يعد النابغة الذبياني من أوائل الشعراء العرب وقيل إن النابغة لقب بهذا اللقب لأنه نبغ في الشعر أي أبدع في الشعر دفعة واحده.
وهو زياد بن معاويه (وكنيته أبو امامه) ولد سنة 230 قبل الهجرة واعتبره البعض من شعراء المعلقات.
وتتفق روايات المؤرخين على أن النّابغة نال حظوة كبيرة عند النعمان الذي قرّبه إليه بعد أن أحسن وفادته، ولا شك في أن الشاعر نزل من نفس الملك منزلة طيبة فآثره هذا بأجزل عطاياه وأوفر
ومما مدحه قوله:
فيه :
فإنك شمسٌ والملوكُ كواكب
إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُ
فدفع إليه مئة ناقة من الإبل السود، فيها رعاؤها، وأصبح النابغة أقرب المقربين إلى الملك النعمان بن المنذر وشاعر قصره ،وطلب النعمان من النابغة أن يصف له زوجته المتجردة في قصيدة تليق بها وقد كانت فائقة الجمال وكان النابغة على نيته فتجاوز في وصفه للمتجردة ليصل لما خفي منها.
واستبد النابغة بمودة الملك النعمان ، ما أثار حفيظة الشعراء ليعملوا على إفساد علاقته ببلاط الحيرة ونجحت الدسيسة وبات الشاعر مهدداً بدمه وحياته، فنصحه أبو قابوس عصام بن شهبر الجرمي- وكان بينه وبين النّابغة إخاء وصداقة- بترك البلاط، فاضطر النّابغة إلى الفرار، فلجأ إلى الغساسنة.
ويقال بأن السبب في مفارقة النّابغة النعمان، ، خبر يتصل بحادثة المتجردة. والمتجردة هذه، امرأة النعمان، وكانت فائقة الحسن، بارعة الجمال، وقيل بأن النابغة دخل على النعمان، ذات يوم، فرأى زوجته المتجردة وقد سقط نصيفها فاستترت منه بيدها. فأمره النعمان بأن يصفها له فأنشد قصيدته التي يقول فيها:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه
فتناولتْه واتّقتنا باليدِ
وكان للنعمان نديم يقال له المنخّل اليشكري يتهمِ بالمتجردة ، فلما سمع هذا الشعر، قال للنعمان: ما يستطيع أن يقول مثل هذا الشعر إلا من قد جرّب. فوقر ذلك في نفسه، وبلغ النابغة ذلك فخافه فهرب إلى غسان.
ثم علم أن النعمان عرف الحقيقة فجاء النابغة إلى الحيرة مع رجلين من فزارة هما: زيّان بن سيار ومنظور بن سيّار ،وكان بينهما وبين النعمان مودة ،و أشار النابغة إلى إحدى القيان أن تغني أبياتاً من قصيدته
(يا دار مية ) ومنها قوله:
أنبئت أن أبا قابوس أوعدني
ولا قرار على زأر من الأسد
فلما سمع الملك النعمان، هذا الشعر قال: هذا شعر النابغة،وسأل عنه، فأخبر مع صديقيه الفزاريين، فأمّنه النعمان. واسترجع النابغة مكانته عند الملك النعمان واستأنف مدائحه فيه.
ومما جاء في قصيدة المتجردة :
سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ
فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ
بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَهُ
عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ
نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم تَقضِها
نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجوهِ العُوَّدِ
تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَةٍ
بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُهُ بِالإِثمِدِ
كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَمائِهِ
جَفَّت أَعاليهِ وَأَسفَلُهُ نَدي
زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌ
عَذبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ المَورِدِ
زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُ
يُشفى بِرَيّا ريقِها العَطِشُ الصَدي
أَخَذَ العَذارى عِقدَها فَنَظَمنَهُ
مِن لُؤلُؤٍ مُتَتابِعٍ مُتَسَرِّدِ
وَيَكادُ يَنزِعُ جِلدَ مَن يُصلى بِهِ
بِلَوافِحٍ مِثلِ السَعيرِ الموقَدِ
لا وارِدٌ مِنها يَحورُ لِمَصدَرٍ
عَنها وَلا صَدِرٌ يَحورُ لِمَورِدِ
منقول