فاطمة عليها السلام
وعلاقتها بالنبوة ..
من القضايا المهمة التي يهمنا البحث عنها هو ارتباط فاطمة الزهراء بمقام النبوة الخاتمية ومن يمثل هذه الخاتمية أعني بذلك شخص رسول الله محمد، ولا بد لنا ونحن نر توي من الماء العذب لفاطمة واللآلئ المتناثرة في حياتها أن نقف مع مقامها والارتباط الوثيق لهذا المقام بالنسبة للنبوة، والذي ينقدح في الذهن القاصر لصحاب هذا القلم أن هناك عدة أدلة وشواهد تثبت أن لفاطمة ارتباط وثيق بالنبوة، وهذا الارتباط تارة يتمثل على نحو الأبوة لهذه الصديقة الطاهرة وتارة أخرى على شكل حب لهذه النسمة الطيبة ومرة أخرى على الارتباط العقائدي لها، وسوف نعطي عدة شواهد وأدلة على ذلك، ومن خلال استقراء واستنطاق بعض الكتب الروائية والتاريخية التي تروي لنا قضية الزهراء وارتباطها بشخص النبي من جهة وبمقام النبوة من جهة أخرى، أما كيف يكون هذا الارتباط بالنبوة ومقامها، فنقول: وردت عدة شواهد على هذه المسألة من القرآن الكريم ولكن نكتفي على شاهد قرآني واحد وهو الآية 57 من سورة الأحزاب ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا... ) فهذه الآية الشريفة وكما تبين لنا لها ارتباط بمسألة أذى رسول الله ونحن نعلم أنه ورد في الحديث الشريف عنه أنه ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت، وكذلك قوله من آذى مؤمنا فقد أذاني، فهذه الأحاديث تثبت مسألة أذى رسول الله ولقد حدثنا التاريخ كيف أن القوم عندما بعث الرسول بمكة كيف آذوه وطردوه من دياره والأكثر من ذلك نجد أن الكثير من النصوص عند العامة والخاصة قد بينت أن الرسول قد آذوه القوم بعد مماته في ابنته فاطمة تبين وتؤكد على حقيقة ثابتة ولا ينكرها إلا معاند أو منافق وهي أنهم قد أذوا رسول الله في ذريته، فكانت الأحاديث المروية عنه تمثل الدعامة العظمى لارتباط أقرب الناس إليه وهي فاطمة الزهراء، ولا نقصد من ارتباط الصديقة الطاهرة به مجرد لأنه والدها كلا بل هناك أمور غيبية قد ذكرت بعض الروايات أسرارها وكما بينا في بعض أحاديثنا كحديث الاقرار بفضل فاطمة جميع الأنبياء وأنه ما تكاملت نبوة نبي حتى أقر بفضلها ومحبتها...
مما يدل على ارتباطها بالنبوة العامة كارتباطها بالنبوة الخاصة...
وغير ذلك من الأحاديث في هذا المضمار، وإن كان رسول الله إكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه وأكثر من إكرام الرجال لبناتهم حتى خرج بها عن حد الآباء للأولاد، فقال بعض الخاص والعام مرارا لا مرة واحدة وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد: إنها سيدة نساء العالمين... وإنها إذا مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف: غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد. وهذا من الأحاديث الصحيحة .
وعليه لا بد من ذكر بعض النصوص التي تبين لنا مقام فاطمة من الرسول الأكرم.
لفقد جاء في حديث طويل عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: سمعت رسول الله يقول: فاطمة بضعة مني، من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعز الناس علي.
وروى النسائي بإسناده عن السور بن محزمة، قال: سمعت رسول الله وهو على المنبر يقول فاطمة هي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها، ومن آذى رسول الله فقد حبط عمله .
وروى أحمد بأسناده عن المسور، قال: قال رسول الله فاطمة شجنة مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما قبضها وأنه تنقطع يوم القيامة الأنساب والأسباب إلا نسبي وسببي .
وروي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله: إن فاطمة شعرة مني، فمن آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله لعنه الله ملء السماوات والأرض.
عن عبد الله بن زبير عن النبي م في حديث: إنها - فاطمة - بضعة مني يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها. وكثيرة هي الأحاديث التي تروي لنا ارتباط الزهراء وظلمها وأذيتها برسول الله، ولئلا يطول المقام بنا ولا نخرج عن هذا الكتاب نكتفي بهذه الأحاديث ونقول: إن كلام الرسول الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى هذا يدل على أنه ليس غضبه باعتبار أنه والدها، لا وإنما غضب النبوة ومقامها السامي الذي تمثل السماء ونحن نعلم أيضا أنه أذى فاطمة أيضا الله تبارك وتعالى، وإلا لا معنى أن يغضب الرسول - - لأنه أباها الشخصي فقط لأنه في مثل هذه الحالة سوف تكون العصبية لها باعتبار القرابة وإنما يؤكد الرسول من خلال هذه الأحاديث على حقيقة مهمة جدا وهي مسألة عصمة فاطمة عليها السلام لأنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن مؤذيها مؤذيا له على كل حال لذا ثبتت لها العصمة من خلال أقوال الرسول في حقها عليه السلام.
ويظهر أيضا من خلال الحديث المروي في حق فاطمة عن أبي جعفر عليه السلام يقول: ولقد كانت مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس، والطير والوحوش والأنبياء حتى أقر بفضل فاطمة عليها السلام وحجيتها حيث نستفيد من هذين الحديثين أن فاطمة كانت مرتبطة بنبوة الأنبياء السابقين قبل نبينا محمد، فهي - أي النبوة - لم تكتمل في أي نبي من الأنبياء حتى أقر بفضل فاطمة وحجيتها، وهذا يدل أنها كانت مفروضة الطاعة على جميع الأنبياء وكما تبين لنا من خلال البحوث المتقدمة في هذا الأمر.