السياحة العلاجية في فلسطين
يقصد بالسياحة العلاجية أو الاستشفائية ارتياد الأماكن التي تحتوي على العناصر الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها في علاج بعض الأمراض، مثل: الينابيع، والبحيرات الغنية بالأملاح المعدنية التي تساعد على التخلص من العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية وأمراض الأعصاب، وتعد السياحة العلاجية إحدى أنواع الأنشطة التجارية والاستثمارية؛ فهي قطاع إنتاجي يلعب دوراً مهماً في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات؛ كما تعد مصدراً للعملات الصعبة، وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة، وسبيلًا لتحقيق برامج التنمية.
وتضم فلسطين أماكن جذب سياحية استشفائية نادرة الوجود، يمكن أن تجعل منها المقصد الأول على صعيد السياحة العلاجية على المستوى العالمي، وفي مقدمة هذه الأماكن:
البحر الميت:
يعد البحر الميت من أكثر المناطق جذباً للسياح الباحثين عن الدفء والطبيعة الخلابة في فصل الشتاء؛ فهو أعمق نقطة يابسة في العالم وعلى سطع الكرة الارضية، وينخفض عن سطح البحر بــ 417م، وهو عبارة عن بحيرة مائية شديدة الملوحة، لا تعيش فيها الكائنات البحرية، لذلك سمي بالبحر الميت.
تكون البحر الميت، كما يقول علماء الجيولوجيا؛ لدى تكون الصدع الآسيوي الافريقي؛ حيث انحصرت المياه في تلك المنطقة؛ وأدى تبخر الماء إلى زيادة نسبة الأملاح فيها.
يصل عرض البحر في أقصى حد له إلى 17 كم، بينما يبلغ طوله حوالي 70 كم؛ وقد بلغت مساحته في عام 2010 حوالي 650 كم2 إذ تقلصت خلال العقود الأربعة الماضية بما يزيد عن 35%.
تتميز منطقة البحر الميت بمناخها المشمس على مدار العام. والأشعة الصادرة عن الشمس في هذه المنطقة من النوع غير الضار بصحة الإنسان.
ورغم انعدام الحياة في مياه البحر الميت إلا أن ارتفاع كثافة الأملاح في مياهه، تشكل كنزاً ثميناً بما تحويه من المعادن الطبيعية، وخاصة أملاح الكالسيوم والمغنيسيوم والبرومين. والجدول التالي يوضح تركيز الأملاح في مياه البحر الميت مقارنة بالبحار الأخرى.ويقول العلماء والخبراء: إن ماء البحر الميت وهواءه وشمسه تشكل علاجًا حقيقيًا وطبيعيًا للأمراض الجلدية؛ لما تمتاز به من خواص لا تتوافر في إلا فيه؛ فانخفاض مستوى سطح البحر الميت عن سطح البحر يوفر أعلى نسبة أكسجين؛ ومع الحرارة المرتفعة، يزيد التبخر؛ فيبقى الجو مشبعاً بأملاح الماغنسيوم والبروميد والكالسيوم وغيرها من العناصر؛ ما يؤدي إلى المساعدة في علاج الأمراض الجلدية والأوردة الدموية، وغيرها من الأمراض مثل: الصدفية، وآلام المفاصل، والروماتيزم، والأكزما العصبية، والبهاق، وحب الشباب، والكثير الكثير من الأمراض التي يصعب حصرها؛ كما أن نسبة الرطوبة منخفضة؛ حيث لا تتجاوز 5 %، وهي من الميزات التي تساعد في العلاج.
مصادر المياه كلور
-CL
مجم/لترمغنيسيوم++MG
مجم/لترصوديم
+NA
مجم/لتربوتاسيوم +K
مجم/لتركالسيوم++CA
مجم/لتربروميد –BR
مجم/لترالبحر الميت 224.9 44 40.1 7.65 17.2 5.3 البحر المتوسط 23.9 1.46 12.7 470 470 76 مياه المحيطات 19 1.35 10.5 390 400 65
تعريض الجلد للاشعاع الشمسي بصورة مباشرة، أو غير مباشرة يؤثر سلباً في جهاز المناعة للجسم؛ إلا أن أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، تصبح ضعيفة فوق منطقة البحر الميت؛ ما ينعكس إيجابا على جهاز المناعة.
ويؤكد الخبراء بأن الاستحمام في مياه البحر الميت يساعد في تقوية التأثير الشافي لأشعة الشمس لغناه بالمعادن.
كما يتميز طين البحر الميت باحتوائه على جميع العناصر والأملاح الضرورية لعلاج العديد من الأمراض الجلدية، إضافة إلى أثره التجميلي، فهو يعطي الجلد مرونة ونقاوة ونعومة؛ لذلك يستخدم في صناعة مستحضرات التجميل. وهناك ثلاثة طرق لاستخدام الطين هي:
- يدهن الجسم بالطين، ثم يعرض إلى أشعة الشمس، بعد التأكد من الحساسية لمدة عشرة دقائق، ثم 15 دقيقة، ثم 30 دقيقة... إلى أن تصل إلى 80 دقيقة؛ وهذا يعتمد على نوع الجلد.
- يدهن الجسم بالطين، ثم يلف ويغطى بالنايلون، بحيث تكون درجة حرارة الطين 40 درجة مئوية، وهذه الطريقة تستخدم لأمراض الجلد والمفاصل.
- حمامات الطين، حيث يتم تخفيف الطين بالمياه المعدنية، وتغطيس المريض فيه عدة مرات.
لا شك أن البحر الميت يشكل ثروة فلسطينية طبيعية، ما زال الفلسطينيون غير قادرين على استثمارها؛ فالاحتلال الاسرائيلي يستمر في بسط سيطرته التامة عليه، ويسرق ثرواته ويستأثر بقطاع السياحة فيه، ويحرم الفلسطينيين من حقهم في استغلال موارده.
ينابيع وادي المالح:
يتميز وادي المالح في الأغوار الشمالية بالمناخ الدافئ والينابيع ذات المياه المعدنية الساخنة. ويقع على مسافة 13 كم إلى الشرق من مدينة طوباس؛ وتسكنه 450 عائلة فلسطينية.
يحتوي وادي المالح، بالإضافة إلى الينابيع الساخنة، على 7000 دونم من الأشجار الحرجية والغابات الطبيعية، والتي تنتشر في أعالي الوادي.
يتدفق الماء الساخن المشبع بالأملاح المعدنية من سفوح الجبال الصخرية من نبعي "عياد"، و"أيوب"، عبر سلسلة من الصخور- نحو وادي حمامات المالح، ليلتقي مع نبع "أم طيون" البارد، مخترقا أراضي الفارسية، متجهًا شرقًا حتى جسر أم عشيش، قبل أن تمضي مياهه إلى نهر الأردن.
شكلت حمامات المالح في الماضي منتجعاً سياحياً طبيعياً يرتاده المتنزهون الفلسطينيون، والسياح الأجانب بهدف التنزه والعلاج. وكانت المنطقة تحتوي على فنادق وطواحين مياه ما زالت آثارها ماثلة للعيان؛ لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ عام 1967، سارعت إلى فرض سيطرتها على المنطقة وثرواتها؛ فبنت المعسكرات والمستوطنات، وحفرت الآبار العميقة لتسرق المياه وتجفف الكثير من ينابيع؛ بهدف أفراغ المنطقة من سكانها.
وفي عام 1973 صبت سلطات الاحتلال الإسمنت المسلح حول ينابيع المياه المعدنية الساخنة بعمق 20 مترًا؛ في محاولة لتخريبها والحد من تدفقها؛ فتحول الوادي الذي كانت تجري فيه المياه المعدنية إلى وادٍ من المياه الشحيحة، وأصبحت تلك المنطقة ذات المناظر الأخاذة منطقة شبه مهجورة لا يرتادها سوى الرعاة، رغم كونها تحوي المياه المعدنية الساخنة التي يطلبها الناس من أجل الاستشفاء والسياحة.
الثروات الطبيعية التي تحويها هذه المناطق يمكن أن تشكل رافداً اقتصادياً مهما للفلسطينيين، كما كانت قبل عام 1967؛ كونها منطقة تمتلك عناصر جذب سياحي من الدرجة الأولى؛ لكنها تموت يومًا بعد يوم بسبب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليها وحرمان الفلسطينيين من استغلال ثرواتها المهدورة.