بعد هذه الرحلة الجميلة التي تجولنا فيها بين عظماء اختاروا أن يغيِّروا مسار حياتهم إلى الأصلح والأنفع والأهدى، لا بُدَّ أن كل واحد منّا بداخله مشاعر كثيرة، وأحاسيس شتى..

لا شك أننا نريد أن نعرف أكثر وأكثر عن حياتهم.. لا شك أن هناك تفصيلات كثيرة لم يذكرها التاريخ عن قصص هؤلاء العظماء كنا نتمنى أن نعرفها، لكن -للأسف- معظم هؤلاء غادروا أرضنا التي نعيش عليها إلى عالم لا عودة منه.. ونسأل الله أن يجعل مثواهم جميعًا الجنة..

هل تدركون ما الذي أتمناه الآن؟!

أتمنى أن أسجِّل حياة كل إنسان أسلم على وجه الأرض! وعندما أقول: "كل إنسان"؛ فأنا أعني الكلمة جيدًا.. فأنا لا أريد فقط أن أسجل حياة المشاهير وكبار القوم الذين أسلموا، ولكن أريد أن أعرف قصة كل إنسان استطاع أن يأخذ هذا القرار المهيب، ويواجه الطوفان الهائل الذي ينتظره بعد تغيير دينه وعقيدته.. أريد أن أعرف قصة الطبيب وأستاذ الجامعة، كما أريد أن أعرف قصة العامل البسيط والفلاح.. أريد أن أعرف قصة الأمريكي والإنجليزي والألماني، كما أريد أن أعرف قصة الأوغندي والكمبودي والبرازيلي.. أريد أن أعرف قصة المفكرة والأديبة والراهبة، كما أريد أن أعرف قصة ربَّة البيت وطالبة الجامعة والموظفة في أحد محلات السوبر ماركت.. هذه القصص موجودة حولنا بكثرة.. وهي قصص في غاية الروعة..

ما الذي دفعهم للإسلام؟

ماذا واجهوا من أحداث؟ كيف يفكرون الآن؟ وكيف كانوا يفكرون قبل إسلامهم؟

ما هي أحلامهم وطموحاتهم وأمنياتهم؟ كيف يتعاملون مع أهل بيتهم وجيرانهم ومجتمعاتهم؟

إنها تجارب إنسانية في غاية الأهميَّة، وعلى درجة قصوى من الفائدة، ولن تتوقف فائدتها عند مرحلة معينة، بل ستظل فائدتها -بإذن الله- باقية إلى يوم القيامة، ولعلَّ من أكبر طرق إقناع غير المسلم أن يغيِّر عقيدته هو أن يقرأ قصة رجل أو امرأة من بني جلدته أسلم واختار الحياة الإيمانية الجديدة..

إنَّ هذا كله يدفعني وبقوَّة إلى الدعوة إلى مشروع تسجيل قصص المسلمين الجدد، المعاصرين لنا، والذين يعيشون حولنا.. إنها دعوة أوجِّهها إلى كل المسلمين في كل بلاد العالم أن يرسلوا لنا قصص هؤلاء مؤيَّدة بالصور والبيانات والإحصائيات والأدلة؛ لكي نسجلها وتنتفع بها البشرية كلها بإذن الله، ولعلَّ نواة ذلك تكون موقع قصة الإسلام، وهو الموقع الخاص بي (طالع: ملحق حوار مع المسلم الجديد)، فليُرسِل لي كل من قرأ الكتاب ما استطاع أن يرسله من قصص المسلمين الجدد، وليرسل كل واحد منَّا هذه الفكرة إلى معارفه من المسلمين في الدول الأجنبية؛ كي يقوموا بإرسال قصصهم المتعددة لنا، وسنقوم بنشر ذلك على الموقع الإلكتروني، إضافةً إلى تفريغه في كتب ومقالات، بحيث تعمُّ الفائدة وتنتشر الحقائق.

إنَّ حُجَّة الله بالغة، وإن دين الله كامل، وإن البشر التائهين في دروب الشرك والضلال ليحتاجون إلى هداية الإسلام، ونور الوحي، فعلى كل من استطاع أن يُشعِل شمعة أن يشعلها، وعلى كل من تمكَّن من إنارة سبيل ألاَّ يتردد..

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: خاتمة كتاب (عظماء أسلموا)


د. راغب السرجاني