يوم من ايام الغربة – 11
في عام 2010 وخلال الاحتفال بعيد رأس السنة
ظهر رئيس الحكومة في التلفاز يرفع بيده ورقة قال عنها انها الصك المدفوع من قبل الحكومة التركية بآخر مبلغ تدين به تركيا للبنك الدولي مع سحب تركيا من اتفاقياتها السابقة مع هذا البنك
وهنا تحرر الاقتصاد التركي من قيود البنك الدولي
وبدأت مرحلة بناء الاقتصاد التركي
وحملة (بيت لكل مواطن)
في اعوام التسعينيات من القرن الماضي
كان نسبة 40% او اقل من الشعب التركي يملكون بيتا بسبب ارتفاع تكاليف البناء من ناحية وتبني المواطنين لنظرية مفادها( ما اخلي تعب عمري كله بالحجار واظل فاك حلكي علهوا)
بعد ان دفعت تركيا اخر ديونها ظهر لديها فائض عن الميزانية للشهر الاول من 2010
675 مليون دولار حسب الارقام الرسمية والبنك المركزي ووزير الاقتصاد
تم تحويل المبلغ مباشرة الى خزينة وزارة المالية
وتدخل علي باباجان معترضا على تجميد المبلغ وطالب بتحويل فائض الميزانية الى قروض ميسره للمشاريع الانتاجية الصغيرة
القرض يشمل مشاريع لا تزيد قيمتها عن مليون دولار بشرط ان يكون انتاجيا
وتم صرف المبالغ الى مشاريع تربية الحيوانات وانشاء مزارع انتاج الفواكه والخضار والمكسرات حيث تمنح الدولة للمواطن الذي يترك المدينة مهاجرا الى الريف ارضا زراعية بمساحة 20 دونم مع منحة تسد مصاريفه العائلية لمدة سنة ومنحة اخرى لانشاء بيت سكني في المزرعة
وبعد اكمال البناء يتم التقديم على انشاء مشروع انتاجي الى وزارة الزراعة ويتم دفع القسط الاول من الوزارة الى صاحب المشروع ليقوم بانشاء المرافق المطلوبة ويتم تزويده بالشتلات والبذور
وكل مشروع له سقف زمني ليبدأ الانتاج
واذا تمكن صاحب المشروع من الانتاج ضمن السقف الزمني يتم اعفاءه من 40% من قيمة القرض
وهكذا تركت آلاف العوائل مدنها وتوجهت الى الريف
اليوم تركيا تنتج 13 مرة اكثر مما تأكل
ومنتجاتها الغذائية تغزو الشرق الاوسط واوربا وامريكا وكندا
واصبح معدل دخل الفرد التركي 15 الف دولار سنويا
واصبح كل مواطن يملك وحدة سكنية او اكثر
بس الحجي بيناتنا هم تطوروا مدنيا وبالخدمات والنظافة لكن بقيت عقولهم صغيرة
في 2011 احتفلت تركيا بانزال اول بارجة حربية تركية الصنع 100% في بحر ايجة وتنتج دباباتها محليا وصواريخها محليا وتم فتح مصنع لطائرات الاباتشي المقاتلة بالتعاون مع خبراء من اوكرانيا كشريك بالمشروع والسعودية كممول وشريك
لا يوجد اليوم في اسواق تركيا اي بضاعة اجنبية من اي نوع او منشأ
فقط الصناعات الوطنية ورصدت تركيا مبلغ 100 مليار دولار على مدى 5 سنوات لتمتلك 100 الف خبير ومهندس وعالم في كل الاختصاصات يدرسون العلوم في كل مكان في الارض
...............
كنت افكر بكل هذا وانا اراقب الطريق ونحن نسير ليلا بالسيارة تحت وابل من الامطار العنيدة التي لم تتوقف ربما 3 أيام
وحططنا رحالنا في مدينة غازي عنتاب
كان هناك بيت صديقي الحاج سعدون وزوجته الحاجة فهيمة
رحبوا بنا بحفاوة وقضينا عندهم اسبوعا الى ان استأجرنا شقة صغيرة عبارة عن غرفة وصالة وملحقاتها وقمنا بشراء بعض الاثاث اللازم وغيره ومكثنا ننتظر نهاية الاحداث
هذه المدينة تشتهر بانتاج الفستق والحلويات وفيها مئات المصانع المختلفة من معامل انتاج الالبسة الى مصانع سباكة المعادن
كبيرة وجميلة ومكتظة بالسكان والوافدين لكثرة فرص العمل فيها
سكانها خليط من الاتراك والاكراد وبعض العرب وكثير من (الجنكنه) وهم الغجر او القرج والمطاربة بلغة اهلنا بالعراق
لكن شتائها قاسي وكانت معظم وسائل التدفئة تعتمد على الغاز الطبيعي المربوط بشبكات منزلية مثل شبكات اسالة الماء
تكلف فاتورة الغاز الشهرية شتاءا 100 $
مدينة تكاليف الحياة فيها مرتفعة قياسا بمدن اخرى
قضيت اياما كثيرة اتجول سيرا على الاقدام وهي هواية سائدة هنا حيث ان معظم الموظفين يسيرون صباحا الى اماكن عملهم رغم توفر وسائل المواصلات العامة الدقيقة جدا في مواعيد الوصول
لكنهم يرغبون بالسير كنوع من الرياضة الصباحية
هنا في هذه المدينة لن ينظر احد بوجهك ولن يراقب تصرفاتك او ملابسك
ما دمت لا تتعدى على حرية الآخرين ولا تتسبب بازعاج المواطنين لكن ليس هناك روابط اجتماعية مثل الجيرة والمنطقة وغيرها
كل واحد حاير بنفسه
............
يتبــــــــــــــــــــــ ــع
رد مع اقتباس
