عظماء ومشاهير معاقون غيرو مجرى التاريخ
للكاتب : أحمد الشنواني
يقع الكتاب في سيرة 31 عظيم .
عدد الصفحات 264 صفحة
فهرس الكتاب :
المقدمة
1- أبو العلاء المعري .. الشاعر الكفيف الذي قهر الحياة ..!!
2- ابراهام لينكولن .. رمز الديمقراطية الامريكية والذي علم نفسه بنفسه !!
3- اديسون .. المخترع العظيم الذي اندفع بصممه !!
4- اميل زولا .. الروائي الفرنسي العصبي المزاج !!
5- بشار بن برد .. الشاعر الضرير النابغة !!
6- بلزاك .. الروائي الفرنسي الذي عاش في بؤس!!
7- بودلير .. اعظم شعراء فرنسا والذي جمع أعجب المتناقضات !!
8- بيتهوفن .. أشهر مؤلفى الموسقى الذي تغلب على صممه!!
9- جوته .. أديب ألمانيا الأول الذي اصيب بالجنون والهوس !!
10 - جون ملتون .. من أعظم الشعراء الأنجليز .. فاقد البصر وواصف الفردوس المفقود!!
11- داروين .. صاحب نظرية التطور التى مازالت تحير العلماء حتى يومنا هذا !!
12- دانتى .. الشاعر العظيم صاحب الكوميديا الإلهية!!
13- دوستوفسكى .. أحد ائمة الرواية الروسية صاحب الطفولة العليلة !!
14- ديدرو .. ملهم دائرة المعارف العالمية والذي انتابه الجنون الهستيري!!
15- ديموستين .. خطيب أثينا العظيم الذي تغلب على تلعثمه!!
16- روسو .. أديب فرنسا وفيلسوفها الذي غالب الشيزوفرينيا!!
17- سقراط .. أكثر الرجال حكمة .. صاحب المأساة!!
18- سويفت .. صاحب الرحلات الخيالية .. واهن الجسم !!
19- شوبنهاور .. فيلسوف التشاؤم !!
20- طه حسين .. قاهر الظلام !!
21- فولتير .. صاحب المتناقضات .. خلاصه حياه عصر بأكمله !!
22- كانط .. من كبار فلاسفة الانسانية .. صاحب القلق الهستيري !!
23- لوك .. الفيلسوف السياسي .. الثائر دائما !!
24- موليير .. مبتكر الفن الكوميدي .. وحياة زوجية تعسه !!
25- مايكل انجلو .. الفنان الأعسر العظيم !!
26- نابليون بونابرت .. أعظم عقلية عسكرية عرفها التاريخ .. غريب الأطوار !!
27- نيوتن .. أعظم عباقرة العالم !!
28-نيتشه .. فيلسوف القوة الذي انتهت حياته بالجنون !!
29- هتلر .. ذو الشخصية الفذة كثيرة التناقضات !!
30- هوميروس .. الشاعر الضرير صاحب أعظم الملاحم البطولية في التاريخ!!
31- هيلين كلير .. مؤلفه و عمياء وصماء وسعيدة !!
ولا كما هوا معنون كلهم معاقون بل منهم مصابون بأمراض نفسيه
سوف نستعرض بعض الشخصيات إن اكتفيتم فسعادتي تكمن بها
وإن أردتم المزيد فهي غايتي في أقتناء الكتاب وكنت السبب فيها
و خدمني في أستعراض الكتاب وجوده في أكثر من موقع فجمعنا و نقلنا
*1/إبراهام لنكولن: رمز الديمقراطية الأمريكية و الذي علم نفسه بنفسه. 1809-1865م
ــ ولد في ولاية كنتكي في أمريكا, كان ابوة في حالة فقر مدقع, وكانت اسرة لينكولن الكثيرة العدد تعيش في كوخ خشبي صغير عند طرف
الغابة.
ــ اظطرته ظروف حياته إلى أن يتولى تحصيل علمه بنفسه عن طريق الكتب ,فهذه الكتب قد زودته بمادة وافرة من الدرس و التحصيل.
ــ قام بأول رحله فتحت ابواب الفرص امامه وهو في عمر 19 ,حين سافر كأجير في مركب وجهته ميناء "نيو أورلاينز"(لويزيانا أمريكا)
و قد تركت هذه المغامرة أثراً بالغاً في قرارة نفسه.
ــ أنهى مهمته في مدينه"أورلاينز" وسافر إلى مدينه" نيو سالم" ( إلينوي امريكا )حتى يستقل في حياته.
ــ اول عمل له في نيو سالم -سكرتير لجنة الانتخابات في المدينة-,اتاح له عمله التعرف على اهل المدينه كان الجميع يحترمونه ويحبونه فهو
شخصيه متدينه مثقفه قادرة على اجتذاب كل من يتعامل معها.
ــ تطوع في مليشيا ولاية إلينوي واشترك في الدفاع عنها أثناء الحرب.
ــ رشح نفسه في انتخابات المجلس التشريعي لولاية إلينوي ولكنه لم يحالفه الحظ رغم حب الناس له.
ــ بعد تجربه الانتخابات التحق بهيئة بريد مدينة "نيو سالم" وعمل -مديراً لمكتب البريد-, وكعادته يحب عمله ويجيده مما دفع المتعاملين
معه الى الاعجاب بشخصيته و أخلاقه .
ــ من ثم تعرف على شخصيات كبيرة من هذه الشخصيات السيد " منتور جرهام " الذي اعطى ابراهام دروساً في قواعد و آداب اللغه
الانجليزية . وايضاً السيد " جون ستيوارت" الذي ساعد ابراهام في تحقيق حلمه الكبير في دراسة القانون , حتى اصبح عضواً في نقابة
المحامين وهو في عمر 28.
ــ بعد ذلك رشح نفسه للمرة الثانية في انتخابات المجلس التشريعي واصبح عضواً فيه.
ــ كان كما ذكرنا متديناً فهو يقرأ الانجيل دائما ويعظ الناس ويحول التعاليم الدينية الجميلة الى سلوك شخصى, فهو يكرة الظلم ويحب العدالة.
ومن هذا المنطلق فهو يعطف على الفقراء ولا يؤمن بالرق اذ انه تزعم الحركة التي تدعو لإلغاء الرق في وقت كان العبيد
يباعون في الاسواق, كان العبد اذا تزوج فإنه يتزوج ليصبح ابناءه وبناته عبيداً لسيده, أما زوجته فلسيده أو ابناء سيده كي يستمتعوا بها
كإمراة كيفما شاؤا.
ــ وجد ابراهام في عمله كمحامي فرصة للدفاع عن الحق والوقوف بجانب المظلوم وفي هذا يقول:
".. المحامي الشريف لايجعل جمع المال نصب عينيه, إذ اعظم اجر يتقاضاه المحامى الحر هو انتصاره في قضية ترافع فيها عن متهم
بريء, او فقير مظلوم أو يتيم او ارملة ارجع إليهم حقوقهم المهضومة , أما جمع المال فهو هدف التاجر , وهناك فرق بين
التجارة والمحاماة.."
ــ ترافع عن المظلومين في آلاف القضايا , ومع ذلك كان فقيراً غارقاً في الديون اذ كان يمكنه ان يصيب ثروة طائلة من عمله لكن حبه
للناس دفعه الى الدفاع عنهم بأقل اجر بل كان كثيراً مايرفض ان يتقاضى اتعاباً من الفقراء.
ــ كان من الطبيعي ان ينجح ابراهام لنكولن في انتخابات الرئاسة بعد ان رشح نفسه عن الحزب الجمهوري ,فقد عرف عنه نزاهته ووطنيته
فأنتخب عام 1861 رئيساً للولايات المتحدة الامريكية ,فكان الرئيس ال16 لها. لم تتغير شخصيته بعد ان فاز بل ظل كما هو بسيطاً
متواضعاً يصافح الناس في الشوارع ويفتح باب داره بنفسه للضيوف . كانت بساطته هذه تثير زوجته الارستقراطية ولم يهتم بتعليقاتها.
ــ أول زيارة قام بها بعد توليه الرئاسة هي زيارته لزوجة أبيه السيدة " سارة بوش" التي ساهمت بقسط وافر في تربيته , ذهب إليها
وقبل يديها وتناول العشاء معها اعترافاً منه بجميلها عليه واحترامه لها.
ــ رأس ابراهام الولايات 5 سنين 1861-1865 ورغم قصر المدة الا انه ترك بصمة واضحه في تاريخ الولايات المتحدة ومستقبلها.
فقد كان أول من ناد بحرية الصحافة لانها خير ضمان لحرية الامة , وهو اول من وضع المبادىء الانسانيه الساميه في الدستور الامريكي
وهو الذي حارب الرق و ألغاه رغم الصعوبات الكثيرة التي قابلها من اجل ذلك وفي هذا قال :
" إن اباحة الرقيق امر ينافى ابسط المبادىء الانسانية وهو كفر بالله وبتعاليم الكتاب المقدس,فقد ولد الناس أحراراً فكيف تجعلونهم أرقاء.."
ــ القضية التي كرس ابراهام لها حياته وجهده كانت قضية اتحاد الولايات المتحدة فقد آمن بضرورة هذا الاتحاد لعدة اسباب طبيعيه هي
تجانس سكان الولايات ووحدة البلاد الطبيعية سواء في سواحلها او انهارها او جبالها او في وحدة اللغه , من اجل هذا الاتحاد خاض
لينكولن حرباً مريرة وهو رجل السلام والمبادىء وفي هذا قال:
" لقد بذلت كل مافي وسعى لانقاذ الاتحاد دون نشوب حرب ولكن عملاء التمرد والانفصال كرسوا كل جهودهم للقضاء على الاتحاد دون
حرب ايضاً, واخيراً فضلوا اشعال نار الحرب على صيانة الامة, بينما فضلت قيام الحرب على فناء الامة التي كانت ستفنى حتماً دون
اتحاد.." انتصر اخيرا في حربه .
ــ لم يستطع ابراهام ان يتمتع بانتصاره فقد انتهت حياته بعد ذلك بقليل وكانت نهاية مأساوية اذ بينما كان يشاهد مسرحيه
" ابن عمي الامريكي" على مسرح فورد مع زوجته اطلق عليه ممثل مجنون يدعى " جون بوث" الرصاص فظل في غيبوبه حتى فارق
الحياة. لم يعش ال 56 عاماً لنفسه وحسب , إنما عاش لوطنه.
*2/ اديسون: المخترع العظيم الذي انتفع بصممه!!.1847-1931م
ــ يقف توماس ألفا إديسون ( 1847 إلى 1931 ) في الذروة وحده في تاريخ العلوم التطبيقية.
ــ سجل بإسمه 1200 براءه اختراع , وقدرت قيمة مخترعاته من قبل احدى لجان الكونجرس بمبلغ مليون ونصف المليون من الدولارات
ــ فسر اديسون نجاحه وشهرته كما يلي:" 2% وحى وإلهام و 98% عرق وجد وجهد ! ".
ــ من اشهر اختراعاته: الالة الكاتبة , الفونوغراف, المصباح الكهربائي , ألة تصوير سينمائية, جهاز لاقط للراديو.
ــ قد أتاح اكتشافه مفعول اديسون صنع الانبوب الاليكتروني الحديث الذي تقوم عليه مبادىء :
الاذاعة اللاسلكية(الراديو) - التليفون على مسافات طويلة - الصور الناطقه(السينما) - العين الكهربائية - الاشعة المجعولة(اشعة يكس)
ــ عمل في أواخر حياته في انتاج المطاط الصناعي.
الماضي:
ــ كان ضعيف الذاكرة لاسيما في شبابة ,في المدرسه كان ينسى كل ماتعلمه, ولذلك كان يأتي في مؤخرة زملائه من حيث الدرجة.
ــ يأس منه اساتذته وصرحوا انه خفيف العقل ابله لا فائده من تعليمه ,اما الاطباء فتكهنوا انه مصاب بمس نظرا لشكل رأسه الغريب.
ــ لم يقض اديسون سوى 3 اشهر في المدرسة طوال حياته, وتولت والدته تعليمه في البيت فكان عملها رائعاً اذ بدل اديسون وجه العالم الذي
نعيش فيه.
ــ ازدادت ذاكرته قوة مع الايام لاسيما في الشئون العلمية,فكان يحفظ كل الحقائق العلمية التي تزخر بها المجلدات الضخمة في مكتبته
الخاصة. كان ذا قدرة على حصر تفكيره في الموضوع الذي يشغله من دون سواه.
ــ اصيب بالصمم وهو في عمر 12 وهاهو ذا يحدثنا عن صممه لنتعرف كيف انتفع بنكبته قال:
" أضن ان العلة لأولى فيما اصابني من صمم هو ان عمال القطارات كانو يحملونني إليها من أذني . فقد كنت اشتغل ببيع الجرائد في
القطار فكان يتناولني العامل عند العجلة ويحملني من أذني إليه , وبدأ الصمم خفيفاً ثم أخذ يزداد بل هو يتزايد الآن وانا في 79.
وقد كان الصمم نعمه علي. فإنه منع عني التمتع بحديث الناس فانكفأت الى الكتب أقرا وأدرس.... , وأنا الآن اكتب بلا رعشة مع
تقدمى في السن ولا سبب لذلك في اعتقادي إلا ان أعصابي لم تبل من الضوضاء الكثيرة التي يعانى سماعها الناس ..., وكثيرون مما
يعانون سماع هذه الضوضاء تتوتر أعصابهم بل تبلى وهم بعد لم يبلغوا الشيخوخة....., ومما افادني صممي به أني لا أشافه الناس الذين
يتعاقدون معي في الاعمال.فكل وعد يعدوني به يكتبونه فيبقى ذلك حجة عليهم تمنع الارتباك والخلاف في المستقبل.
والفائدة الكبرى هي وقت خطوبتي لزوجتي فقد كنا يقترب الواحد منا للآخر لكى تسمعني ماتريد ثم علمتها بعد ذلك قاعدة مورس في
التلغراف فصرنا نتخاطب بهذه القاعدة وحين طلبت منها يديها بالتلغراف اجابتني بنعم وهي بعيدة ولعلها لو كانت قريبة وكانت واسطة
التفاهم بيننا الكلام لكانت استحت أن تجيبني".
*3/ بيتهوفن: أشهر مؤلفى الموسيقى الذي تغلب على صممه!!
" لأغالبن القدر دون أن احنى له هامتي " بيتهوفن
ــ من نحو 238 سنة مضت أو على وجه الدقة في يوم 16/12/1771 ولد واحد من أفضل وأشهر مؤلفى الموسيقى والنغم ألا وهو:
لود فيج فان بيتهوفن. ولد في مدينه ألمانية صغيرة تطل على نهر الراين "بون" التي اصبحت منذ الحرب العالمية 2 عاصمة
ألمانيا الغربية.
ــ عاش في بيت متواضع حاول بعض الفوضويين احراقه عام 1960 ولكن سرعان ما رمم. فيه ذكريات واشياء عديدة من حياة بيتهوفن,
محفوظه في بيته الذي تحول إلى متحف صغير.
ــ تنتمى عائلة بتهوفن الفقيرة لدنيا الموسيقى فكان والدة يحترف الغناء الديني في أبرشية مدينة" كولن" وهكذا نشأ بيتهوفن متأثراً بهذا الجو
الفنى حيث تلقى دروسه الموسيقية الأولى من قبل والدة ثم تقدم سريعاً,تعلم أن يعزف الهارب والكمان والبيانو.
ــ في عام 1787 زار فيينا ( النمسا -اوروبا ) كانت وقتئذ مدينة الموسيقى العالمية الأولى , أسعده الحظ لأن يتقابل مع
"فولفغانغ أماديوس موزارت" الذي كانوا يعتبرونه اعظم ملحن عصره.
ــ سرعان ما لمح موزارت -اثناء دروسه الاولى في التكوين الموسيقى لبيتهوفن- مخائل الموهبة في تلميذه الصغير ,حتى انه قال مرة مشيراً
إليه لمن حوله:" انتبهوا إليه جيداً .. لأنه سيجعل الدنيا كلها تتحدث عنه "
ــ في عام 1792 عاد من جديد إلى فيينا حيث ظل فيها بقية حياته.ولفترة محدودة درس فيها على مؤلف معروف هو"جوزيف هايدن".
وسرعان ما اشتهر كمؤلف وعازف.
ــ في تلك الايام كانت الحفلات الموسيقية العامه قليلة والموسيقى المطبوعه نادرة وكان من الصعب على ملحن ان يعيش من فنه, الا
أن يصبح ذا منصب ثابت ملتحقاً في خدمة بيت أوروبي عريق استقراطي النزعة. بيتهوفن الذي لم تعوده نشأته أن يكون في خدمة أحد
لم يتمكن بالطبع أن يحصل على مثل هذا المنصب . ولهذا اعتمد في حياته على قلة من هواة الموسيقى الاغنياء المعجبين بفنه.
* عن شخصيتة:
ــ كانت طباعه خشنة ,عصبى المزاج وكثيراً ماكان يتشاحن مع اصدقائه كما كان سيء الحظ في الحب ولما لم يتزوج فإنه ولاشك لم يتمتع
لحظة بهناء البيت والأسرة.
ومع ذلك لم يكن الرجل الذي يتقبل الهزيمة ولهذا انصرف كلياً عما يحيط به , وكرس حياته للموسيقى تماماً , وقد انتج خلال سنواته
الاخيرة بعضاً من احسن أعماله.
و أكيد مرح اتنازل عن كتابه العقبات الي حصلت له في مشواره الفنى
يقولون في الأمثال ان المشكلات والعقبات والأزمات تخلق الرجال فما بالك بالعباقرة؟
* عقبات في الطريق:
أولى عقباته: هي عربدة الاب وعشقه للخمر ثم قسوة هذا الاب على ابنه الموهوب في أثناء التدريب على العزف على البيانو.
2. توفيت والدته فأصبح هو المسئول عن الأسرة والعائل الوحيد لها.
بالطبع تلك العقبات تعتبر عادية اذا قيست بالعقبة الرئيسية والآفة الخطيرة التي بدأت تهاجم فناننا الكبير وهو مازال في شرخ الشباب:
3.فلقد أبى قدرة الأسود أن يترك له حاسة السمع - وهي الحاسة المطلوبة والضرورية في عمله الموسيقى- سليمة قوية ,
بدأ المرض وهو في 28 من عمره على شكل اصوات متباينة عالية تطن في أذنه اليسرى في البداية حسبها صوت الأمطار تهطل
والرعد ترعد ولكن اتجه الى النافذه ليفاجأ بأن الطبيعة هادئة والسماء صافية , ذهب الى أحد الأطباء المشهورين وبعد الكشف طمأنه الطبيب بأن الحالة
مجرد زكام عنيف أثر في طبلة الاذن وعليه ان يصب في أذنيه بضع نقط من زيت اللوز الذي سيسرع بشفائه , ولكن للأسف لم ينفع العلاج
وانتقل الطنين إلى اذنه اليمنى ايضاً, ظل في صراع مع قدره فقد كان ينتهز فرصة هدوء المرض لينغمس في العمل والتأليف الموسيقى ليكتب لنا أروع الألحان والنغمات,
ومن عجب أن تخرج ألحانه وهو المريض المتألم رائعة مرحة راقصة فرحة..
كان شديد الخجل تجاه مرضه مما دفعه إلى التظاهر أحياناً بالسرحان والانشغال حتى لايفضح نفسه ولكنه أخيراً اعترف لصديقه
" كارل أمند" عن طريق رسالة كتبها في يونيو سنة 1802 قال فيها بيتهوفن:
" آه كم أكون سعيداً لو ارتد إلىَ سمعى فأسرع إليك , أما الآن فإني اعتزل العالم بما فيه واقضى الحياة منزوياً لا مطمع لي
في تحقيق أمل أو توفير سعادة, ولكنى مصمم على ان اتخطى الصعاب, ان مرضى إلى الآن لايحول بيني وبين العزف والتأليف,
ولكنه يحرمنى نعمة التحدث إلى الناس و الاستمتاع إليهم وتبادل الآراء معهم, أرجو أن يبقى أمر هذا الخبر سراً لا تذيعه لصديق و ان تحتفظ به لنفسك "
ارسل رسالة أخرى إلى طبيبه و صديقه " فجلر " يعبر فيها عن معاناته الشديدة من المرض. <<ماكتبت لكم الرسالة.
ــ ظل صاحبنا يحاول العلاج بكل الوسائل دون جدوى أو فائدة مما سبب له ازمات نفسية دفعته في حالة يأس أن يفكر في الانتحار
كتب في السادس من اكتوبر عام 1802 وصيته المعروفه , لكنه عاش بعدها 25 سنة وفيها يقول :
" يا من تنظرون إلى زاعمين أنني حقود أو متشائم في الحياة, لشد ما تظلمونني , لأنكم لا تعرفون السبب الخفى الذي يظهرني بهذا المنظر,
لقد كان عقلي وقلبي منذ الطفولة متجهين نحو عاطفة رقيقة هي الطيبة, وكنت دوما متهيئا لاقوم باعمال عظيمة ولكن صممى الذي مضى عليه 6 سنوات هو سبب شقائي ............"<< لها تكملة
ــ توفي في عام 1827 وله من العمر 56 سنة.
*4/ داروين:صاحب نظرية التطور التي مازالت تثير العلماء حتى يومنا هذا!!
مقدمة:
ــ نظرية التطور: من النظريات الكبرى التي تسيطر على الثقافة العالمية , وتصبغ عقلية المفكرين في جميع انحاء العالم الآن,
وهي قائمة في الأصل على درس التاريخ الطبيعي للإنسان والحيوان والنبات.
ــ الواقع ان اي نظريه علمية لم تحظ بجدل واسع ونقاش مستمر مثلما حظيت به نظرية التطور , وأصل الانواع, وظهور الإنسان على هذا الكوكب,
وعلاقته بما ظهر قبله من ملايين الأنواع - الباقية منها والمنقرضة - وطبيعي أن الجدل المستمر في أيه مسأله علمية هو ظاهرة صحية.
خاصة اذا قام بهذا الجدل علماء متخصصون, وذلك ليس مردة إلى رداءة أو قصور في النظرية, لأن الرديء لايستحق جدلاً او مناقشة يضيع العلماء فيهم وقتهم,
ويستهلكون طاقتهم, فالرديء هو الذي يسقط نفسه بنفسه, بل يرجع استمرار الجدل حتى اليوم, أو فيما قد يتلوه من أجيال إلى اختلاف في وجهات النظر على النظرية
التي وضع داروين بذرتها ,أو النظريات الاخرى التي جاءت بعدها.
ــ رغم مرور أكثر من 100 عام على موت داروين, فان نظريته لازالت حية بل انها تزداد حيوية واشراقاً, لافي عقول الناس ,
بل في عقول العلماء الذين يفكرون بطريقة منظمة, مستمدين زادهم الفكرى من قوانين الكون وشرائع الحياة, اذ كلما مرت السنون وتطورت البحوث,
وزادت حصيلة العلماء من الأسرار الكثيرة التي تنطوى في خلق الكائنات,أصبحوا في حقيقة التطور قاب قوسين او ادنى.
حياة " تشارلز داروين " وتكوين فكره:
ــ ولد في 12 فبراير من عام 1809م في " شرو سبوري " ( بريطانيا ) من اسره اشتهرت بنزعتها العلمية ,حيث خرج من تلك الاسرة عالم آخر نال شهرة كبيرة وهو
" ارازموس دارزين " جد " تشارلز داروين " ومؤلف كتاب " قوانين الحياة الحيوانية " وهو الكتاب الذي نجد فيه بذور النظرية التظورية التي خلدت اسم داروين.
ــ ظهر الميل إلى جميع نماذج النباتات والحشرات عند تشارلز في سن مبكرة حيث كتب في مذكراته عن تاريخ حياته وقال فيها:
" كان حب جمع النماذج عميقاً في نفسي مما يدفعني إلى التأكيد بأنه كان عندي غريزة فطرية, اذ لم يظهر هذا الميل عند واحد من أشقائي أو شقيقاتي.
ولاشك أن هذا الميل هو الاساس الذي يجعل من الانسان عالماً طبيعياً مدققاً أو يجعل منه أحياناً مهووساً أو شحيحاً ".
ــ في سن 16 ذهب إلى أدنبرة (اسكتلندا-بريطانيا) ليدرس الطب ولكنه لم يستمر لكراهيته لتلك الدراسه, وان كان فيما بعد قد أسف أسفاً شديداً لأنه فوت على نفسه الفرصة
التي كان أن يستطيع أن يتقن فيها فن التشريح. وبعد مضى سنتين على إلتحاقه بدراسة الطب أدرك والدة الدكتور " روبرت وارنج داروين " ان ابنه تشارلز لن يرجى منه أمل
في ان يصبح طبيباً ناجحاً,وفكر في تحويلة إلى دراسة اللاهوت ليصبح رجلاً من رجال الكنيسة, ولم يكن يدر بخلد الوالد أن ابنه , بدلاً من ان يصبح خادماً لمباديء الكنيسة,
سيعلن بنظريته عن العالم وخلق الكائنات وتطورها مباديء تقلب نظريات اللاهوت رأساً على عقب , وتقيم الكنيسة وتقعدها وتجعلها تشن حرباً لا هوادة فيها ضد الرجل الذي اتهمته بالالحاد والكفر .
ــ رحل في أوائل عام 1828 إلى جامعة كامبردج (لندن-بريطانيا) . ولكنه لم يدرس اللاهوت. بل امضى في هذه المدينة الجامعية 3 سنوات انصرف فيها إلى حياة اللهو,
على أن هذه الــ3 سنوات في الحقيقة لم تضع هباء! اذ ان معيشة داروين في المدينة الجامعية القديمة قد ساعدت على ظهور الموهبة الكامنة فيه, ونعنى بها موهبة العالم الطبيعي.
ــ ترك كامبردج حاملاً درجة الماجستير في الادب عام 1831م, كان يدرك تمام الادراك انه مامن شيء يستحق منه الاهتمام سوى دراسة التاريخ الطبيعي.
ــ توفي في 19 ابريل 1882م.
( حياته الجامعيه في كامبرج + الرحلة التي كونت فكره ) ما اقدر الخصها ولازم اذكر التفاصيل. بس رح اذكرلكم مؤلفاته:
ــ في الوقت الذي ظهر فيه كتابه " أصل الانواع" عام 1859 كان لداروين مؤلفات أخرى وبحوث عديدة في علوم النبات والحيوان والجيولوجيا.
فقد نشر في سنه 1842 مؤلفا عن " الشعب المرجانيه" وفي عام 1845 " رحلة عالم طبيعي" اما في عام 1854 " وصف حياة المحار" .
و يجب ألا تحجب الأهمية الفلسفية لكتابيه الخالدين " أصل الانواع" و"سلالة الانسان"قيمة بعض كتبه الاخرى مثل كتاب " النباتات آكلة اللحوم"
وملاحظاته عن " حركات وعادات النباتات المتسلقة" ودراسته "للاخصاب"بالطريق المباشر وبطريق التهجين" و "قدرة النباتات على الحركة".
*5/ سقراط: اكثر الرجال حكمة ..صاحب المأساة!!.
ــ يعد سقراط من كبار الفلاسفة وشيوخ الحكمة الذين أثروا في تطور الفكر البشري. وتقدم الفلسفة رغم انه لم يكتب شيئاً, وليست له مؤلفات يرجع إليها ويعتمد في تحديد مواقفه الفكرية عليها,
ولكن ماخلفه تلاميذه اللذين أخذوا عنه, واقتدوا به, يعد منم انفس الآثار الفلسفية و أبقاها على الدهر, وقد قدم سقراط للعالم مثلاً نادراً في سمو التعاليم , والوقوف إلى جانب ما اعتقد أنه حق ,
والتضحية بالذات, في سبيل حرية الرأي, والاستهانه بالأختار الراصدة والمخاوف المحدقة.
ــ أهم المراجع التي يعتمد عليها في تعرف أخبار سقراط ومطالعة آراءه هي " المحاورات" الخيالية التي كتبها "أفلاطون" ,أعظم تلاميذه و أبعدهم شهرة و أسماهم مكانة في عالم الفكر.
ــ وكما ان لسقراط أشخاص قد غالوا في الاشادة بمزاياة وفضائله كذلك كان هناك أشخاص قد بالغوا في تسفيه آراءه وانتقاص قدره وعلى رأسهم شاعر الملهاة الكبير " أرستوفانيس- Aristophanes"
فقد قدم لنا صورة في مسرحية السحب, ملأ بالسخرية من سقراط, وإهدار مكانته, وتشويه آراءه.
ــ ولد سقراط سنة 469 قبل الميلاد على مقربة من أثينا عاصمة اليونان ( اوروبا) .
ــ كان ابوه "سوفرونسز -sophronisus" نحاتاً, يروى انه هو نفسه بدأ حياته باتخاذ صفة ابيهو وانه نحت تمثالاً لهيرمس وآخر لربات القدر الثلاث أقيم قرب مدخل الأكروبوليس في اثينا.
ــ كان سقراط بطبيعته ميالا للنقاش والجدل وقد عمد إلى دراسة الفلسفة. التقى بكثير من الفلاسفة في عصره.
ــ تحول من علم الطبيعة الذي مال اليه في مطلع حياته الى علم الاخلاق وأخذ يختبر معتقدات الناس ليرى الاسس التي قامت عليها هذه المعتقدات, وكان يطلب ممن يوجه اليهم الاسئله
اجابات دقيقة محددة لا يشوبها التناقض, ويخيف من يعجز ان يكون واضحا في تفكيره, منطقياً في حديثه.
ــ كان يصارح الناس بانه لايعرف شيئاً ويجهر بذلك, والفرق بينه وبين غيره من الناس انه يعلم جهله, وهم يظنون انفسهم عقلاء وحكماء , ويعرفون كل شييء.
ــ اتهام سقراط والحكم باعدامه:طبعاً صارت احداث كثيرة خلال تلك الفترة الي اتهموه فيها وحكمو عليه بالاعدام بس ماذكرتها ذكرت لك فقط رؤوس الاقلام وتجنبت التفاصيل.
ــ لم يكن سقراط يميل إلى المشاركة في الاتجاهات السياسية, ولا يتطلع إلى المناصب الادارية, وقد شاء القدر أن يكون عضواً في مجلس الخمسمائة من سنة 406 إلى سنة 405ق.م,
و كان دائماً في مواقفه السياسية يتحرى جانب الاعتدال والرفق, وكان هو الوحيد الذي دافع عن القواد المنتصرين في معركة أرجنوسي البحرية,
فقد أتهم ثمانية من هؤلاء القواد المنتصرين بأنهم تركوا بحارة خمس وعشرين سفينة من السفن التي أغرقها العدو يموتون غرقاً على أثر عاصفة بحرية ولم يعملوا على انقاذهم,
وحكم عليهم بالاعدام, ولم تجد معاضة سقراط, ونفذ الحكم في ستة من هؤلاء القواد.
ــ كانت التهمة الأولى التي وجهت إلى سقراط هي أنه لايؤمن بآلة المدينة, ويدعو إلى عبادة غيرها من الآلهة.
وكانت التهمة الثانية هي انه افسد أخلاق الشباب و جرأهم على الاستهانة بالتقاليد والخروج على طاعة آبائهم.
ــ لما حان موعد الأجل, وبكر تلاميذه بالحظور الا افلاطون لانه كان مرضا في ذلك اليوم ولم يستطع الحظور, كان سقراط يبدو منشرح الصدر, مطمئن النفس,
واثقاً كل الثقة أن الموت انتقال من عالم الدثور والفناء إلى عالم الخلود والبقاء.
ــ دار حديث بينه وبين بعض اصدقائه من الشبان أبدوا فيه ما خالجهم من الشكوك عن بقاء الروح بعد فناء الجسد, فأكد لهم ان الروح لا تولد مع الجسد ولا تفنى بفناؤه وانما تشارك في الأبدية الحق و الخير.
ــ بعد غروب الشمس جاء الحارس الذي يحمل جرعة السم فتناول سقراط الكأس في هدوء وشرب كل مافيه دون ان يبدى أي تردد أو تقزز,
وهكذا كانت خاتمة هذا الفيلسوف الكبير 399 ق.م ,الذي ظل اسمه على كل لسان منذ 25 قرناً من الزمان, يضرب به المثل في الحكمة والمعرفة.
*6/نابلييون بونارت: أعظم عبقرية عسكرية عرفها التاريخ غريب الاطوار!!.
ــ عاش نابليون أعظم عبقرية عسكرية عرفها التاريخ ليشهد بأم عينه تهدم كل ما بناه من مجد سلب الألباب وحير العقول!!
ــ ولد في 15 أغسطس " آب " 1769م في أجاكسيو بجزيرة كورسيكا وقد اصبحت من الممتلكات الفرنسية منذ زمن يسير.
ــ كان الابن الرابع في أسرة كبيره من اصل ايطالي .
ــ دخل الجيش الفرنسي برتبة ملازم ثان في المدفعية سنة 1785 ,بعد ان اتم دروسه العسكرية.
ــ لما بلغ السادس والعشرين من عمره اصبح قائد أعلى للقوات الفرنسية , و في اثناء اول حمله خاضها نابليون بهذه الصفه اطلق عليه جنوده تحبباً لقب " الكابورال الصغير ".
ــ لما عاد نابليون سنة 1799 من حملته ضد الانجليز في مصر انتخب أحد القناصل الثلاثة الذين تسلموا زمام الحكم غير المستقر في الجمهورية الاولى, وكان من المفروض ان يحكم الثلاثة معاً لمدة 10 سنين ,
ولكن نابليون سرعان مافرض نفسه دكتاتوراً, وفي سنة 1802 عين قنصلاً مدى الحياة, وماهما الا سنتان حتى اصبح امبراطوراً.
ــ نظم خلال فترة حكمه كقنصل شؤون الحكومة , اوجد الاستقرار, غير ان تحالف بعض الدول الاوروبية ضده وعزمها على تحطيم الديمقراطية جر الى نزاع مسلح,
فحملة عدوانيه حالف فيها النصر نابليون على روسيا و بروسيا والنمسا , وجعل اخوته حكاماً على البلدان المحتلة التي ادخل اليها جميعاً مباديء الثروة الفرنسية.
ــ في سنة 1796 تزوج الحسناء جوزفين دي بوهارنه, ولكنه طلقها سنة 1810 (( 14 سنه زواج )) ليتزوج من ماريا لويزا, ابنه امبراطور النمسا. <<حاولت انزل لهم صور بس باء بحثي بالفشل .
ــ كان واثقاً من المستقبل ويريد ولياً للعهد, ولكنه كان قد شارف على النهاية, ففي 1812 بدأ زحفه الفاشل على روسيا . فلما عاد مهزوماً كانت خسارته قد بلغت 400 الف رجل,
وظلت سلسلة الانهزامات تلاحقه حتى 1814 ((سنتين من الانهزامات)), فاحتل الحلفاء باريس , اضطر للتنازل عن عرشه ونفي لجزيرة إلبا.(جزيرة ايطالية على بحر التيراني (Elba) ).
ــ وماهي الا سنة حتى هرب من هذه الجزيرة عائداً الا وطنه حيث جرد جيشاً زحف به الى باريس واعلن نفسه امبراطوراً. ولم يكن بد من تجدد الحرب , ولكنه هزم على يد الانكليز والنمساويين سنة
1815 في معركة " وترلو " الشهيرة, واستسلم في 15 تموز من تلك السنة فنفي الى جزيرة القديسة هيلانة حتى توفي في 15 آيار 1821 عن 51 عاماً.
*شخصيتة:
ــ وصف خادمه الخاص الذي كان الزم له من ظله بأن نابليون رجل غريب الاطوار ولكنه طيب القلب يستطيع المرء ان يخدعه.
ــ مما لا شك في صحته ان نابليون لم يكن مكتمل القوى العقلية, كما كان شاذاً في كثير من تصرفاته شذوذاً يحمل على الاعتقاد بانه كان مصاباً بمرض من الامراض النفسية.
ــ والجدير بالذكر ان ثقته بالمرأة ضعيفة وهذي هي احدى مقولاته الشهيرة : " أنني اشك في عفة كل امراة جميلة " <ياصبر الارض عليك
ــ كان يدعي الفلسفة, فيتكلم عن الخلود والروح وهذا نموذج من احدى مهاراته:
" اين الروح في الطفل وفي الرجل المجنون ؟ اذا دققت مسمارا في عنقك فأين تذهب روحك؟ ومامصير الروح بعد الموت؟ واذا مت غدا أصبح جسدي في الثرى غذاء للكرمب والجذر.
انا لا اصدق ان المسيح عاش حقيقة, ولا اعتقد في الدين المسيحي الا اذا كان منشؤه منذ الخليفة. لقد اخطأنا في انشاء مجلس الشيوخ والنواب. اذا شئت اذكاء نار الثروة في امة فما عليك
الا ايجاد ممثلين للامة. إن المرأه لم تخلق الا للتوالد.من المضحك الا يكون للرجل الا امرأة شرعية واحدة. اذا خيرت بين جميع الاديان لما اخترت الا عبادة الشمس لانها آلة الكون"
<<< الله يصلحك بس ..عاد مات وخلصنا
*7/ نيوتن: اعظم عباقرة العالم!!.
ــ يعتبر اسحاق نيوتن من ابرز شخصيات التاريخ وكبير عباقرة الانجليز بل أعظم عباقرة العالم على مر الأجيال. الذين قدموا للإنسان خدمات تجل عن الوصف ,
ولم تعرف البشرية قط عالما على ذلك القدر من الاهميه والعطاء. فإنه اكثر العلماء تأثيرا في هذا الكون.
ــ لكي نلتمس عبقرية ذلك العالم الفذ فل ننصت الى ما قاله عنه العالم الأشهر " أينشتين " :
" ان كل ماعرف من العلوم الطبيعية النظرية مدين لنيوتن.. وليش غير امتداد طبيعي لآرائه.."
ــ ولد في يوم 25 ديسمبر 1643م ..ضعيفا هزيلا تضطرب انفاسه على صدره . وقدرت له حياة يومه أو اقل من ذلك , لكن القدر شاء لهذا الطفل ان يبقى (75 عاما)
نشر خلالها اعلام المعرفة..نصر العلم على أسراره الطبيعية.
ــ حين بلغ الرابعه أودعته امه حجر جدته, وتخلت عنه لتعيش في كنف زوجها الجديد , لقد مات زوجها الاول (والد نيوتن) ولم يكن الجنين قد اكتمل نموه في الاحشاء.
ــ رأت الجدة مخايل الذكاء على حفيدها, فهو الطفل الذي لا يفتأ في كل يوم يبتدع لها بآلاته الصغيرة..المطرقة والمنشار..ألوانا و اشكالا كثيرة مستطرفة لاتدري هي كيف كد الصبي عقله فأوجدها.
ــ كان شغوفا بالعلم حريصا عليه الاا انه حينما ذهب الى المدرسه في 12 من عمره لم يبد نجابه بادىء الامر وظل طالبا عاديا.
ــ من الطريف ذكره انه استفز اهميته العقليه احد الطلبه من زملائه الاشداء اذ سدد اليه ضربه بقبضة يده هوت بنيوتن الى الارض فأخذ الطلبة يتضاحكون عليه ويتندرون بضعفه ووهنه...شحذ نيوتن عقله وانتصر على خصمه انتصارا مبرما
(لا في حلبة المصارعة بل في ميدان العلم) وبرز اسمه منذ ذلك الوقت بين اقرانه واصبح التلميذ النابغة في مدرسته بدون منازع.!
ــ لكن صوت الارض ظل يدوي في اذنيه تدعوه اليها ليقيم أمرها ويحرث ويعزق ارضها ويحمل على كتفيه تبعات ابيه الراحل فهجر الدراسه ولبى لها النداء.. ولكنه لم يدم على حالته تلك طويلا .فقد حرمت عليه امه مطالعه اي كتاب وطلبت منه الانصراف بكليه طاقته الى الارض ..فأخذ يسترق ساعات الزمن في خلسة ..بعيدا عن اعين الرقباء وينكب على كتيب يتدارسه..,, وقبض عليه خاله في احد الايام وهو ملق براسه الى ورقة يحبرها بالارقام والاعداد فوضع الخال يده عليه , وقال:انك يا اسحاق أحد اثنين لا ثالث لهما عندي,فاما ان تكون مجنونا أو عبقريا فذا, والله وحده اعلم بحقيقه الامر , ومن ثم خلى بينه وبين دراسته,فالتحق بكليه الاقاليم الثلاثة في كمبريدج عام 1660, وبز اخوانه في الدرس والتحصيل وخاصة في الرياضيات حتى تخرج في الكلية.
ــ في عام 1669 استقال أستاذه في الرياضيات "اسحاق بارو " وعين نيوتن خلفا له على توصية منه , وصف فيها نيوتن بأنه" عبقري لا نظير له " .
ــ ان لشهرة نيوتن بؤرتين: حساب التفاضل و الجاذبية . بدأ عمله في حساب التفاضل عام 1665.
ــ على ان الرياضيات على مافيه من عجب لم تكن سوى أداة لحساب الكميات,فهي لم تزعم أنها تفقه الحقيقة أو تصفها.فلما تحول نيوتن من الاداة الى البحث الجوهري عكف اولا على استكناه سر الضوء . وتناولت محاضراته الاولى في كمبردج الضوء واللون والرؤية.
ــ توصل عام 1666 الى احد كشوفه الاساسية حتى قبل أن يصنع التلسكوبات, وهو أن الضوء الابيض ,أو ضوء الشمس ليس بسيطا او متجانسا بل هو مركب من
الاحمر والبرتقالي والاصفر والاخضر والازرق والنيلي والبنفسجي وجمع مناقشاته حول الضوء في كتابة " البصريات Opticks " عام 1704.
ــ من كتبه "المباديء" 1687, "الجبر" 1693 ,"البصريات" 1704 .
*8/ هتلر:ذو الشخصية الفذة الكثيرة المتناقضات!!.
نشاته:
ــ أدولف هتلر أبصر النور في 20 نيسان 1889 في بروانا في منطقة تقوم على الضفة الشمالية لنهر الدانوب حوالي 50 ميلا فوق فيينا(النمسا-اوروبا).
ــ دخل المدرسة في السادسة من عمره فكان مجليا في دروسه وبخاصة الغناء,الرسم والرياضة البدنية.
ــ في ذلك الوقت كان ابوه في ال60 وامه في 37 فكان بارا بأمه مخلصا لها اخلاصها له , وهو الابن الثائر المعتد بنفسه,المعتمد عليها.
ــ كانت التقارير المدرسية واقوال زملائه تصفه بانه كان في المدرسة كالزعيم الهندي الاحمر,بأسا وشدة وعلو صوت الى جانب براعته في الخطابة.
ــ كان يثأر لنفسه ممن يعتدى عليه من الطلبة دون ان يلجا الى رفع شكوى إلى المدرسين.
ــ كان يحلم بأن يصبح رساما مع انه سقط في امتحان الدخول الى اكادمية الفن في فيينا (النمسا-اوروبا).
أعماله:
ــ تطوع في الحرب العالمية الاولى في الجيش واحرز رتبة كابورال.
ــ في عام 1919 انظم الى حزب العمال الالماني في ميونخ (ألمانيا-اوروبا) كمخبر للسلطات, وما لبث حتى اصبح زعيمه سنة 1921,
ادخل عليه بعض الاصلاحات وسماه الحزب الوطنى الاشتراكي (النازي).
ــ وماهما الا شهران حتى قام بثورة فاشلة فألقي القبض عليه وسجن, وفي سجنه وضع كتابه "كفاحي" (ماين كامف) الشهير
الذي يبسط فيه آراءه ونظرياته السياسيه.
ــ في سنة 1930 بدأ الصناعيون يسندون حزب هتلر, حتى اصبح في غضون سنتين اقوى احزاب الرايشتاغ (المجلس النيابي).
ــ في سنة 1933 أصبح هتلر مستشاراَ بفضل دهاء "فون بابن", ومالبث أن خلف المارشال هندنبورغ العجوز في رئاسة الدولة.
ــ اعلن رغبة المانيا في التسلح من جديد وانسحب من عضوية عصبة الامم واحتل منطقة الرور وتدخل في الثورة الاهلية في اسبانيا.
ــ في سنة 1938 ضم النمسا الى المانيا (الانشلوس), وقد تلا ذلك اتفاقية ميونخ, وسقوط تشيكوسلوفاكيا.
ــ في اول ايلول 1939 وبعد ان وقع هتلر ميثاق عدم اعتداء مع الاتحاد السوفياتي, غزت المانيا بولونيا, فكانت تلك الشرارة الاولى في الحرب العالمية الثانية.
ــ في سنة 1944 نجا بأعجوبة من مؤامرة دبرها له بعض كبار ضباط جيشه.
شخصيته:
ــ تعددت الاقوالا في شخصية هتلر وتضاربت , ولكنها تجمع كلها على ان من اغرب المظاهر في شخصيته ايمانه العميق في كل مايقول .
فهو قادر على ان ينكر كل اعماله ووعوده الماضية مناقضة للمصلحة الحاضرة او المقبلة. ويكون في هذا الانكار مؤمنا بقدر ماكان مؤمنا بالعمل نفسه.
ــ من نقائض هتلر الكبرى انه لم يسافر قط الى الخارج الا في زيارته لإيطاليا .
ــ كانت قراراته وتقديراته وانتهازاته للفرص كلها من صنع يده.
ــ ان العباقرة اناس غريبو الاطوار .. ومن غرائب أطوار هتلر المتناقضة أنه مزيج من التفكير الهاديء العميق, ومن الانفعال العنيف المتكبر الناشىء عن الغيظ الحنق .
ــ هتلر كثير المطالب والدلع لايعرف معنى العمل المنتظم
*9/ أبو العلاء المعري :الشاعر الكفيف الذي قهر الحياة!!.
ــ أبو العلاء , أحمد بن عبدالله بن سليمان المعري التنوخي ,ينتمي الى قبيلة تنوخ " وهي من أكثر العرب مناقب وحسبا ومن أعظمها مفاخر و ادبا ".
ــ بدأ خطوته على الطريق المهيأ لمثله, مرجوا لمستقبل مرموق , بما تلقى من ميراث سلالته العريقة في الفضل والعزة والعلم والادب.
ــ لم تكن نشأته بالشيء السهل فقد اصيب بالجدري وهو في عامه الرابع وأدت اصابته بهذا المرض الى تضاعفات منها اصابته في عينه اليمنى بمرض
"الاستافيلوما" فجحظت وفقدت الإبصار فأصبح الطفل اعمى في عامه الخامس تقريبا .
ــ نجا الطفل من الموت لكنه لم ينجى من التشويه فكف بصره وتراءى للناظرين بشعا: يسرى عينيه غائرة كحفرة, واليمنى ناتئة قد اختلط سوادها ببياضها
وتلونت بالدم في بعض نواحيها, وترك الجدرى نقراً متقاربة في جلد وجهه .
ــ درج منبوذا او كالمنبوذ , وأرهف شعور الاسى فيه أنه عالة على الغير في كل شيء. يلذعة الناس سراً او جهراً , صراحة او تعريضاً وإذا اشفقوا عليه
تبرعوا بالحنان او تظاهروا به. فانطوى على نفسه و آثر الوحدة مكرها.
ــ اقبل على حفظ دروسة التي حرص أبوه على تلقينه إياها: القرآن النحو و علوم اللغة. وادمن النظر فيها فأجال فكره الغض فيما احتواه الكتاب العزيز
من قصص وقضايا تتعلق بالكون والانسان والموت والبعث. شغفاً بالاسفار والتنقل.
ــ في بيئة كالمعرة و اسرة كأسرة قاضيها يتزعم قبائل عربية بدوية مسلمة لا يسمحون باختلاط الجنسين, وليس من وسيلة للاختلاط خارج الدار .
امه هي الوحيدة من بنات حواء التي انس بها وتعلق قلبه بحبها - تعلق بصوتها الحنون لانه لايستطيع الرؤية ومن هنا قوى فيه الميل الى
كل صوت جميل حزينا كان او طروباً.
ــ الفنون الجميلة هي الوسيلة الكبرى للتعبير عما تجيش به النفس من آلام وآمال, وهي احدى الوسائل التي نصور بها مثلنا العليا و أحلامنا,
وهي الوقاية من عنت الحقيقة العريانة و استبداد الرغبات والشهوات. وقد رزق هذا الصبي احساسا قوياً. وورث قدرة على قرض الشعر ,
فقد كان أبوه شاعراً ذهب بحظ غير قليل من الاجادة. ولو لم يكن قد ورث هذه القدرة على القريض وتذوق البارع من الشعر لترجح أن ينصرف إليه.
فما من وسيلة تخفف عنه بعض مابه غير الشعر. فليس بدعا أن يقرض الشعر في الحادية عشرة من عمره , وليس بدعا أن يستوعب القريض حياته الفكرية والعاطفية.
لكنه قد ورث كذلك نهما الى المعرفة , وماعند ابيه منها الا القليل . ثم هو قد ورث عن أمه شغفاً بالاسفار والتنقل.
ــ رحل طالباً للعلم فهو موفور النعمة ميسوراً,فقد شد الرحال الى حلب ( سوريا) يدرس النحو واللغة على تلميذ " خالوية " أحد ندماء سيف الدولة,
ويدرس الحديث على " يحيى ابن مصير " وغيرهما.
ــ بضاعة هؤلاء الحلبيين مأخوذة من الكتب, والتتلمذ فيه شيء من الذلة , وهو قد أصبح لا يطيق اذلال نفسه لأيما انسان.
الى الكتب إذن الى استاذ الجميع الذي لا يمن ولا يتفضل . فرحل الى انطاكيه (تركيا) ثم الى اللاذقية (سوريا) ثم الى طرابلس يختار من مكاتبها ما انتجته الحضارة العربية الاسلامية
ومانقلته عن الاغارقة والفرس والهنود, في هذه البلاد التقى برجال الدين من النصارى واليهود وبعض المتفلسفة منهم, فأخذ عنهم علوم النصرانية واليهودية وثقافة الاغريق على وجه التخصيص.
ذلك بأن كان النفوذ البيزنطى قوياً غلاباً في هذه البلاد في حافظته القوية وعقله الرحب فالتهم الفتى كل ما انتجته الحضارة العربية الاسلامية من فكر وعلم ,
ومانقلته وشرحته وزادت عليه من تراث أثينا والهند وفارس. وهنا نستثنى العلوم التجريبية والتي لا غنى فيها عن النظر.
ــ مات ابوه أثناء تحصيله, فلم يزد حزنه عليه أكثر من حزن التلميذ على أستاذه, فبكاه بدموع الشعراء ورثاه بعبارات التوقير:
فيا ليت شعري هل يخــــف وقاره ***** احــــد في القيـــــامة كالعــــــهن
وهل يراد الحوض الروى مبادراً ***** مع الناس م يخشى الزحام فيـــــستأنى
حجا زاده من جرأة و ســماحـــة ***** وبعض الحجا يدعو الى البخل والجبن
ــ امه مازلت حية غنية وقد خلف له أبوه وقفا يدر عليه ثلاثين ديناراً في العام, فهو مطمئن على مصيره في هذه الحياة.
لكن الموت الذي وقف على بابه خلال مرضه بالجدري نبه فيه غريزة الاستطلاع فذهب يتسائل عن مصير الاحياء بعد الحياة.
الروح.!؟ ماهي و ما كنهها و أين تذهب حين تفارق الجسد, هل تحل في جسد سواه, هل تبعث معه يوم القيامة, وهل يبعث الجسد؟!
وهذا الوجود أخالد هو , والزمان والمكان والعناصر , أقديمة هي أم حديثة وهل له بداية ونهاية؟! والعقل ماخطره وهل يوثق به؟!
وتلك الخلائق المتناحرة , واساطيرها و دولها, و ما تحب وما تكره, ماوجه الحق عنها؟!.
ــ الخلاف مستحكم حول هذه المسائل فيما قرأه هذا الفتى من كتب الدين ومذاهب الفلاسفة آراء المتكلمين و المعتزلة و الشيعة و اهل السنة, فبأيهم يأتم؟
ــ رحل الى بغداد والتقى باعلامها واطلع على مكاتبها وحضر مجالس المناظرة والجدل فيها وتعرف على عظمائها و أقطابها
وقضى هناك قرابة العامين لعله يجد تفسيرات لتساؤلاته ..وبعد ذلك اتجه الى مسقط رأسه" فهو متعطش لحنان امه واذ بالكارثة الكبرى تحدث فقد ماتت امه
وهو في طريقه الى المعرة.
خاتمة:
من الناس أفذاذ تغنيهم عن لقاء الأحباء وايناسهم وردة جافة يحتفظون بها, أو كلمات عذبة يتبلغون بها طوال الحياة.
وقد كان المعرى من هذا الطراز , فارتد الى الذكريات التي حببت اليه امه وحببته اليها.
ويخفف لوعة حزنه على امه وعلى حياته وعلى الناس بقرض الشعر من طراز لم يسبقه إليه أحد, الشعر الذي اتى فيه
"بما لم تستطيعه الاوائل " . و وجد هذا الرجل المنكوب سلوى في الشعر يصوغه من دمه وتجاربه و أفكاره ويبدعه من آلامه و أشجانه,
وجعله مجالاً لما يجيش به قلبه الموجع وعقله القلق, وضمنه أسمى ما يرتفع إليه الذهن وتحسه النفس النبيلة, و أودعه جماع ما حصل وجرب و أفاد.
وفي اعتداد و أ صرار صمم على أن يتحدى محنته ويشق سبيله لا يعوقه فقد البصر, ويلغ المدى في مكابرته, فرأ ى في صباه يلعب النرد والشطرنج
و يأخذ في فنون الجد واللهو كما يفعل لذاته المبصرون!.
وبدأ كأن الدنيا لا تتسع له,لفرط طموحه واعتداده بمواهبه:
وقد سار ذكرى في البلاد فمن لهم **** باخفاء شمس ضوؤها متكامل
يهم الليالي بعض ما آن مضمر **** ويثعل رضوى دون ما انا حامل
وإني وإن كنت الاخير زمانه **** لآت بما لم تستطعه الاوائل
وأملى له القدر حيناً,فمضى في شبيبته على غلوائه,يبهر اهل بلده بنادر ذكائه وسعة علمه ومواتاة شاعريه,ويسرف في أخذ نفسه بالتفتح للدنيا
والاقبال على الحياة مع الولع بالعلم والجد في طلبه.
وماكان في لطف حسه وصفاء وجدانه وعجيب فطنته,بحيث يغيب عنه عقم هذه المكابره فتحدى محنته ومعاندة قدره, وقد أفلتت منه ذلك العهد,
ومضات كاشفة عن عالمه النفسى المجهد بالصراع بين شد الطموح وعجز الوسيلة, وبين ارادة الحياة وخيبة الرجاء.
وبعد..فإن يكن أبو العلاء قد أمتحن بعمى البصر, فقد بقى له نور البصيرة.
و إن يكن قد عاش في سجن موصد,فقد أرهفت العزلة وجدانه, ومنحته صفاء الذهن ووضوح الرؤية,فكان البصير الذي خبر الدنيا كما لم يخبرها الغارقون
إلى أذقانهم في خضمهها,المعتزل الذي خاض معركة الحياة كما لم يخضها الضاربون في غمارها.
وإلى آخر عمره,ظل يخوض معركته الشريفة الباسلة في مجاهدة شغفه بالدنيا وتعلقه بها ,وفي رفض الظلم والبغى وتضليل والاثر والنفاق.
*10/ طـــه حسين: قاهر الظلام!!.
ــ ولد في قرية من قرى مصر عام 1889 م من عائلة فقيرة لكنها لم تكن معدمة.
ــ فقد بصره وهو في سن مبكرة إذ اصيب بالرمد وهو في السادسة من عمره , فحملته امه الى حلاق القرية ليفقد على يديه بصره.
ــ كانت هذه الحادثة من اكبر الاحداث في حياته شأنا. حادثة اخذته بألوان من الشدة , حملته الى حب الاستماع إلى اخبار " الهلاليين " و " الزناتيين " وقصص " المعلم جرس " و أغاني القرية ,
وحفظ القرآن الكريم الذي حمله إلى الازهر في قلب القاهرة.
ــ كان يجد في الازهر ( جامع في القاهرة ) كما يقول في " الأيام " راحة وامنا وطمأنينة واستقرار .
ــ لنقرأ ما قدمه طــه حسين عن نفسه وهو في القاهرة لاول مرة, في الجزء الاول من رائعة " الأيام ":
" عرفته في الثالثة من عمره حين ارسل الى القاهرة ليختلف الى دروس العلم في الازهر, ان كان في ذلك الوقت لصبى جد وعمل . كان نحيف شاحب اللون, مهمل الزي, اقرب الى الفقر منه الى الغنى ,
تقتحمه العين اقتحاما- اي تحتقره- في عبائته القذرة, وطاقيته اللتي استحال بياضها الى سواد قاتم وفي هذا القميص الذي يبين من تحته عبائته , وقد اتخذ الواناً مختلفة من كثرة ماسقط عليها من الطعام
وفي نعليه الباليتين المرقعتين . تقتحمه العين في هذا كله , ولكنها تبتسم له حين تراه على ماهو عليه من حاله رثه وبصر مكفوف, واضح الجبين مبتسم الثغر, مسرعاً مع قائدة الى الازهر, لاتختلف خطاه ,
ولا يتردد في مشيئته, ولا تظهر على وجهه هذه الظلمة التي تغشا عادة وجوه المكفوفين, تقتحمه العين ولكنها تبتسم له وتلاحظه في شيء من الرفق, حين تراه في حلقة الدرس مصغياً كله الى الشيخ
يلتهم كلامه التهاماً, مبتسماً مع ذلك لا متألماً ولا مظهراً ميلا الى لهو, على حين يلهو الصبيان من حوله ".
ــ هكذا يصف لنا عميد الادب حياة الصبا وكيف جاء الى القاهرة ليدرس في الازهر؟ ويشرح لنا بعد ذلك ماتحمله في سبيل الدرس والعلم من حرمان فيقول في موضوع آخر:
" عرفته ينفق اليوم والاسبوع والشهر والسنة لا يأكل الا لونا واحداً, يأخذ منه حظه في الصباح ويأخذ منه حظه في المساء, لا شاكياً ولا متبرما ولا متجلداً ولا مفكراً في حاله خليقة بالشكوى..
لقد كان ينفق الاسبوع والشهر لا يعيش الا على خبز الازهر, وويل للأزهريين من خبز الازهر . ان كانوا لا يجدو فيه ضروباً من القش وألوانا من الحصي وفنوناً من الحشرات..
وكان ينفق الاسبوع والاشهر لا يغمس هذا الخبز الا في العسل الاسود.."
ــ كان الشيخ طــه سعيداً بحياته في القاهرة ودراسته في الازهر على الرغم من الحرمان والمضايقات الكثيرة, وكان جاداً مبتسماً للحياة والدروس , بل كان يريد ان يلقي نفسه في هذا البحر
فيشرب منه ماشاء الله له ان يشرب ثم يموت فيه غرقاً, وعلى حد قوله في الجزء الثاني في " الايام " :" أي موت أحب الى الرجل النبيل من هذا الموت الذي يأتيه من العلم ويأتيه وهو غرق في العلم!! "
ــ بدأ الازهر يصقل شخصية صاحبنا , وفطن الى بعض المفاهيم الدينيه الخاطئة في الريف , وتمضي الايام طويلة حافلة , وتتراكم الاحداث على الجرح حتى تغطيه أو تنسيه فإذا بشيخ من شيوخ الازهر..
يغضب اذا يجادله طــه حسين في العلم فيقول للفتى في حدة ساخرة : " أسكت يا اعمى ما انت وذاك " . ويرد عليه بقوله : " ان طول اللسان لم يثبت قط حقاً ولم يصبح باطلاً " .
ــ عشق طه حسين الادب و أحب العلم واستولت على نفسه طموحات كثيرة و أخذ يحلم بأن يكمل دراسته في الخارج, وماذا يمنعه من ذلك؟ وبدأ يتعلم الفرنسية حتى يطل منها على أدب فرنسا ويقرأ للأسماء
اللامعة التي طالما داعبت خياله وفكره ..." لامارتين " , " الفريد دي موسيه " , " شاتوبريان " , " الفريد دي قيني " وغيرهم . واستطاع طه ان يفهم اللغه الفرنسية عن طريق صديق له يدعى محمود سليمان ,
والطريف ان طه تعلم الفرنسية على يد صديقه هذا مجانا مقابل ان يعلمه طه قواعد اللغه العربية فكانت المنفعة متبادلة .
ــ ذات يوم قرأ صاحبنا اعلانا في الصحف من الجامعه عن وجود بعثتين للدراسة في فرنسا في موضوعين هما: التاريخ والجغرافيا شعر ان الفرصة جاءته وانه لابد ان يكون واحدا من الاثنين ,
كتب الى الجامعه المصرية خطابا يعبر فيه عن حرصه و أمنيته أن يسافر الى فرنسا لدراسة التاريخ , ورغم الصعوبات التي قابلته الا أنه فاز بالبعثة وحقق أمنيته في السفر الى اوروبا وبخاصة فرنسا بلاد النور والمعرفة في 1914م
ــ لم تكن الحياة في فرنسا بعامة والدراسة بخاصة أمرا سهلا ميسورا فإن طه عانى في البداية صعوبات كثيرة :
اهمها عدم اتقانه للغة الفرنسية , ضعف امكاناته المادية و شعوره بأنه كالطائر الحبيس , وعندما قدم أول ابحاثه وكان عن الحياة الحزبية في فرنسا بعد سقوط نابليون قال له أستاذه :
ان البحث سطحي لا يستحق النقد مما أحزن طه وضايقة , واهتم طه بإتقان اللغة الفرنسية حتى اجادها , وكان يفضل السماع على القراءة عن طريق اصابعه وهي المعروفة بطريقة " برايل "
ولذلك احتاج لمن يقرأ له ويوفر عليه الوقت , وهيأ قدره السعيد فتاة تقرأ له مايريد , وعندما سمعها تقرأ عليه شيئا من شعر راسين , احس كأنه خلق خلقا جديدا , ومنذ تلك الساعة التي سمع فيها ذلك الصوت
العذب لو يعرف اليأس الى نفسه سبيلا, فقد ملاء مثله الاعلى" أبو العلاء المعري " - لا تقولون لي مانعرفه – نفسه باليأس والبؤس والقنوط , ولكن هذا الصوت بدد ذلك البؤس واليأس, وحوله إلى امل وحب الحياة ..
انها سوزان رفيقة طه حسين التي قال عنها في رائعته " الايام " :
" .. جعلت شقاءه سعادة , وضيقه سعة , وبؤسه نعيما وظلمته نورا , وأخذت ثقته بنفسه تثوب اليه , وأخذ ينجلى عنه الشعور بالغربة والضيق بالوحدة و السأم من العزلة ."
تغيرت حياته تماما فحينما كان يحاول الاختفاء ليعيش في الظل ..اقبل على الحياة بعد ان كان يعارضها , وبعد أن اتقن اللغة الفرنسية تعلم اللاتينية واقبل على الحياة في فرنسا و كأنه فرنسي الجنسية
وصادق المفكرين والادباء دور كايم مؤسس علم الاجتماع الحديث ..اندريه جيد .. جان بول سارتر .. ماسينيون..
ــ في عام 1917م حصل طه على درجة الليسانس في الآداب من جامعة السوربون (باريس) وفي العام التالي 1918م نوقشت رسالة الدكتوراه التي تقدم بها عن فلسفة ابن خلدون وقد كتبها باللغة الفرنسية مما يدل
على مدى تمكنه منها والتعمق في الفكر والثقافة الفرنسية.
ــ في عام 1919م عاد طه الى مصر ولم يعد وحده بل مع زوجته سوزان وثمرة حبه لها ابنتهما أمنيه , عاد ومعه درجه الدكتوراه من السوربون التي كانت مطمح آماله .. واهم من ذلك أنه عاد الى وطنه
مؤمنا بالثورة على الجهل والفساد والظلم وعرف ان دوره مع العلماء والمثقفين هو تزعم وقيادة هذة الثورة .. ألم يعيش في باريس بلاد النور ويعاش التقدم والحضارة ؟ ويستمع الى فيلسوف
" سان سيمون " يؤكد له ولكل المثقفين والعلماء أن دورهم هو العمل على رقى الشعب في شتى المجالات؟
مجالات نجاحه في مصر بعد عودته من فرنسا :
ــ بعد عودته الى مصر عام 1919م عين استاذا للتاريخ القديم في الجامعه ثم استاذا لتاريخ الادب العربي في كلية الآداب .وهي المرحلة التي أصدر فيها كتابه " في الشعر الجاهلي " الذي أحدث ضجة
أذاعت اسمه في العالم العربي والاسلامي لدرجة اضطرت النيابة العامة الى اصدار قرار مصادرة الكتاب من السوق.
ــ لم تتوقف معركته هنا , اذ عندما عين عميدا لكلية الآداب 1928م أثار هذا التعيين أزمة سياسية , وحاربه وزير المعارف وطالبه بالاستقاله, ولكنه أبى أن يستجيب حتى يعين أولا, فكان له ما أراد,
وعين يوما واحدا وقع في نهاره بعض الاوراق وقدم في مسائه استقالته.
ــ عين في عام 1930 عميدا وبعد يومين طلب اليه أن يستقيل ويعمل رئيسا لتحرير جريدة " الشعب " فرفض هذه المرة .
طلب منه أن يمنح الدكتوراة الفخرية من الجامعة لبعض السياسيين وهم : على ماهر, ابراهيم يحيى , عبدالعزيز فهمي, توفيق رفعت ..فقاومهم وقال : " إسمحوا لي بالدكتوراه أن ترتخص وتمنح الهوى "
وكان الثمن احالته على التقاعد.
ــ فذهب الى جريدة " السياسة " ليكتب فيها مجانا , وكان يتولى رئاسة تحريرها في غياب رئيس التحرير الاصلي
الدكتور محمد حسن هيكل صاحب أول رواية مصرية في هذا القرن " زينب ".
ــ وقد حملته الصحافة من جديد الى عمادة الآداب , الا انه سرعان ما أجبر على الاستقالة وقد افادته الاستقالة الثالثة حيث عين وزيرا للمعارف في وزارة نجيب الهلالي 1943م لكن سرعان ما ابعد واحيل على التقاعد .
ــ الا ان جاء عام 1950م وعين مرة ثانية وزيرا للمعارف حيث نفذ انقلابه هذه المرة , واعلن مجانية التعليم الثانوي والفنى والجامعى الامر الذي أغضب الملك فاروق لكنه قال :
" اني كنت سعيدا حين تعلمت على حساب الدولة ومن الحق على ان أتيح بعض هذه السعادة لاكبر عدد ممكن من شباب مصر, ولو استطعت لأتيحها لهم جميعا " جنة الحيوان ص97 " .
ــ ثم خرج طه حسين من الحياة السياسية وهو وزيرا في 26 كانون الثانى " يناير" عام 1952 , أي قبل ثورة مصر ب6 أشهر.
في شهر اكتوبر عام 1978 ودعت مصر ومعها العالم العربي علما من أعلام نهضتها الادبية ورائدا من كبار رجالات الفكر فيها ودعت " طه حسين " الى مثواه الأخير ..
خاتمة:
الحقيقة ان أمثال " طه حسين " لا يودعون الى مثوى من تراب لان ماتركوه لقومهم هو النور الذي لايستطيع أن يحده مكان ضاق او اتسع ولايستطيع ان يحول بينه وبين الانتشار ظلام مهما بلغت رقته او كثافته .
لقد ترك الرجل آثاره فكرا متحررا يستشرف آفاق المستقبل لبلاده و أمته ونظالا لايعرف الكلل او المهادنة في سبيل مايؤمن به من مبادىء , وما يقتنع به عقله الذكي من أفكار , ومايمليه عليه ضميره اليقظ من مواقف
منقووووووووول