مراسيم الزواج في الموروث البغدادي
من عادات أبناء بغداد وأحترامهم لأبائهم أن لايجرؤ أحد منهم أن يقول لأبيه مثلاَ ( أريد ان أتزوج ) بل أن ذلك من واجبات الأب وقد قيل قديماَ ( من حق الأب التسمية والتربية والزواج ) لذا فقد قرر الأب تزويج أبنه الذي ( صار رجال ) والرجل في تعريف أهل بغداد هو من أكمل العشرين من عمره ( وشواربة بيده ) ومارس شغل أبيه وبأستطاعته أن يحل محل والده عند غيابه وأن يستضيف( الخطار) ويقوم ( بالواجب على اربعة وعشرين حبايه) لذا فقد كلف زوجته بأيجاد ( بنت الحلال) التي تليق بمقام العائلة وتصلح أن تكون زوجة للمحروس
مشاورات
تقوم أم الولد بمشاورة ( الحبيبات ) وغالباَ ما يكن من الأقارب أو من الجيران القدماء أو من الصديقات الوفيات ويقع قرارهن على فلانه بنت جارهم العزيز (مثلا)والذي أنتقل في السنة الماضية الى دارهم الجديدة ويضربن موعد لزيارة ذلك الجار ( بيت أم فلانه ) فيرتدين أحسن الملابس كلصاية والهاشمي مع الملوي في ذراع الأم والبابوج الأسود الروغان أو السرايلي وعلى رأسها البويمة أو الفوطة والكيش مع العبايتين صوف أو عباية مبرد مع البوشي كل وفق ذوقها ومايناسب عمرها ويذهبن مشياَ على الأقدام أو بواسطة ( الربل أو اللاندون ) بعد أن يرسلن خبراَ بأنهن قادمات وقد يذهبن ( على غفلة ) بدون أرسال أي علم بقدومهن وتكون أم فلانه قد أستعدت لأستقبال صديقاتها وجيران العمر فغسلت الحوش (البيت)الى ان (طلع الطابوك أصفر مثل الذهب )وفرشت الليوان بالدواشك ومخاديد التجي وغطت الدواشك بالحرامات الصوف المحققة وحضرت المنقلة بعد أن جلفتها بتراب السكري وحضرت أدوات الشاي والسماور (الجبير) والقوري الفرفوري والبيز الوردي كما حضرت الكعك والبقصم شغل السيد مع خبز العروك وجبن كرد مع النعناع وبعد أن تتم الزيارة ويتبادلن الأحاديث وأغلبها حول أخبار الصديقات والجوارين مثلاَ
(فلانة أنخطبت لأبن الحجي)
( وصديقه ماشاء الله بجرها ولد وهاي البطن الثانية هم ولد)
(وأبو فلان خطية هالأيام شغله واكف) ,
(والله وداعتج البارحة سويت فد كبة لايكه الهل حلك ),
والى اخره من أحاديث النساء . وعند العودة الى البيت تصف الأم خطيبة أبنها لوالده واليكم مثلاَ على ذلك .ــ أبو فلان .. تدري المن لكيت عروس لأبنك ؟ فلانه بنت الحجي , حجي فلان ... (ماشاء الله صايره مره , طولها مثل طول أمها شطبة نازوكيه شعرها أصفر مثل الكهرب عيونها عبالك ساعه أسنونها ليلو ركبتها كلبدان أو من بوستها ريحتها عبالك مسج ريحت حلكها ورد , بس يبجيلها على علجة لحم . أي أني هم أكول من تتزوج تسمن ).
بعد أن يوافق الأب تضرب أم الولد موعداَ جديداَ مع أم الخطيبة ( ويفكن الحجي ) وطبعاَ أم الخطيبه تبارك الزواج لأنها تعرف عائلة الخطيب جيداَ وتقول لأم الولد :ــ
(داده كبعيها وأخذيها هاي خادمتج بس الحجي يم الحجي أخاف منطيها لحد أني اكله اليوم وأدزلج خبر أنشاء الله باجر)
وبعد أن يكون لأبي فلانه علم بالموضوع يبارك الخطبة قائلاَ الحجي أبو فلان مثل اخوية مابيناتنا الى ما حرم الله وماشا الله أمورهم زينه الحجي بالع ريكه وأبنه فلان رجال من صدك محد ياخذ غلبه أبن أبوه
الخطبة :
حين يضرب موعد للخطبة يذهب والد الخطيب مع نخبة من وجهاء المنطقه (الطرف) ومن أصدقاء الأبويين الى دار والد الخطيبة وبعد تناول شتى الأحاديث يتكلم اكبر القادمين سناَ وأكثرهم وجاهة فيطلب ( البنية ) الى أبن صديقه وبعد أن يوافق الأب تدار كؤوس الشربت ثم يقرأ الحاضرون سورة الفاتحة ويتمنون الخير للطرفين . وأثناء تقديم الشربت تطلق النساء الهلاهل من داخل البيت .
تقديم الحك ( الصداق ) :
بعد أتفاق العائلتين تعيين أحدى الأمسيات لتقديم (الحك) فتكون أم الولد قد حضرت قطعة ذهب مع قطعة قماش من النوع الجيد وهدايا اخرى مع عدد من (كلال شكر قند) أو( علبة لقم )وقد عكدت (الحك )بمنديل أبيض حرير ولبست أحسن ملابسها هي وحبيباتها (صديقاتها واقريباتها)وذهبن الى بيت الخطيبة حيث تتعالى هلاهلهن من باب الحوش وبعد الترحيب من قبل الطرفين تقوم أم العريس أو اخته الكبرى بتقديم قطعة الذهب وتلبسها للعروس وتقدم بقية الهدايا مع صرة الحك لأم العروس بين الهلاهل وعبارات التهنئة مبارك , بالخير , بالتمام ...
يتبع