الفشل الكلوي ليس مرضاً جديداً لكنه معروف للقاصي والداني بأنه يجعل الحياة "نكد" بالنسبة للمصابين قبل أن تكون نهايتهم مأساوية، وفي ظل تلك المعاناة غالبا ما يبحثون عن متبرعين نادري الوجود، ويتعين عليهم صرف مبالغ طائلة وتحمل الألم.
وثمة حالة مشحونة بمواقف إنسانية نبيلة تمتزج بالطرافة ربما، عندما رقد شقيقان على الأسرة سوية في إحدى ردهات مستشفى الكرامة التعليمي في بغداد، في محنة زاد الفقر وآلام من حدتها، فبينما يقضي أمثالهما ما تبقى من أعمارهم بين المنزل وردهة الغسيل والبحث عن متبرع، حصل الاثنان على كليتين لهما بسهولة من زوجتيهما وبات الأربعة يعيشون بأربعة كلى بدل ثمانية.
الشقيقان هما حسن وحيدر محمود المُلا حسين، وزوجتهما نضال عبد الأمير وفاطمة عباس، تبرعتا بكليتيهما الى زوجيهما بعد أن شاء القدر أن يصاب الشقيقان على التوالي بعجز تام في الكليتين، مما تتطلب البحث عن متبرعين لهما لإنقاذ حياتهما، عندها قررت زوجتهما تقاسم الكلى والتبرع بإحداها الى أزواجهن في حالة إنسانية واجتماعية نادرة الحصول.
ويقول حسن محمود في حديث لـ السومرية نيوز، انه "أصيب قبل عام بعجز تام في كليتيه وأصيب شقيقه الذي يتقاسم معه رغيف الخبز ضمن العائلة المكونة من أربعة أفراد بنفس الحالة المرضية، ما جعل حياتهما مهددة بخطر الموت المحتم".
ويضيف حسن محمود، وهو يقاتل ضمن صفوف الحشد الشعبي وينحدر من قرية "براوجلي" في قضاء طوز خرماتو، أن "الظروف الاقتصادية للعائلة وعدم توفر الأموال اللازمة للعلاج خارج البلد جعلنا في موقف لا نحسد عليه، لكننا لم ننتظر طويلا حتى بادرت زوجاتنا بالتبرع وتقاسم الكلى بين أفراد العائلة".
أما الشقيق الثاني حيدر محمود المُلا حسين، فهو يقول في حديث لـ السومرية نيوز، "من الطريف أن أفراد العائلة الأربعة رقدوا على أسرة الشفاء سوية في إحدى ردهات مستشفى الكرامة التعليمي في بغداد".
"تم نقل الكلى من زوجاتنا بنجاح من قبل ملاك طبي عراقي متميز، وها نحن نتمتع اليوم بصحة جيدة ونقاتل أنا وشقيقي ضمن صفوف الحشد الشعبي دفاعا عن العراق"، هكذا قال الشقيق الثاني تعبيراً عن تمسكه بالحياة.
ويضيف، "ندين لزوجاتنا اللواتي عبرن عن الصورة المشرقة للمرأة العراقية ووفاءها ووقوفها الى جانب الرجل في مواجهة وتجاوز الظروف بالحب والوفاء والإيثار والتضحية".
يذكر أن مئات المصابين بالفشل الكلوي في العراق يواجهون صعوبة بالغة في إيجاد متبرعين ويتعرضون للاستغلال وإجبارهم على دفع مبالغ طائلة لا يتمكنون من سدادها لأن أغلبهم فقراء، فيما يضطر آخرون للسفر الى الهند بحثا عن متبرعين وإجراء عملية زرع الكلى بكلفة معقولة ودون تعقيدات قانونية.