خارج كعادتي إلى المسجد لتلقي العلوم الدينية وفي أثناء الطريق ركب في السيارة شابان وقعدا في آخر السيارة , وبعد برهة , تعالت أصوات الأغاني من أجهزتهما النقالة (الموبايل) , فنضرت إليهما نضرة استغراب , ولم يبالوا بذلك , فنضرت إليهما ثانية , وثالثة , حتى قال أحدهما للآخر باستهزاء :
ذلك الشاب ينضر إلينا
وقال الآخر : ما لهذا الشاب ينضر إلينا ؟!! ماذا يريد ؟؟
فقلت لهما : الرجاء أخفضا صوت الأجهزة , فإن السيارة ليست ملككما
فقال أحدهما : أليس نحن في زمن الحرية ( والديمقراطية) فلماذا تمنعونا أن نمارس حريتنا ؟؟
فقلت له : ألآن أريد أن أقوم وأصفعك على خدك هل تقبل ؟
فقال : طبعا لا أقبل .
فقلت له : ألسنا في زمن الحرية , لماذا تمنعني من ممارسة حريتي ؟
هل تقبل أن تخرج أختك من دون حجاب (سافرة) إلى الشارع ؟
فقال : لا طبعا
فقلت : ولماذا تمنعها من ممارسة حريتها ؟ هي حرة دعها تفعل ما تشاء
فقال : ولكن هذا شيء يخالف عاداتنا وديننا , والحرية ليست هكذا
فقلت له : إذن أنت توافقني أن للحرية قيود وشروط يجب علينا أن نلتزم بها , أنت تتفق معي بأن الحرية هي :
أن يمارس الإنسان أفعاله وأعماله بشرط عدم الاعتداء على الآخرين . وإلا فأنا الآن أريد أن أقوم وأصفعك على خدك , والآخر يريد أن يأخذ سلاحه ويقتل به من يشاء بدعوى أننا نريد أن نمارس حريتنا , ما هكذا الحرية يا أخي العزيــــــــــز , وإن قلت أنك لم تؤذني عندما على صوت هاتفك بالأغاني ولم تعتدي علي , أقـــــــــــول لك :
إن الاعتداء على الآخرين لا يقتصر على الجسدي فقط , فأنت لا تقبل أن أشتمك , بالرغم من أني لم أعتد عليك جسديا , وإنما نفسيا , إني اعتديت عليك وأذيتك نفسيا لا جسديا وهو ( أي الاعتداء النفسي ) يكون ــ في بعض الأحيان ــ أشد وأقوى من الجسدي , فالسيـــــــــارة يا حبيبي فيها المريض , وفيها الذي يتأذى من الصوت العالي وفيها من يخاف الله ولا يجوز له أن يسمع ألأغاني , فأنت بفعلك هذا أذيتنا جميعا , في بيتك أفعل ما تريد وأستمع لما تحب أما في السيارة وفي ألاماكن العامة التي ليست ملكا لأحد فلا يـــا عزيزي .
فعند ذلك وصلت بنا السيارة إلى محل وقوف السيارات , وقبيل أن أنزل من السيارة قلت لهم معذرة إن أزعجتكم بكلامي أو آذيتكم , فقالوا :
بالعكس نحن الذين نعتذر وشكراًً لك على هذا الإيضاح .