عادات الزواج والخطوبةفي الموصل
يفضل أهل الموصل.. البنت العاقلي المدبرة الأصيلي المصنصلي
والمصنصلي (أي الخالية من الشوائب )، أم بيت
وأم البيت هنا تعني أن تكون (عجاني خبازي طباخة غزّالي خياطةونقاشي)
وبنت أويدم، والأصيلي تعني ذات الأصل المعروف، حتى لو كانت فقيرة الحال،
كما كان أهل البنت يفضلون الشاب الأصيل فقير الحال على الغني غير معروف الأصل ويقولون
(خذ الأصيل ونام عالحصير)، فهم يطلبون الكفاءةفي الزواج، ولا ينظرون إلى حاله
بل إلىمكانة أسرته في المدينة وحسن سمعته وسمعة أهله وأخلاقه ومعاملته مع الناس،
ويفضلون ابن البلد على الأجنبي(الغريب)، حتى ان بعضهم كان يغالي في هذا
فلا يزوج ابنته لشاب يسكن محلة بعيدة عن محلته، وقلما كنا (في الخمسينات وما قبلها)
نجدموصلية قد تزوجت بغير موصلي. ويفضل المواصلة (ابنة العم والخال )على غيرها،
فإذا ما ولدت ابنة لعم أو لخال ورغب أخوه أو أخته بها فانه يسميهالأحد ابناءه (فلانة لفلان)فلا يتقدم أحد لخطبتها، وقد تكون المرأةبديلة بين أبناء الأقارب، فيتزوج كل منهما أخت الثاني
ويسمى هذاالزواج (كصة بكصة) ويقولون عن زواج الأقارب فيما بينهم (حتى لا يطلع شيءبغا
أي خارج العائلة، أو (حتى لا يغوح خيغنا لغيغنا) أي (حتى لا يذهب خيرنا لغيرنا).
ويتشائم أهل الموصل منالزواجبالأرملة،ويقولون في هذا (أعزب دهر .. ولا أرملة شهر.
على أن بعضهم يقدم علىالزواجمن الأرملةلأسباب منها انها من عائلة طيبة أو ذكية أو جميلة،
أو غنيةعنده فلوس كثيغ ,ويقولون في هذا (خذ الأغملي واضحك عليها وطلّع من جيبهاواصرف عليها).
واذا كبر الولد واشتغل في عمل أو مهنة ما (صاغ غجال)،فإن الأم تفاتحه في الزواج،
فتصف له بعض البنات وما هن عليه من الحياء والحسن والجمال (والعدالي) فتقول له:
ابني، فلاني .. بنت بيت، ما تطلع إلا مع أمها، ما تزور(تزوغ) أحد ولا أحد (يزوغة)
إلابالمناسبات ومع امها، باب الحوش ما كن غشعتوا، وحين تطلع عالسطوح لنشرالملابس
(تنشغ الحواس) تكون ليبسي عبايي، كتافها ما كنغشعوا الشمس، خاتون بنت خاتون،
وكل من ياخذها ينسعد بيها، تريح قلبو، وترتب بيتو، وهيه بنت فلانة، وامها معروفي بالتدبير
والحسن والأخلاق، وامها (ام بنين) وزوجهامسعود بيها ومثل ما يقول المثل (حزّ البصلي واشتما ..
البنتتطلع مثل اما)، أو (كب الشغبي على ثما .. البنت تطلع على اما)، أما الأب فانه يفضل بنات
اخوته وأهله، فيقول لإبنه: أبوها وامها منعدنا والمثل يقول (الطين من هالطين والكعكي من هالعجين.) هذا
الكلام يدور في الأمسيات الموصلية داخل العائلة، فإذاكان الشاب قد اقتنع بالزواج من
احدىقريباته فإنه يصغي لحديث أمه ووالده ولا يعترض. وإن هو لم يرغب باحدى قريباته فإنه يقاطع
كلامهما مبديا عدم ارتياحه من الكلام الذي يتكرر كل أمسية، وانه لا يرغب بالفتاة التي يصفونها له،
فتثورثائرة الأم وتقول له: ابني (بنت خالك أو بنت عمك معروفي عدنا ومعلومي أخلاقها، وهيمن
لحمنا ودمنا ومثل ما يقول المثل الما ياخذ من ملتو يموت بغير علتو). فإن امتنع الولد، تبدأ المشاكل
في البيت وتبدا الأم بتعداد الجيران أو انها تقوم بدعوتهم إلى البيت بحجة مساعدتها في بعض أعمال
البيت، فيتسابقن إليها وهن متزينات كل واحدةتريد إظهار مهارتها أمام أهل البيت، لعل هذا يكون
شفيعا لها عند الولد فإما أن (تصيد المصيدة) واما لا، وتعاد الكرة في المساء فتبدأ الأم تردد على
أسماع ابنها ما (لفلانة) من خفة وشطارة،وانها (شالت ثقل البيت كلتو على غاسه)، وانها بنت جارتنا
ونعرف أهلها وعائلتها ومثل ما يقول المثل (يا مثلنا تعالو عدنا) وامها معروفة وأم بيت والمثل يقول
(دحق بعباتها واخطب بناتها) .. دحق تعني أنظر
وكثيرا ما يأتي الولد بخبر عن أهل البنت يدور حول امها أو خالاتها أو عماتها، ومشاكلهن مع أزواجهن،
وتفند الأم ذلك بالقول (هذا الحكي ما منعندك، أعرف هذا الحكي من جارتنا فلانة التي تغيد
تحشك بنتها ببيتنا) .. تحشك تعني تدخل عنوة، وتحلف الأم: والله والله فلا آخذ بنتها هذي اللي
تشتغل (صنطة بصنطة) .. صنطة: تعني بسكوت ومثلما يقول المثل (أكو تين مطبق وأكو جوز
مقشقش)).. أما اذا فشلت هذه العملية في اقناع الولد بفتاة من الجيران، فتسعى الأم إلى (الدلالي)
التي تعرف بيوت المحلة والمحلات الأخرى وما فيها من أسرار البناتوكأنها (مختار المحلة).
اما اذا اقتنعالولد ورضي بواحدة من البنات ووافق على خطبتها، فتبدأ مراسيم أخرى، وهي قيام
الأهل بالسؤال من أقارب البنت: هل هي مخطوبةأو (منيشني) أو لها ابن عم أو ابن خال يريدها،
فإن لميكن شيء من هذا، فإن أهل الولد لا يباغتون أهل البنت بالموضوع خشية الطمع بهم وأن
(يتعززون)، فيرسلون أحدى النساء إلى بيت البنت لتخبرهم بأن بيت فلانيريدون زيارتكم فقط لأنهم
يريدون تزويج ابنهم لبنت (تشبه بنتكم)، فيرحب أهل البنت بعد أن عرفوا القصد، فينظفون الدارويعدون
غرفة الإستقبال ويزين البيت وتلبس البنت أجمل فساتينها وكل ما تمتلكه من حلي وذهب، وعندما
يحضر اهل الولد تكون البنت في غرفة أخرى تشتغل بالخياطة أو النسيج أو النقش والتطريز وتضع
(تنشغ) جانبها بعض القطع من أشغالها كيما يرى انتاجها أهل الولد، ثم تنهض وتمشي في استحياء
حاملة (الشرابت) وتقدم لهم مطرقة رأسهاللأسفل ولا تتكلم حتى لو سئلت، وتجلس معهم بعد أن
تأمرهاأمها بالجلوس، وهي ساكتة وتحاول النساء من أهل الولد سؤالها والتكلم معها لكنها لاتجيب،
لأن أمها قالت لها قبل مجيء الخطار: إذافتحتي ثمكي أقصوا للسينكي! ويحاولن مرات ومرات حمل
البنت على الكلام ليتأكدن من حسن منطقها وطلاقة لسانها، وتحاول احداهن مداعبة ما تلبسه من
ذهب وحلي لكي تتأكد من سلامة يديها ورجليها من أية أمراض جلدية،وفيما اذا كانت (سميني أو ضعيفي) لأن
(السميني) هي المقبولة عند أهل الموصل، حيث يقولن عن السمينة (مطبطبي)
وعن الضعيفة (كومة عظام)، وتعطيها احداهن بعض الجوز والبندق لتتأكد من سلامة أسنانهاوتلقي
احداهن بابرة في الأرض وتريدها أن تبحث عنهالتتأكد من سلامة عينيها .. وهكذا (فحص كامل)
يعدن بعدذلك إلى البيت، فإذا رغبن بها يكون الشرح أيجابيا أمام الولد وأبيه، وان لم يرغبن بها
فإنهم يحاولون اظهار كل سلبيات البنت وبيتها.
واذا تمت الموافقة تبدا التحضيرات (للنيشان) ومتطلباته، والنيشان هو الإتفاق بين الطرفين على
الحلي الذهبية التي تلبسها العروس (والنقديي) أي المقدم والمؤخر (عند المسلمين)،
وأغلب الحاجيات الذهبية تكون (حجول وقايش وكردانة ومنتشي ومفردات وقاردون وسباح
ومغاودومحيبس ...إلخ). ومن طقوسالزواجيوم النيشان، حيث يتفق الطرفان على يوم النيشان
ويقدمأهل العريس(الختن) أسماء عدد المدعوين من جانبهم لكي يعد أهل العروس (العغوص)
ما يلزم لإستضافتهم، ويهب أهل العروس لتنظيف البيت وتجديد أثاثه وربما طلبوا من الجيران
ما يكمل مظهر دارهم، ويعدون ألوانا من المأكولات (الطبيخ) مثل: الدولمة (اليبرغ) والكبب
والقيسي والمحلبية والكاهي والسنبوسك والبقلاوة و(حجي بدم) والشكرلمة وحلاوة من السما،
ويشارك الجيران في اعداد المأكولات، وهنا تقول أم العروس لجارتها التي تساعدها: عيني أم فلاني ..
يوم زواج (فلانة) انشاءالله ونوفيكي .
ومن أغاني النيشان :
يوم نيشانكي علىفلان) مبارك
عشرة طلبوك وعشرةخطبوك
وعشرة كنسواالبيعة من كيصلي أبوك
عشرة وقفوا علىالباب
وعشرة ردواالجواب
ويحد ايقول للاخ .. انا عبد لأبوكي
ثم هنالك ليلةالحنة: وهي الليلة التي تسبق يوم الزفاف، وتكون في بيت العروس للنساء
وفي بين العريس للرجال، ففي بيت العروس تجتمع الصديقات والقريبات ويأخذن بالرقص والغناء،
وكذلك في بيت العريس حيث يجتمع أصدقاؤه ويبدأون الرقص والغناء، وتتقدم (الغسالة)
وبيدهااناء جميل فيه حنة مجبولة وطاسة ماء نثر فيها زهر الجنبد أو ماء الورد وصينية فيها
شموع وتتقدم وتحني كف العريس اليمنة ثم أصابع الشباب من أصدقاءه،وكلما حنت واحدا رمى
كمية من النقود في الطاسة لتقول له: ان شاءالله احنيك ليلة حنتك. وبعد الإنتهاء يذهب العريس
وبعض المقربين إلى بيت أهل العروس ليجلس هناك، لتكلف (مسعودي) وهي من سعدت بحياتهاوزواجها للقيام بحنة العروس وهكذا.
وهناك كلمة تستعمل مع الحنة، فحين تحنى يد أي
واحد من الشباب ينهض احدهم ويصرخ (بردحاق صات ناصي ...هيه.. على راس بيت فلان
وما يتبعم على عيني وراسي) وبردحاق: كلمةتركية مردحاق وتعني (فليسلم هذا الحق)
ومن أغاني الحنة:
الحنة الحنةهالليلة الحنة .. لآطلع ولالي بسطوح العلالي
أمو تعالي دنجبل ا لحنة
ويغني أهل العريس :
هجمنا شيوخ شمر ..على دار المعمر
وأخذناها لفلانة .. على دار المعمر
أخناها البنتكم .. أصيلي وما تتثمن
ومنو كن ريضانا .. أبوها كن ريضانا
وفلانة كن عطانا .. اصيلي وما تتثمن