يولد الانسان حراً عزيزاً بين أبوين، يتكفلان بتربيته وتنشئته، وإطعامه وكسوته ورعايته، وإحاطته بالحب والحنان؛ حتى ينمو تنمية نفسية وبدنية سليمة، وحينما يشب ويكبر، يواجه معترك الحياة، والتي يطالب بها. وللإنسان الحق بأن يعيش حياة كريمة آمنة، يحياها ويمارس انشطته بها، دون تقييد أو خوف، وله الحرية المطلقة بكيفية العيش، وليس لأحد التدخل به أو بشؤونه مادام يتصرف في حدوده. ونص الإعلان العالمي للحقوق الإنسان في الفقرة الثالثة على أن: "لكل فرد الحق في الحياة، والحرية، وسلامة شخصه"، وهذا يشمل ممارساته وانشطته، وسلامته المادية والمعنوية والنفسية والجسدية. الحق في العيش الكريم بين أسرة وعائلة، وبيت وأقارب، وحضن اجتماعي، وبيئة مجتمعية سليمة، ينطلق بها دون أن يكون خائفاً، أو متردداً، أو قلقاً، فيسير وحده مطمئناً، وأن تتوفر له جميع متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس، وحق للحكومة أن توفر له العمل بما تسمح به طاقته ومؤهلاته البدنية والعقلية. ولا يجوز لأحد أن يعتدي عليه، أو يمس حياته بضرر كأن يعتقل أو يتعرض للضرب الشديد، أو يتم إعدامه، والتصرف به من غير إرادته، ويعتبر الحق في الحياة أمر مثير للجدل على مر العصور؛ لأن الإنسان الضعيف كان قديماً يستخدم كعبد وخادم، ولا حق له بالحياة، ولا رأي له، فقط الضعيف يخدم القوي، وكان يتعرض للإهانات والمذلة، والضرب العنيف، والقسوة الشديدة، ومرت الكثير من الدول بعصور الظلام، حيث كان الإنسان يباع ويشترى كسلعة رخيصة في الأسواق، مثلما فعلت أمريكا أيام العنصرية والتمييز ضد الأفارقة السود القاطنين بها، حتى ثاروا وطالبوا بالحرية والحق في الحياة، فنالو مطالبهم. اليوم هناك جدل قائم وشديد حول حق الانسان في الحياة، فبعض المرضى الذين يدخلون في غيبوبة طويلة الأمد، ويبقوا طريحي الفراش على أجهزة التنفس الصناعي، لفترة طويلة تمتد من خمس سنوات إلى عشرين سنة، هؤلاء يتم رفع جهاز التنفس عنهم كي يموتوا ويودعوا الحياة؛ لأنهم لم يستيقظوا من الغيبوبة، وهذا الخيار يتخذه أقرباء المريض، فيحرمون المريض من الحياة. و كثيراً ما يرتكب الفرد جرائم، دون أن يعي خطورة ما يقوم به، وقد يعاقبه القانون عليها بالإعدام، وهو القضاء على حياته، إما بالشنق، أو رمياً بالرصاص، واعتبر الإعدام منافياً للحق في الحياة، فأصبح الأمر مخالفاً لما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وبعض الدول تنفذ حكم الاعدام للمجرمين الذين اعتدوا على حياة آخرين. أما بعض الدول تعطي المجرم الحق في الدفاع عن النفس، وتوكيل محامي ليدافع عنه، وإن تعسرت القضية فبدلاً من حكم الإعدام، ينال الحكم بالسجن مدى الحياة أو الأعمال الشاقة، وينظر للحكم على أنه أخف وطأة من الإعدام. وأصبح هناك رأي عام واعي لدى مجتمعات كثيرة، متنوعة الثقافات والديانات، ضد كل ما يهدد حياة الإنسان من حروب وأسلحة دمار شامل، فتأسست مؤسسات دولية وخاصة، ترعى هذا الحق وتدافع عنه، ومنعت منعاً تاماً من إنتاج الأسلحة النووية أو تجاربها؛ كي ينعم البشر بالسلام والأمان، دون خوف أو قلق..
مقتبس..