علم الأديان : علماؤه المؤسسون، ومكوناته، ومناهجه الحديثة هو عنوان محاضرة للدكتور الباحث العراقي خزعل الماجدي للحديث عن كتابه الموسوم «علم الأديان : علماؤه المؤسسون ومكوناته ومناهجه الحديثة»، والتي اقيمت على هامش معرض بيروت الدولي للكتاب الدورة 60 في قاعة المحاضرات.قدمت الباحث، السيدة ميادة مصطفى كيالي الكاتبة، ومديرة دار مؤمنون بلا حدود والتي اشرف الماجدي على رسالتها في الماجستير وقالت: «يشرفني ان اقدم الى حضراتكم استاذي الدكتور خزعل الماجدي اقدمه من منطلق امرين، اولا بصفتي مديرة دار نشر مؤمنون بلا حدود، والتي تعامل معها الماجدي من خلال ثلاثة كتب منها كتاب علم الاديان الذي سيكون موضوع جلسة اليوم في محاضرة الماجدي، والامر الاخر الذي يجعلني فخورة بتقديمي له هو انه استاذي في رسالة الماجستير خاصتي وحاليا خلال كتابتي لأطروحة الدكتوراه».وتابعت السيدة ميادة حديثها عن الماجدي قائلة: «الدكتور خزعل الماجدي متعدد الاختصاصات فهو باحث، وكاتب مسرحي، و شاعر: له عدة اعمال شعرية، واستاذ جامعي، عمل على مواضيع تخص التاريخ والحضارات، منها تاريخ الاديان مع اختصاصه في الميثولوجيا».
بدأ الدكتور الماجدي محاضراته بإبداء سعادته وتقديره للسيدة كيالي وللحضور، وتحدث عن خلاصة علم الاديان قائلا: «قضيت شطرا طويلا من حياتي الاكاديمية اشتغل في موضوع الاديان فقد بدأت في نهاية التسعينيات من القرن الماضي وبحدود عام 1997 بدار الشروق في عمان مع الصديق فتحي البشر وكان طموحاً جدا، اسميناه في وقتها التراث الروحي للإنسان واشتغلت 8 كتب، وكتابين خارج الدار، وشكلت لي نواة ممتازة للاقتراب من الظاهرة الدينية في اصولها الاولى، لأني بدأت بالأديان في ما قبل التاريخ، ثم الاديان السومرية، وبعدها المصرية، والدين الكنعاني والدين الارامي، والدين الآموري، والدين الاغريقي، والدين الروماني، ثم بعدها اخذت موضوع المندائية، وقد اشتغلت كتاب في جزئين بعنوان انكي في دار مؤمنون بلا حدود وهو عن تاريخ الادب في وادي الرافدين منذ سومر الى الأدب الحيري، قبل الاسلام بقليل، ثم اشتغلت علم الاديان الذي ولد من هذا الهاجس، لأني اكتشفت امرا افزعني في وقتها، وهو ان الوطن العربي بأكمله لم يؤلف مطلقا كتابا عن علم الاديان، وكل ما نمتلكه كتابين صدرا في السنوات الخمس الاخيرة، علم الاديان لميشال ميسلان وكتاب اخر عن علم الاديان لرودولف اوتو».
كتاب «علم الاديان»، الذي يقع في حدود 621 صفحة فيه فهارس شاملة عن كل تيارات علم الاديان، فيه مؤسسون كبار، وجميع المدارس الفكرية التي تخص علم الاديان، وفيه خلاصات عن مراكز البحث عن الاديان، وعن مستقبل الاديان وحاضرها وماضيها، وكيف نظر اليها علم الاديان، فهو كتاب مفصل جدا حسب ما ذكره الماجدي، الذي ابدى فرحه بانتشار الكتاب اليوم وبالصورة التي هي عليها برغم انه طبع منذ ستة اشهر.
فضل الماجدي الحديث عن مؤلفاته في العام 2016 على برنامج البور بوينت الصوري حيث قال ان كتاب «علم الاديان» هو اول كتاب صدر له في هذا العام عن دار مؤمنون بلا حدود، وكتاب «الادب السومري» الذي كان ضمن الكتب المعروضة في معرض بيروت للكتاب، و»كتاب الأنباط ، التاريخ المثولوجيا الفنون» الذي صدر عن دار فضاءات في عمان، و»الفن الاغريقي» الذي صدر عن الرافدين، وكتاب شعري بعنوان «ورد لوجهك كي يبوح» وايضا عن دار فضاءات في عمان، وديوان شعري اخر بعنوان «تقلب جمرا وتتهيج» ايضا في دار فضاءات، وكتاب «موسيقى صفراء» وهو مجموعة مسرحيات عن دار فضاءات، وغيرها من المؤلفات».
قام الباحث خزعل الماجدي بتجزئة المحاضرة الى اربعة اقسام وهي، ما هو الدين، وما هو علم الاديان، والقسم الثاني عن المؤسسون الكبار لعلم الاديان، ومكونات علم الاديان الداخلية، الناتج عن علم الاديان وبدأها بسؤال، ما هو الدين وكيف بدأ؟ وقال «الامر بدأ من سومر حيث كانوا يستعملون كلمة اور وتدل على المدينة، وهي قريبة من مفردة دين، وذلك لان نشوء المدينة بالنسبة اليهم مرتبط بدار القضاء والحساب، لان الدين في معناه عند السومريين هو الحساب من قبل الآلهة فاستعملت كلمة اور للمدينة والدين، اما الاكديين فقد ترجموا كلمة اور الى دين لان الدين بقي يعني القضاء والحساب لذا فقد استعملت الكلمة عند البابليين والاشوريين ايضا، اما عند الاغريقيين فقد ظلت كلمة اور تعني المدينة فقط، وتحولت اور التي تعني الدين الى بولس وبالإنجليزية بوليس وتعني الشرطة والقضاء والحساب ايضا، اما عند اليونان فهي كريستيوس وتعني الشخص الممسوح بالزيت، او عطر الزيت وهو طقس ديني لتتويج الملك ولذلك سمي المسيح بهذه التسمية، اما الرومانيين فقد كانت الكلمة تعني ريجل او ريخل وتعني التقيد، او وجوب الطاعة وهي تقابل بوليس واور بمعناها الضمني،
اما العرب فان الدين عندهم جنس من الانقياد والله هو الديّان أي انه القاضي والحاكم والطهّار والمحاسب والمجازي ولا يضيع عملا.
تابع الماجدي قائلا: « الانقلاب العظيم الذي حصل في علم الاديان كان عندما قال الفيلسوف الشهير دور كايم ان الدين فصل بين عالمين، المقدس والمدنس، وهذا الفصل شكل ثورة فكل ما يتعلق بالدين هو مقدس، وكل ما يتعلق بالدنيا هو مدنس، وتلقف الفكرة رودولف اوتو المفكر الكبير وكتب «فكرة المقدس» ثم اخذها عنه المفكر الروماني ميرسيا الياد وكتب كتابه المعنون «المقدس والمدنس».
تابع الماجدي قائلا «هناك تحولات عند العرب فقد كتبوا في ما يسمى بعلم الملل والنحل وهو علم في القرون الوسطى وهو علم ايديولوجي لان غايته الدعوة لمهاجمة الاديان الاخرى وهذا ليس بعلم، لان العلم هو الذي يتنزه عن الايدلوجيا، العلم الحقيقي اسس في نقطة هي غاية في الدقة في منتصف القرن التاسع عشر وتحديدا في 1858 عندما قام ماكس مولر بنشر محاضرات اسمها «علم الاديان» وجمعها بكتاب واحد صدر عام 1868 تحت هذا الاسم، وقد ترجم مولر 51 كتاب مقدس الى الالمانية والانجليزية لكن العرب متمسكين بشيء اسمه دراسات اسلامية، وغالبا ما تكون موجهة، او منحازة ويخافون شيء اسمه علم الاديان، برغم انه علم كبقية العلوم الانسانية ويحترم كل الاديان ولا يعطي احكاما على الاديان، فهو يحلل نصوص لان كل نص قابل للتحليل».
المحاضرة كانت ممتعة ومثمرة حيث نقل الينا معلومات قيمة وكبيرة ومحفزة ايضا للبحث اكثر عن موضوعة علم الاديان وعن المؤسسين والباحثين الذي كتبوا عن هذا الأمر المهم والحيوي لكن الاكثر متعة قراءة الكتاب كي نتعرف على تفاصيل كثيرة وردت من خلاله.حضر المحاضرة جمع غفير من المفكرين والكتاب واساتذة الجامعات اللبنانية ومن الأدباء والمثقفين العرب .يقع الكتاب في 600 صفحة من الحجم المتوسط ،ويتوزع على ستة ابواب تتضمن عشرين فصلا، كتب المؤلف في الغلاف الاخير «تجتاح الظاهرة الدينية، اليوم، العالم أجمع، وتثير أكبر الأسئلة وأعمقها، وتغيّر أعرق المجتمعات، وتغمر حياتنا بأكملها. ولن نستطيع فهم ما يجري، إلا من خلال العمق العلمي والمعرفي الذي يقدّمه علم الأديان».
بقلم خزعل الماجدي