هذا ما يفرق المريض النفسي عن العقلي
عزيزي رئيس التحرير
يتناول علم النفس الامراض النفسية والعقلية تحت شكل تقسيمات وتصنيفات متعددة: فهي اما ان تكون نفسية - عصبية، واما ان تكون عقلية وفي هذا كتب احد الاخصائيين النفسيين ما اجده مناسبا ومفيدا لبعض من يعاني او لديه شيئ من هذه الاعراض.
ان اشد ما يتميز به المريض النفسي هو عدم تلاؤمه مع بيئته. انه يعجز عن ان يتلاءم مع حقله الاجتماعي اي مع واقعه ومحيطة وعمله وما شابه.. هذا الصراع الانفعالي بينه وبين واقعه هو سبب المرض النفسي، وهنا تبرز متاعب المريض وآلامه وعدم تلاؤمه وصراعاته مع مجتمعه.
ونتيجة ذلك نرى المريض يفتش عن حل للتلاؤم والتكيف، فنجد ذلك في محاولات توفيقيه كأن يهرب مثلا الى النوم، او كالنكوص الى الطفولة، او الانهزام، او الى مثل هذه الحلول السلبية.
المريض النفسي والمريض العقلي:
يتميز المريض النفسي عن المريض العقلي (المجنون) باشياء كثيرة: الاول انه يعي مرضه او مابه من حالات نفسية غير سوية، كما يعي جيدا سلوكه ونشاطاته الفردية والاجتماعية فعلى سبيل المثال، ان المصاب بالهلوسة (هي انحراف بالحس والادراك) قد يرى او يسمع اشياء لا وجود لها في الواقع، الا انه يعلم جيدا ان هذه الاشياء التي يسمعها او يراها لا وجود لها، لذلك يكون سلوكه طبيعيا وعاديا.
اما الميرض العقلي (انواع الجنون الكثيرة) فهو، بالعكس قد يرى او يسمع اشياء لا وجود لها ولكنه - وهذا ما يميزه - يقتنع فعلا بوجودها ويكون بموجب ذلك سلوكه ونشاطه وحركاته.
ففي بعض انواع الجنون يقول المريض بها: انه يسمع صوتا او يرى قادما من بعيد، لذلك فهو يصغي لهذا الصوت او يجيب عن اسئلة وهمية او يخاطب هذا الصوت غير الموجود، كما انه قد يتقدم لمقابلة او للهجوم على القادم او يشير اليه.. ان المجنون هنا، يظن وجود اشياء غير موجودة ويبني سلوكه على هذا. في الفصام، وهو نوع من الجنون، يكون المريض منطويا على نفسه، جامدا يهمل حاجياته الغريزية، الا انه ينقلب احيانا الى وحش فيهجم ليقتل طبيبه، او الممرض او من يقع تحت يديه بسب ظنه ان هذا يريد به سوءا.
حالات من الامراض النفسية:
المريض النفسي عكس المريض العقلي يعي ويعرف، فالذي يخشى ان يكون قد نسى باب غرفته ثم يرجع ليغلقه، ثم يكرر ذلك وبشكل دائم، هو مريض نفسي يعرف سلوكه هذا ووعيه وحالاته، الا انه لا يستطيع الفكاك من هذا السلوك. كذلك القول بالذي ينسى مكان بيته فهو مريض نفسي مع سلامة عقله، انه ينسى بيته لوجود صراع داخلي بين نفسه وبين البيئة او الحقل الاجتماعي الذي هو هنا البيت او ما فيه او ما يمثله. بمعنى، ان نسيان البيت هو الرغبة الدفينة لنسيان ما يسببه البيت من الام وصراع وعدم تكيف. تماما هي حال الذي يخاف من الكلب، او المكان العالي، او الظلام.. لان هذا قد سبب له في طفولته حادثا اليما كبت في اللاوعي.
الخوف، اذا، يكون خوفا من هذا الخوف الاول اي من الحادث القديم المؤلم والمكبوت، والقضية، اذا هي عدم تلاؤم يبن المريض ويبن واقع يمثله الكلب الذي هو هنا خوف - الموجهة للسلوك بلا وعي وبتسلط اللا وعي - الذي هنا هو القوة - التي تقود السلوك الاجتماعي والواعي للشخص المصاب نفسيا.
وتسبب الامراض النفسية الاما قد تفوق الالام البدنية،وقد لا تقل عنها حدة ومدة او عمقا ودواما. بل ان المرض النفسي قد يؤدي احيانا الى المرض العقلي، الى الجنون. والامثلة هنا كثيرة وعديدة سواء اكان ذلك في ميدان العمل ام في الحياة البيتية.
وفي جميع الاحوال فانه من الخطأ والخطر النظر الى المرض النفسي على انه عرضي او انه من العيب اللجوء الى الطبيب النفسي للاستشارة والمداواة، لا خجل ولا عيب في اللجوء الى طببب الامراض العقلية.
اذكر جيدا حالة طفلة في الثامنة كانت كلما رأت كلب جدها الكبير تأخذ في النباح ثم تركض وتصيح وكادت مرات عديدة تقع من الشرفة، ادهشني غضب ذويها عندما المحت للطلب العقلي النفسي.
ان الامراض النفسية قابلة للشفاء، وهي كغيرها من الامراض البدنية تخضع للتحمية والقوانين والعلاج.