدأ اتصاله بالبلاط نديماً لسعيد بن عثمان بن عفان، وأصبح بعد ذلك من شعراء البلاط.اشتهر بشعره الساخر من عبّاد وعبيد الله بن زياد بن أبيه. وله شعر في المدح والغزل.[2]
وهجا عبيد الله بن زياد ؛ فأتى وطلب من معاوية قتله ، فلم يأذن ، وقال : أدبه . واستجار يزيد بالمنذر بن الجارود ، فأتى عبيد الله البصرة ، فسقاه مسهلا ، وأركبه حمارا ربطه فوقه ، وطوف به وهو يسلح في الأسواق ، فقال : يغسل الماء ما صنعت وشعري راسخ منك في العظام البوالي .[1]
ومن نسله جاء الشاعر إسماعيل الحميري .
له ديوان شهير باسمه وهو القائل هذا البيت :
العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الملامة
ونقل صاحب المرآة : أن ابن مفرغ مات سنة تسع وستين من الهجرة 69 هـ.[1]
ولما خرج من الحبس اتجه إلى البصرة وتمادى في
هجاء بني زياد والتعريض بانتمائهم إلى أبي سفيان، كقوله:
ألا أبلغ معاوية بن حرب
مغلغلةٌ من الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عَفٌّ
وترضى أن يُقال أبوكَ زانِ
فأشهد أن رِحمَكَ من زياد
كرخم الفيلِ من ولدِ الأتانِ
فطلبه عبيد الله بن زياد أمير البصرة آنذاك،
وكتب إلى الخليفة معاوية في الشام يشكوه إليه، فأمر معاوية بطلبه، فجعل يتنقل في
البلاد حتى لفظته الشام، فأتى البصرة، ولم يجرؤ أحد على إجارته إلا المنذر بن الجارود
العبدي، وكانت ابنته زوجاً لعبيد الله، فلما علم عبيد الله بذلك بعث إلى دار
المنذر بالشرط وأتوه بابن مفرّغ ، فأمر بحبسه وكتب إلى معاوية يستأذنه في قَتله
فكتب إليه معاوية: إياك وقتله، ولكن تناوله بما ينكله ويشد من سلطانك، فإن له
عشيرة هي جندي وبطانتي، ولا ترضى بقتله مني، ولا تقنع إلا بالقود منك.
فأمر عبيد الله أن يطاف بابن مفرّغ في شوارع
البصرة، في قصّة معروفة، ثم ردّه إلى الحبس، ثم حمله إلى أخيه عباد بسجستان،
فتكلمت اليمانية بشأنه عند معاوية فأرسل رسولاً إلى عباد فحمل ابن مفرغ من عنده
حتى قدم على معاوية وهو يقول مخاطباً ناقته:
لعمري لقد نجَّاك من هوّة الردى
إمامٌ وحبلٌ للأنام وثيقُ
سأشكر ما أوليت من حُسن نعمة
ومثلي بشكر المنعمين حقيقُ
ولابن مفرغ أبيات جميلة في النسيب اختارها أبو
تمام في حماسته وهي:
ألا طرقتنا آخر الليل زينب
عليك سلامٌ هل لما فات مَطلَبُ
وقالت تجنبْنا ولا تَقْرَبننا
فكيف وأنتم حاجتي أتجنب
يقولون هل بعد الثلاثين ملعب
فقلت وهل قبل الثلاثين ملعبُ
لقد جل خطب الشيب إن كان كلما
بدت شيبةُ يَعْرَى من اللهو مركبُ