هو والملكة
نتيجة ظروف واوضاع صعبة المت به اصيب بالإحباط . واعتقد ان الحياة قد توقفت .وللهروب من واقعه المزري صار يتخيل و يحلم كثيرا.. وفي احد خيالاته اعتقد انه في بحر هائج تتلاطمه الامواج مع قارب صغير متهالك لا طوق نجاة له ولا يابسة تلوح في الافق ... ينتظر رحمة الامواج والى اين ستأخذه وهو متأكد بان مصيره مجهول .. قد يكون الموت هو من ينتظره.. او اذا كان يحتفظ ببعضا من الحظ ستأخذه الامواج الى جزيرة مهجورة لا حياة لبشر فيها ويستقر هناك يصارع الظروف القاسية ليبقى حيا .. واية حياة انها اشبه بالموت البطيء .ولا يوجد في تفكيره سوى السواد والظلام لأنه وصل الى حالة من اليأس المطبق .. وفي لحظة كان يفكر كيف ستكون النهاية واذا بموجة عاتية تحمله بعيدا ثم تقذفه قرب جزيرة وما ان انتبه واذا بها خضراء رائعة زاهية... جزيزة ليس ككل الجزر بل هي مملكة صغيرة اشبه بقطعة من الجنة فيها من الجمال ما لا يوصف ومن السحر لا يقاوم ولاحظ هناك كتابات على جدرانها وكلمات منقوشة.. وصور رائعة.. معبرة .. اشياء كثيرة تسلب الالباب. .ولفت نظره ان هذه المملكة تحكمها انثى .. لأن الانوثة فيها تفيض من كل جانب .. انوثة غير تقليدية .. غير مسبوقة .. لاتشبه غيرها .. بدء يستعيد ثقته بنفسه تمعن بكل كلمة مدونة بل بكل حرف لاحظ بانه فعلا في مملكة اسطورية كأنها مملكة بلقيس .. اراد ان يتجول ليستمتع بالجمال الخارق الا ان خوفه بعدم السماح له بذلك يقيده.. صور له خياله .. ان الموافقة جاءته فكانت كأنها صك بعمر جديد منح له .. صار يرى النور شيئا فشيئا ..هذا النور البهي بدأ يبدد الظلام الذي كان يخيم عليه .شاهد أشياء كانت تنقصه كان يعتقد أنها غادرت حياته دون رجعة . صار له امل في العيش .. صار له حافزا ومصدرا للتشبث بالحياة كل هذا وهو لم يرى تلك الملكة ..او قد تكون هي حورية من حوريات البحر .. رسم لها صورة في خياله رائعة الجمال لونها بالوان زاهية لم يستخدمها سابقا لتلوين صورة لأحد تشبه الوان قوس قزح .. ومن خلال ما قرأه لاحظ بان هناك الكثير من القواسم المشتركة بينه وبين الملكة وانتبه الى شيء من خلال ما دون على الجدران فبالرغم من ملكها وسلطانها الا ان هناك شيء مفقود من حياتها شيء ينقصها لكن ما هو ؟ لا يعرف .. واذا بها تكلمه من خلف حجاب فكان صوتها ملائكي صوت كانه سمفونية خالدة تنساب الحانها لتريح الاعصاب . عزفتها انامل امهر الموسيقيين . صوتها فيه حنية ورقة قل نظيرها تذيب الصخر الصوان.. فكيف به وهو يملك قلبا كانه عصفور صغير جنت عليه الايام ووضعته في قفص مغلق ..واذا بصوتها يكسر اقفال القفص ليطير هذا العصفور ويطلق العنان لجناحيه ويرفرف في السماء محلقا .. وصار قلبه ينبض من جديد وتدفقت الدماء في عروقه .. لكنه عرف ان هناك حاجز بل حواجز تقف بينه وبينها .. عرف انها تسكن قصرا له ابواب موصده يقف خلفها حراس غلاظ .. فقرر ان يعيش على اعتاب تلك الابواب المغلقة .حتى وان لم يستطع الدخول . لكنه بين حين واخر ينتابه شعور وخشية بأن لا يسمح له العيش في هذه المملكة الجميلة .. فيعود ادراجه وهذه المرة ستكون خيبته كبيرة .. وانكساره قاتل .. لا نه بمجرد ان وطئت قدماه هذه المملكة مسح كل ماضيه من قلبه وعقله ومزق كل اوراقه القديمة .. ليكون الحيز الاكبر بل كل قلبه وعقله مسكنا لها .... ودون ان يراها استنشق شذى عطر انفاسها .. الله مااجملها كانها رائحة المسك والعنبر .. عطر ليس من صنع البشر انه عطر رباني .. وشعر بجمال روحها .. وجمال طلتها كأنها البدر التمام .. ولازال يسرح به الخيال تصور انها ارسلت له طعاما وشراب اعدته بنفسها ..ياه .. مااطيبه ... ماالذه ... يقال ان العسل احلى شيء .. لكنه لاحظ بان العسل يقف خجلا امام طعامها ليستجدي منه الحلاوة .. اه .. واه .. واه .. .وارتشف رشفة من اناء الشراب الذي ارسلته . ما هذا ؟؟ ان طعمه لذيذ ويجعل من يتذوقه في قمة السعادة .. تسائل ما هذا الطعم هل هو غذاء ملكة النحل ؟؟ اجاب لا لا انه ألذ بكثير . اذا ما هو؟ ... وأخيرا استدرك قصة قديمة حكتها له جدته عندما كان صغيرا بان هناك ماء يسمى ماء الحياة من يشرب منه سيعيش خالدا ويطول عمره واذا كان شيخا هرما سيرجع الى ريعان الصبا .. نعم انه هو .. انه ماء الحياة وقد يكون صار طعمه هكذا لا نه زار شفتيها الندية عندما تذوقته وصاح بصوت مرتفع ..سحقا للحواجز .. سحقا للحراس .. سحقا للمسافات .. وهو في هذه الافكار انتبه الى نفسه .. وخاطبها قائلا .. ما لذي جرى لي ؟.. انا اتكلم عن شعور انا اشعر به .. قد يكون هذا الشعور أحادي الجانب .. قد تكون الملكة لا تأبه بي . من انا ؟ .. ما انا الا تائه وسط البحر قادتني الامواج الى قلعتها .. وقرر ان يعيش مع احلامه على امل ان يلتقيها وان كان هذا الامل بعيد المنال ويترك الامور الى الايام والاقدار وما تقرره.. معززا قراره الذي اتخذه سابقا بانه سيعيش على اعتاب ابوابها ... وحتى لو غضب منه الحراس وحكموا عليه بالموت فانه مستعدا لذلك .. لأنها تستحق ان يصلب على باب محرابها .. على الاقل ستعرف بان هناك من مات شهيدا لأجلها
وبعد انتظار دام أيام .... أرسلت له مرسال يحمل صورا لها .. لا يعرف لماذا ؟ هل رأفت لحاله .. ام ان قلبها تحرك نحوه رغم وجود الحواجز والابواب الموصدة ..فتاه بين تفاصيل الصور .. تارة ينظر الى عينيها فيتذكر البحر وامواجه العاتية ويخشى الغرق .. وتارة يتأمل شفتيها ..يا ألاهي.. انها من النوع الذي يعشقه... ما اسعدني قالها بسره ..ثم نظر الى رقبتها .. سبحان من صور هل هناك رقبة من المرمر النادر جدا وناعم الملمس الى هذا الحد ..يتمعن ويطيل النظر الى الصور ويردد .انها فاتنة . نعم فاتنة لم تترك سنين عمرها اثارا عليها انها حورية من حوريات الجنة لا تشيخ ولا تكبر وتبقى ( كعوب ) الكعوب الصبية في بداية الصبا في قول الله تعالى (وكواعب اترابا ) تدارك الموقف وعرف بان هناك بون شاسع بينها وبينه . واراد ان يوغل في الاحلام ويصل الى ابعد من ذلك بكثير الا انه توقف ... خشية ان يخدش حيائها او انه تجاوز الخطوط الحمراء . منتظرا ما تحمله له قوادم الايام
ويبقى السؤال : هل نوقظه ليعيش واقعه المر.. ام نتركه يسرح به الخيال ؟؟