الاشهر في الموروث العراقي
العراقيين على دراية بخواص كل شهر من اشهر السنه من حيث المناخ والطقس وذلك لاتصال حياتهم المعاشية بالزراعة
ولاشك ان الزراعة الناجحة تعتمد بالدرجة الاولى على معرفة خواص المواسم والفصول والشهور والايام ومايزرع في كل موسم من المحاصيل المختلفة وقد سبك العراقيين حسهم المناخي في امثال وعبارات مسجوعة ليشيروا بها الى مقاصدهم واغراضهم
كانـــــــون
لم يذكروا الاول والثاني وانما قالوا (دورة عاقل دورة مجنون ) اى تارة يكون فيه الجو هادئا وتارة عاصفا باردا وقالوا (كانون لو سيف مسنون لو در مخزون ) اى اما ان يكون من البرودة الشديدة بحيث يقع على الماشية كالسيف القاطع باترا صلتها بالحياة بين برد قارص وعشب هزيل او ان يكون دافئا غزير الامطار وفيه تسمن الماشية ويدر حليبها ودهنها الذي وصفوه بالدر تشبها بكرائم الحجارة
شبـــــاط
قالوا فيه (لو شبط لو لبط بيه من روايح الصيف )ويقصدون انه مهما بلغ شباط من عنفوان فانه في اواخر ايامه لابد ان يكون دافئا وقد يكون حارا وكأنه من شهور الصيف
وقد ذكره العراقيون في امثالهم فأن هذا الشهر سيكون مدينا للارض فاذا جاء آذار سدد دينه بما يجود به من امطار
آذار
وهم يقولون :(آذار ابو الهزاهز والامطار )و (آذار الهدار ابو الهزاهز والامطار )وذلك لاحتفاله بالرعد والبرق والامطار وقيل انه (ايطلع السنبل من الحجار ) ومعناه واضح لان ازدهار السنابل موكول بغزارة المطر وقالوا ايضا (مطر اذار يحي كلما بار )اى الخير يجئ مثقلا ببركاته فتزول الخصاصة وتنتعش القلوب والجيوب وقالوا ايضا (ابآذار اتطكطك الاشجار مثل آذان الفار )وهو تشبيه لطيف يومئ الى براعم الاغصان التي جعلها آذار مثل الفار حيوية ونشاطا كما قالوا ايضا (آذار ضم له فحمات كبار ) تاكيدا على عدم الاعتماد على بعض الظواهر من الامور فان خروج الشتاء ليس معناه انتهاء البرد ولذا يجب الاستعداد لما يتوقع من برد آت بتوفير الفحم الخشن ضمانا للوقاية من البرد وقالوا ايضا (أبآذار طلع بكرك -بقرك - عالدار )اى ان البرد في هذا الشهر لايؤذي الماشية لاسيما البقر فلا بأس في اخراجها من مآويها
نيســـــان
وقالوا فيه (امغرك الجدسان )ويشيرون الى حصاد المزروعات وتكديسها تمهيدا للدياسة والتذرية ثم تعبئتها في الاكياس ولكثرة الامطار في نيسان وهو شهر الحصاد قالوا (امغرك الجدسان )وقيل ايضا (ويزيد الذبان -اي الذباب-)
ايار
وهم يقولون (أيار الروائح والازهار ) و (احصد السنبل لو جان خيار )لان موسمه ملائم للحصاد واذا تأخر هذا الحصاد الى ما بعد ايار فان السنابل ستجف تماما فتساقط الحبوب اثناء الحصاد ونقله الى البيادر ولذلك رسخوا على دون ان يقيموا وزنا لخضرة السنابل التي تشبه لون الخيار . وهم يقولون ايضا (أيار لو غوار لو فوار )اى اما ان يزول ماؤه (مياه الامطار )الى غوار الارض واما يفيض على سطحها
حزيـــران
وصفوه بقولهم (عمبار الهوه )وفيه تذرى البيادر لنشاط الريح وهذا ما ينتظره الفلاح لينهي آخر مرحلة من مراحل الزراعة بتطهير حبوبه من التبن
تمـــــــــوز
قالوا عنه (أينشف الماي بالكوز )مبالغة في حرارته وجفافه
آب
وهم يذهبون الى ان (بشهر آب اكطف العنكود ولاتهاب )اى اقطع ماشئت من عناقيد العنب دون خوف فهذا هو أوان الجني .وقد وصفوا شهر آب وصفا دقيقا بقولهم (آب باالنهار لهاب وبالليل جلاب ) اى ان نهار ايام شهر آب حارة كاللهب بينما لياليه عليلة باردة عذبة الهواء ولقد قسموا ايامه الى ثلاث مجموعات بقولهم (اول عشرة من آب تحرك البسمار بالباب )اى ان حرارة هذه الايام تذيب مسامير الابواب وتحرقها في اماكنها و (ثاني عشرة من آب تقلل الاعناب وتكثر الأرطاب )وذلك حساب دقيق لنهاية موسم العنب وبداية حاصل التمر و (آخر عشرة من أب اتفك من الشتا باب ) اى ان الثلث الاخير من آب يفتح لبرودته بابا من ابواب الشتاء وهم يقصدون (فصل الخريف )للتأكيد على الوقاية الصحية .وبنهاية هذا الشهر ينتهي فصل الصيف بحرارته التى لايتحملها الا العراقيون انفسهم ....ولكن بعض لياليه قد تكون من البرودة بحيث تؤثر على صحة من لاطاقة لهم بها ومن هنا تحذيرهم (برد الصيف احد من السيف )ومعناه واضح لايحتاج الى بيان
ايلــــول
ويسمونه ايلون احيانا وفيه قالوا (ايلون امشوا لاتكيلون )اى اسعوا في مناكب الارض دون هوادة لانكم في هذا الشهر اقوى من الحرارة ومن امثال البغداديين (ايلون احرقني بحره رحمة الله على آب ) يضرب لانعكاس الرجاء في شئ فقد كانوا يظنون انهم تخلصوا من حر آب فاذا بهم يعانون في ايلول ماهو اشد من قيضه
تشــــرين
وهم يذكرونه دونما تميير بين اول وثاني ....تماما مثل كانون ورغم ذلك اشارو الى وجود تشرينين بقولهم (بين تشرين وتشرين صيف ثاني ) للاحتمال القوي في ارتفاع درجة الحرارة في بعض ايام التشرينيين .قالوا ايضا (بتشرين يخلص العنب والتين ) اى يختفيان من السوق
وذكروا لتشرينيين معا بقولهم (برد التشارين توقاه وبرد الربيع تلقاه ) وهم يقصدون تشرين الاول والثاني وفي قولهم هذا تحذير ظاهر من برديهما وترحيب صادق بالربيع يليهما رغم البرد الذي تبشر به طلائعه
وقد ذكروا تشرين وحده في قولهم (بتشرين كل عضه بعشرين ) والمألوف انهم في نهاية الصيف يقدمون بقايا المزروعات الصيفية علفا للماشية ولذلك جعلوا كل عضة من هذا الزرع اليانع المرتوي بماء تشرين تساوي عشرين عضة من سواها
وتشبثا بالصحة العامة قال البغداديون (اصعد بالمنقلة وانزل بالمهفة ) وهم يقصدون ان صعود الناس الى سطوح منازلهم بمجامر الفحم غب الشتاء للنوم فوقها يماثل نزولهم منها بالمرواح اليدوية الى غرفاتهم قبيل الشتاء فكلاهما نافع لايوجب الخشية والحذر