لعل شهرزاد بطلة حكايات الف ليلة وليلة، هي اقدم واشرس واقوى مدافعة عن حقوق المرأة في العالم
اجمع وعلى مرّ العصور. لم تكن شهرزاد مجرد جارية تروي الحكايات المسلية لقاتل تافه مريض نفسياً
هو شهريار الملك، بل انها كانت ثائرة استراتيجية استطاعت التغلب على هذا الطاغية
وكسر انف رجولته الحمقاء ...
شهريار كان ملكاً متجبراً يملأ قصره بالحريم والجواري، وقد اكتشف ان زوجته تخونه مع احد
عبيده، فقتل الزوجة والعبد، لكن لعبة القتل هذه أعجبته وصار يطلب كل يوم عذراء يتزوجها ثم
يقتلها في الصباح، حتى كادت المملكة تخلو من الصبايا.
وحدها شهرزاد ابنة وزيره الاول هي التي طلبت من ابيها ان يزوجها للملك، وسوف تنجو وتخلص
البلاد والعباد من هذا الوباء. فكان ان تزوجته وصارت تحكي له كل يوم قصة مشوقة، لكنها
كانت تتوقف عن الكلام حينما ينبلج الصباح، وتكون القصة في اوج تشويقها فيضطر شهريار الى
ابقائها حتى اليوم التالي ليسمع بقية القصة ثم
يقتلها. في اليوم التالي كانت شهرزاد تنهي القصة الاولى بعد ان تربطها بقصة ثانية لا تنتهي إلا في اليوم
التالي استمرت شهرزاد في القص حتى تخلّى الملك عن عادته القاتلة، وندم على جرائمه بحق النساء بعد
الف ليلة وليلة من الحكايا التي شطفت روحه من عقدة التمتع بالقتل
كانت لزوجة شهريار الاولى انتقامها بأن خانته مع العبد (وهذه دلالة رمزية على قصد التحقير) لأنه
كان يخونها مع مئات وربما آلاف الجواري. لكن هذا كان انتقاماً فردياً لم يؤدِ الى نتيجة. أما شهرزاد،
فقد انتقمت من روح القاتل وكسرت شوكته حتى أعلن الندم، بعد ان علمته ان عليه ان يبني علاقة
انسانية مع المرأة التي تشاركه الفراش، ليصل عن طريق هذه العلاقة الانسانية المتساوية الى النضج
العاطفي، من خلال خوض المرأة معركة استراتيجية مدروسة ضد غرائز الرجل شهريار العدوانية
شهرزاد هزمت شهريار حتى رجع كائناً عادياً، ثم عاشت معه في هناء وسعادة الى ان جاءهم هادم
اللذات ومفرق الجماعات.. الموت
كان شهريار يستحق القتل، لكن الأنثى المتسامحة كانت اكبر من غريزة الثأر، وهذه طبيعة الأنثى التي
تهب الحياة وتعطيها، كائناً أجمل وأعدل وأرق من ان تسلبها مهما كانت الظروف