(ملاحظة : انا اروي تجربتي وقناعاتي وفق مشاهداتي ولا اتخذ مواقفا سياسية من اي جهة)
يوم من ايام الغربة - 8
بعد دخول داعش وما رافقها من تداعيات
فررنا الى المجهول
تركنا بيتنا وكل ما نملك ورائنا وحاولنا النجاة بانفسنا
وطفلنا الوحيد مصطفى الذي صادف في نفس اليوم عيد ميلاده الاول
احتفلنا به
ونحن نحتضنه خوفا عليه من الرصاص المتطاير
وكان يبتسم لنا وكأنه احس ان هناك خطب ما ونحن نحميه باجسادنا
كنا نسير في منطقة لا متناهية من التلال والتضاريس
ولا نعلم اين نتجه
لكننا اصطحبنا ما نملك من مال ومدخرات
ومستمسكات رسمية
على حدود الشمال كانت السيطرات تمنع الدخول الا لمن كان كرديا فقط
لانهم كانوا يخافون المتسللين او ربما شيئا آخر
بعد عدة محاولات مع منسوبي السيطرة
استطعت اقناعهم انني كردي (كذبا)حيث تكلمت معهم بلغتهم
فسمحوا لي بالعبور حين اريتهم جوازات سفرنا واننا سنذهب الى تركيا
الى اقاربنا من الاكراد لاننا في الاصل
عائلتنا نزحت من تركيا في سبعينيات القرن الماضي
سألونا : اين حقائبكم ؟
قلت : لم يتسع الوقت لنا لاحضارها
وهكذا عبرنا
لا اريد الاطاله بالتفاصيل
لكننا راجعنا لاجل الاقامة ... وليتنا لم نراجع
انها رخصة للمهانة وليس للاقامة
لم تغمض عيوني ونحن نستريح ليلا في حديقة عامة
لانه باختصار لم يتبقى مكان للنوم في اي فندق هنا وحتى البيوت اخذت كفايتها
قلت مع نفسي : لن تطول قصة عصابات داعش ربما شهرا او اثنين
ونستطيع العودة الى بيتنا
فلم يسبق في التاريخ ان عصابة استطاعت ان تقيم دولة او حكما
تعبت وانا اتململ من الجلوس على المصطبة الخشبية
قررت ان نذهب الى تركيا
ايقضت ام مصطفى من غفوتها وقلت : باجر الصبح نروح لتركيا
قالت : وليش نبعد؟
قلت : نكضي هلشهرين ونرجع بينما تفض
قالت : ماشي
....في الصباح الباكر
ذهبنا الى السوق وتناولنا طعاما واشترينا بعض المستلزمات لطفلنا
واتجهنا للحدود
اقنعت نفسي اننا لن نبقى كثيرا وانها غمة وستزول رغم ان في داخلي شئ مبهم
يعاندني ويقول لي الموضوع اكبر من كل تخيلاتك
قضينا بضعة ساعات على الجسر الفاصل بين البلدين
وعبرنا متجهين الى اول بلدة تركية (سلوبيا) وهي بلدة كردية
قضينا ليلة في احد الفنادق فيها
وفي اليوم التالي زرت بعضا من اصدقائي ومعارفي
كانت ابنة احدهم رئيسا لبلدية المحافظة
وقد عملت عدة سنوات لدى ابوها في شركته وتربطنا علاقات عائلية
قامت بتخصيص بيت لنا من بيوت موظفي البلدية المتروكة لانها قديمة
فعمرها تجاوز الخمسين عاما
وقد تم اسكان بعض العوائل الفقيرة فيها
كان البيت عبارة عن منزل منفرد تحيطه حديقة من كل الجهات
قدرت مساحتها بين 450 – 500 متر مربع
لكنه يفتقر لكل شئ
لا ابواب لا شبابيك لا سياج خارجي
لا كهرباء لا ماء
عملت جاهدا خلال 3 اسابيع لاكماله
.... اعانتنا مدخراتنا على السيطرة على الوضع لحين اكمال اجراءات الاقامة الرسمية
التي تقدمنا بها فور وصولنا حيث لم تأخذ الاجراءات وقتا اكثر من ساعة واحدة ....
هذه البلدة اعرفها منذ 20 عاما منذ غربتي الاولى
اناسها يغلب عليهم الطابع الريفي
كرماء متواضعون يحبون الغريب ويسعون جهدهم لمساعدته
كما ان اخلاقهم جميلة في تعاملهم مع بعضهم
لكن الوضع كان محتقنا بين الاكراد والحكومة
وسادت في بعض الايام اعمال شغب متفرقة كرمي الحجارة على سيارات الشرطة
كان الموضوع لا يتعدى ذلك ويقوم به بعض الصبية
اكملت شراء اثاث للبيت
وتعديل الحديقتين الامامية وكانت مساحتها 120 متر مربع
والخلفية وكانت اكثر من 100 متر مربع ما عدا الحديقة الجانبية التي ربما
كانت بحدود 70 مترا مربعا
..... هنا احب ان اروي لكم تجربة منزلية للعمل في البيت
لربما تفيد بعض الاصدقاء .....
يتبــــــــــــــــــــــ ــــــع