الرّيحُ تُمْسِكُ ذَيلَهَا و تَدُورُ |
و النَّاسُ تَركُضُ خَلفَهَا و الدُّورُ |
و الماءُ يُمْسِكُ بالسَّرَابِ و يَنزَوِي |
كَي لا يَمُوتَ و غَورُهُ مَسْبُورُ |
و الليلُ يَرْتَجِلُ النُّجُومَ كَأنَّهُ |
سَبُّورةٌ فِي بالِهَا طبشورُ |
و أنا... هُنالِكَ فِي الرصيفِ تَدُورُ بي |
رُوحِي, و رُوحِي مارِدٌ مَخمُورُ |
و أنا المُحاصَرُ بالقِيَامَةِ حيثُ لا |
وَطَنٌ يُصَفِّقُ لِي و لا جُمْهُورُ |
و أنا المُعَلَّقُ لِلقصائدِ .. هَيكَلِي |
غُصنٌ , و كلُ قَصِيدةٍ عصفورُ |
و أنا اليَمَانِيّ الذي مِن جلدِهِ |
يُنْفَى, لِيُنفَخَ فِي حَشَاهُ الصُّوْرُ |
|
لِمَ لا أُفَكِّرُ بالرُّجُوعِ؟ أَلَسْتُ مِن |
قَومٍ شِدَادٍ صَخرُهُم مَحفُورُ؟! |
و رَجَعْتُ تَحْمِلُنِي عَصَايَ, و فِي دَمِي |
شَعبٌ يَهِيمُ و مَوطِنٌ مَشطُورُ |
و عَلَى يَدَيَّ قَصِيدَةٌ أركَانُهَا |
(طه) و (نُونٌ) و (الضُّحَى) و (النُّورُ) |
نادَيتُ: يا (إِرَمَ العِمَادِ).. فَلَم يُجِب |
إلَّا صَدَايَ و وَهْمُهَا المَطْمُورُ |
يا (مَعْبَدَ الشَّمْسِ) اْلْتَفِتْ.. لا مَعْبَدٌ |
أصْغَى, و لا حِصْنٌ هَفَا, أو طُوْرُ |
يا دُوْرُ, يا أطلالُ, يا قِيعَانُ, يا |
كُثْبَانُ, يا بَحْرُ اْلْتَفِتْ, يا (خُوْرُ) |
يا طِينُ, يا صَحرَاءُ, يا أفْيَاءُ, يا |
(سُرْدُودُ) قِفْ بي, يا (بَنَا), يا (مُوْرُ) |
قِفْ بي..و أَشْعُرُ بالدُّوَارِ كَأنَّنِي |
ما بَينَ صَوْتِي و الصَّدَى مَحْشُورُ |
قَدَمَايَ خَارِطَتَا طَرِيقٍ لا أرَى |
بِهِمَا, و دَرْبي لِلمُنَى مَبْتُورُ |
و بَدَأتُ أشْعُرُ بالضَّيَاعِ يَجُرُّنِي |
أُخْرَى, و كُلُّ مُضَيَّعٍ مَجْرُورُ |
لِمَ لا أُفَكِّرُ بالسُّكُوتِ؟ و هَل تُرَىيُجْدِي السُّكُوتُ و مَوْطِنِي مَسْجُورُ |
يا رِيحُ قُولِي لِلذينَ صَحِبْتُهُم |
إنِّي تَعِبْتُ.. فَحَاوِرُوا أو ثُورُوا |
عَقَرَتْ (ثَمُودُ) نُوَيْقَتِي فَوَقَعْتُ مِن |
هَوْلِ المُصَابِ كَأنَّنِي المَعْقُورُ |
و سُقِيْتُ مِن عَرَقِ الحَدِيدِ لِأَنَّنِي |
تِبْرٌ, و مَعْدِنُ مُضْغَتِي بَلُّورُ |
و مُنِعْتُ رُغْمَ خَصَاصَتِي مِن جَنَّةٍ |
جَحَدَت يَدَيَّ فَلَفَّهَا الدَّيْجُورُ |
و لَقَد تَنَادَوْا مُصْبحِينَ.. فَأَصْبَحَت |
لا "صالِحٌ" فِيها و لا "مَنصُورُ" |
وَطَنٌ كَأطْرَافِ الكَلامِ تَسَاقَطَت |
أحْلامُهُ, و تَنَاثَرَ المَنثُورُ |
|
لِمَ لا أُفَكِّرُ بالرَّحِيلِ؟ و أينَ عَن |
أسْرِ القَضِيَّةِ يَرحَلُ المَأسُورُ؟! |
يا دَارَ أرْمَلَةِ الشُّعُوبِ ألَيْسَ لِي |
مَهْدٌ لَدَيكِ و وَالِدٌ مَقْبُورُ؟! |
ما لِي طَرَقْتُكِ كالغَرِيبِ مُحَاذِرًا |
و البَابُ يَجْهَلُ مَن أنَا و السُّوْرُ؟! |
و إلى مَتَى تَئِدُ الحَقِيقَةُ نَفْسَهَا |
و عَلَى كَرَامَتِهَا يَعِيشُ الزُّورُ؟! |
أينَ الذينَ أُحِبُّهُمْ؟! رَحَلُوا و مَا |
لِلقَاعِدِينَ خِلَافَهُمْ دُسْتُورُ |
ما لاحَ إلّا قاتِلٌأو سَارِقٌ |
أو تَاجرٌ بالدِّينِ أو مَوْتُورُ |
أو "زَاهِدٌ" تَرَكَ الرِّيَالَ مَخَافَةً |
لِيَبيعَ بالدُّولارِ أو باليُورُو |
أو ثائِرٌ بالوَهْمِ يَقسِمُ شَعبَهُ |
باسْمِ الوِفَاقِ, و سَعْيُهُ مَشْكُورُ |
أو طائِفِيٌّ خارِجٌ مِن غَيْضِهِ |
نَحوَ الشِّقاقِ كَأنَّهُ مَسْعُورُ |
أو طَامِعٌ بالحُوْرِ يَقتُلُ نَفْسَهُ |
و اللهُ يَمْقُتُ فِعْلَهُ و الحُورُ |
لِمَ لا أُفَكِّرُ بالبُكَاءِ هُنَا؟ و هَل |
يَبكِي الغَرِيبُ لِأنَّهُ مَسْرُورُ؟! |
و مَسَحْتُ آخِرَ جَمْرَةٍ سَالَت عَلَى |
صَدْرٍ كَأنَّ فُؤادَهُ تَنُّورُ |
|