حذر علماء القطب الشمالي أن الذوبان السريع وعلى نحو متزايد للغطاء الجليدي في نقاط مهمة من المنطقة يمكن أن يكون له عواقب وخيمة في جميع أنحاء العالم.
فقد وجد تقرير Arctic Resilience أن ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي قد يؤدي إلى تغيرات كبيرة في المنطقة ويمكن أن يسبب تغيرا كبيرا في المناخ لا يمكن السيطرة عليه على المستوى العالمي.
ذلك أن درجات الحرارة في القطب الشمالي وصلت في الوقت الراهن إلى مستويات أعلى من المتوقع لها في هذا الوقت من العام، كما انخفضت مساحة الجليد البحري إلى أدنى حد لها على الإطلاق.
وقال ماركوس كارسون من معهد ستوكهولم للبيئة، وأحد المؤلفين الرئيسيين للتقرير: "إن علامات التحذير تزداد ارتفاعا، ويمكن أن تسبب هذه التطورات "نقطة تحول" وانعكاسات شديدة في المنطقة".
وتحدث نقطة التحول المناخي عندما يخضع النظام الطبيعي، مثل الغطاء الجليدي القطبي، لتغير مفاجئ أو كبير يمكن أن يكون له تأثير عميق على البيئة الطبيعية المحيطة.
ففي القطب الشمالي، تشمل نقطة التحول المحددة في التقرير الجديد: نمو النباتات في السهول الجرداء أو التوندرا (مصطلح لوصف الصحارى الباردة)، وإصدارات أعلى من غاز الميثان وهو من الغازات الدفينة من التوندرا نتيجة ارتفاع الحرارة. كما يوجد تحولات في توزيع الثلوج وحرارة المحيطات مما أدى إلى أنماط متغيرة في المناخ يمكن أن تشكل الرياح الموسمية.
ويأتي هذا البحث الذي أعدته 11 منظمة بما في ذلك مجلس القطب الشمالي و6 جامعات، في وقت حرج ليس فقط بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية الحالية، ولكن من الناحية السياسية أيضا.
يذكر أنه كُشف النقاب من قبل مقربين من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن خطط لتحويل ميزانية العلوم وتغير المناخ المستخدمة حاليا من قبل وكالة ناسا ووكالات اتحادية أمريكية أخرى في مشاريع مثل دراسة التغيرات في المنطقة القطبية الشمالية، وإنفاقها في مجال استكشاف الفضاء بدلا من ذلك.
وتكهن العلماء لعدة سنوات بأن ما يسمى بـ "آليات التغذية المرتدة" (feedback mechanisms) التي تسبب ارتفاع الحرارة في منطقة محددة بما يؤدي إلى تداعيات غير مرغوب بها في النظم الإيكولوجية بأكملها، قد تترسخ وتسبب تغيير ديناميكية ذوبان الجليد في القطب الشمالي من بطيئة نسبيا إلى ظاهرة سريعة الانتشار مع احتمال حدوث عواقب لا يمكن التنبؤ بها، وربما مصيرية بالنسبة لظاهرة الاحتباس الحراري.
على سبيل المثال، عندما ينكمش الجليد البحري فإنه يترك مناطق من المحيط تمتص حرارة أكثر من الجليد العاكس للحرارة، مما يؤدي إلى حدوث مزيد من الانحسار الجليدي.
جدير بالذكر أن الغطاء الجليدي في القطب الشمالي يساعد على تعديل درجات حرارة البحر والجو، حيث يعكس الكثير من أشعة الشمس. ومن المعروف أن الغطاء الجلدي يلعب دورا رئيسيا في نظام المناخ العالمي، ولكن تمكن العلماء في السنوات الأخيرة فقط من إجراء تقييمات منفصلة للوضع بسبب صعوبة وارتفاع تكاليف الرصد الدقيق.
ووجد التقرير أن الآثار المحتملة للتغيرات في المنطقة القطبية الشمالية على بقية العالم هي كبيرة ولا يمكن فهمها بسهولة. وحذر الباحثون من تأثر الناس الذين يعيشون في وبالقرب من المنطقة القطبية الشمالية جراء هذه التغيرات بشكل كبير.