بين شراء للحاجيات وتدبير للأمور الحياتية من معيشة و مستلزمات و الكثير من الأمور الضرورية التي ترافق أي فرد في أي مجتمع وحدها العملات النقدية و منذ نشأتها على شكل قطع من الفضة أو الذهب و حتى ظهورها بالشكل الورقي الذي تبدو عليه في الوقت الراهن هي الوسيط الذي يتيح كل المتطلبات ففي البداية كان يتم التداول بنظام عرف بمعيار الذهب و في الحديث عن معيار الذهب يمكننا القول بأنه معيار ابتكر للدلالة على كمية المعدن الذي تمثله كل قطعة نقدية و هذا ما فسر فرق العملات بشكل منطقي و تحت قانون واحد ألا و هو (كل قطعة نقدية تمثل كمية معينة من الذهب بشرط أن تكون مساوية لها بالقيمة الشرائية) كما أنه سمي بالغطاء النقدي و استمر ما بين عام 1876 وعام 1933 وكانت البنوك المركزية في بداية تلك الفترة على أهبة الاستعداد لتبديل القطع النقدية بالذهب أو العكس لكن سرعان ما أغلقت تلك البنوك أبوابها بعد أن حصلت على ما طمحت له من غطاء ذهبي حتى أنها بدأت بضخ و طبع العملات النقدية بكميات لا يوجد لها ما يساويها من معدن الذهب وهذا هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى تغيير كبير في أسعار السلع حيث بدأت تسلك طريق التضخم لا بل تضخماً كبيراً كان بمثابة فخ سقطت على أثره العديد و العديد من الدول التي اضطرت فيما بعد لاستيراد كميات كبيرة من الذهب لخلق شيء من التوازن قبل أن تندلع الحرب العالمية و تجمد عملية الاستيراد لتجعل من قضية التضخم مشكلة عالمية لم تستثن أي دولة في العالم ،
أما في الفترة الزمنية التي امتدت بين عامي 1944 و 1970 كانت الولايات المتحدة الامريكية هي من بدأ بالمبادرة لحل مشكلة احتاجت الى تدخل بالسرعة القصوى لحد التدهور الاقتصادي الذي نجم بعد حربين عالميتين لتدق ناقوس الخطر و توجه الدعوة إلى مؤتمر عقد في بريتون وودز في ولاية نيوهامشاير بعد أن استفادت من أنها الدولة الأقل تضرراً بمخلفات الحرب العالمية الثانية ولتجعل من عملتها (الدولار الامريكي) مقياس ثبتت عليه قيمة الذهب والعملات الأخرى بمعدل خمس وثلاثون دولار للأوقية من الذهب الخالص فعرفت تلك الفترة بمكان انعقاد المؤتمر (بريتون وودز) والتي كانت بمثابة المرحلة الثانية من نشأة العملات التي انهارت عام 1970 بعد أن قام رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك جونسون بإضعاف قيمة الدولار بعد تمويله للحرب الفيتنامية و من ثم جاء الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1971 الذي زاد من الطين بلة فألغى السعر الثابت للدولار أمام الذهب و منع التحويل بينهما فتضرر إثر ذلك الاقتصاد العالمي و بخاصة في أكبر الدول الاقتصادية فظهرت سلعة النقود التي بدأت تشترى و تباع لتشكل اللبنة الأولى التي بني على أساسها سوق العملات فبدأت الشركات ذات الصفة الاستثمارية بالتدافع على تجارة النقود للحصول على الأرباح لتتشكل المرحلة الثالثة و من ثم تلتها المرحلة الرابعة التي عرفت بظهور اليورو إذ أصبح من الضروري أن تظهر عملة صعبة جديدة في ظل التدهور الواضح غير المبهم لسابقتها (الدولار الامريكي) فبدأ العمل عام 2002 ومن قبل 12 دولة أوروبية على عملة لم تنه غطرسة الدولار لكنها احتلت المرتبة الثانية في العالم من حيث تصنيف العملات وتداولها في سوق الصرف لتدعى اليورو التي أصبحت ذا شأن و وزن ثقيل تداولتها كل من الدول الآتية : إسبانيا ، البرتغال ، هولندا لوكسمبورج ، إيطاليا ، أيرلندا ، اليونان ، ألمانيا ، فرنسا ، فنلندا ، بلجيكا و النمسا و التي أصبحت عملتها الرسمية بغض النظر عن عملاتها السابقة لتحقق النجاح و تصبح المنافس و العدو الاقتصادي اللدود للولايات المتحدة الامريكية و عملتها المسماة بالدولار و إن اتينا بالذكر عن سبب تسمية هذه العملة بهذا الاسم فيمكننا القول بأن اليورو دلالة على المنبع الأوروبي الخالص متمثلاً ب 12 دولة تجمعها الحدود و البقعة الجغرافية أوروبا بين يورو و دولار أو حتى الدنانير تبقى العملات عملات و تبقى النقود هي الوسيط و الملاذ الذي يتم تنظيم حياتنا و احتياجاتها تبعاً له