من هو المهندس المعماري الذي صمم هذه المبنى؟
وعلى أي المدارس المعمارية استند في فكره؟
وما الغاية من إنشاء هكذا ناطحة سحاب يبلغ ارتفاعها 167.5م دون نوافذ حقيقية (عدا الضرورية منها في الطابقين العاشر والتاسع والعشرين)؟
وما المواد المستخدمة في إنشاء هذه الأنواع من المباني؟
للإجابة على هذه الأسئلة كان علينا الانطلاق من اسم المبنى «Long lines Building» والذي يعني (مبنى الخطوط الطويلة) والمقصود هنا خطوط الهاتف الرئيسية طويلة المدى، فهو عبارة عن مقسم هاتف أو مركز لخطوط الاتصالات الدولية ويحتوي على نظام أساسي يستخدم للمسافات الطويلة وهو بوابة التبديل الرئيسية التي تصل الولايات المتحدة الأمريكية بالعالم.
يوصف «مبنى الخطوط الطويلة» بالمبنى غريب الأطوار فهو مصنف من ناطحات السحاب وفيه 29 طابق، وله القدرة على تأمين كافة مستلزمات الحياة الضرورية لتكفي 1,500 شخص لمدة أسبوعين دون الحاجة إلى أي إمدادات خارجية، ويخزن 250,000 غالون من الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء التي يحتاجونها.
الموقع:
يقع المبنى في الطرف الشمالي من شارع Churchبين شارع توماس وشارع وورث؛ ويعد القسم الرئيسي في شركة «AT&T» الأمريكية للاتصالات، وهو معروف اليوم باسم الشارع الذي يقع فيه (33 Thomas Street) كما هو الحال في العديد من مباني نيويورك.
التصميم:
صمم المبنى المهندس المعماري جون كارل وورنيك الذي انطلق من فكرة الحماية من الأشعة النووية وآثار الهجوم النووي الذي كان محتملًا في فترة الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا، فهو لم يُبنَ لحماية البشر من الغازات السامة أو الإشعاعات النووية أو ما شابه ذلك بل اعتُمدت ناطحة السحاب هذه لتكون القوة الحقيقية لأجهزة الاتصال والتواصل؛ حتى يصفه البعض بأنه المبنى الأكثر حماية في أمريكا.
ينتسب مبنى (Long lines) إلى العمارة الوحشية المصمتة؛ بطوابقه المؤلفة من بلاطات بيتونية مسلحة، وواجهاته المفتقرة للنوافذ التقليدية، وبلونه الرمادي المميز، وعدم إضاءته ليلًا ما يحوله إلى ظل عملاق (كما يصفه بعض المعماريين).
بدأ بناؤه عام1969 ليُفتتح في العام 1974، بارتفاع يصل إلى 167.5 مترًا (550 قدمًا) ويبلغ ارتفاع الطابق الواحد 5.5 أمتار، بالإضافة إلى أنّ قدرة احتمالية أرضية الطابق عالية جدًا وتصل إلى 1,465كغ/ م2
والمبنى الآن باقٍ كما هو دون أي تعديلات أو تغيرات في تصميمه أو وظيفته باستثناء تحويل بعض الأماكن المتوفرة فيه إلى مركز لحفظ المعلومات المهمة.
وللوقوف عند أهمية هذا المبنى: في السابع عشر من أيلول/سبتمبر من العالم 1997 بسبب خطأ بشري توقف المبنى عن العمل بشكل كامل ما أدى إلى انقطاع الهاتف عن خمسة ملايين شخص في أمريكا في ذلك الوقت، فلنا هنا أن نتخيل الضرر الذي سينتج عند خسارة كامل الأجهزة المتواجدة فيه.
يصف البعض مبنى (Long Lines) بأنه «ناطحة السحاب التي صممت لتسكنها الآلات والأجهزة، وصممت لاستيعاب كابلات الهاتف الطويلة، لحمايتها من الهجوم النووي إبان الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا».
بعد الانتهاء من البناء لفت مبنى (Long Lines) الكثير من الأنظار إليه على الرغم من أنه معتم وغير ظاهر أمام المباني الأخرى المجاورة له في مدينة نيويورك، حتى أن الناقد المعماري بول غولدبرغر (Paul Goldberger) نشر في صحيفة النيويورك تايمز زاوية قال فيها: «لهذا المبنى سحره الخاص فهو ليس كباقي مباني شركات الاتصالات التي أعرفها والتي تكون غالبًا عبارة عن صناديق تحوي أجهزة إلكترونية؛ بل هو بما فيه لديه جاذبية مميزة تجعلك تراه وبنفس الوقت لا تراه».