بقلم : صالح عوض
كان مصطلح اللبننة شائعا في العشريات السابقة اشارة للحرب الأهلية اللبنانية في منتصف الثمانينات؛ ولكن الملاحظ ان لبنان خرجت من الحرب التعيسة لحياة مليئة بالحيوية والمقاومة، وقد التأمت الجراح رغم ان هناك مئات المفقودين حتى اللحظة.. وقام المجتمع اللبناني بترميم اوضاعه وعادت لبنان سويسرا العرب جمالا ورونقا واصبحت لبنان هانوي العرب مقاومة وعزة وكرامة.



وهكذا تصبح اللبننة مصطلحا غير قادر على توصيف حالات مثل الكارثة العراقية والكارثة الأفغانية والكارثة الليبية.. اننا اصبحنا نقترب اكثر من مصطلح الصوملة، حيث ضاع البلد وتفتت وتوشح الإخوة بالسلاح في نزال ضد بعضهم يذكرنا بداحس والغبرا.. حروبا لا احد يستفيد منها الا من يصنع السلاح ويشتري الثروات بأبخس الأثمان وينتظر هلاك القبيلتين للانقضاض على الوطن كله.
لبنان اليوم يدخل بوابة الصوملة.. القتل والخطف والتفجير والاستهداف هي مواد الصوملة الأساسية في لبنان.. وكأن لبنان المقعد والجالس على فوهة بركان لا يكفيه ما به من تناقضات طائفية حادة واستقطابات سياسية قاتلة وألاعيب اجهزة مخابرات دولية.. كأن لبنان لم يدفع أثمانا باهظة لصراعات داخلية عبثية.
الجيش الحر العظيم لم يكتف بمنازلة الجيش السوري ففتح جبهات عن اليمين والشمال، مرة يختطف ايرانيين واخرى لبنانيين بحجج فارغة لا قيمة لها.. ولأن ايران دولة وتتعامل بمسؤولية سلكت سبلا دبلوماسية وناشدت الوسطاء واصدقاء الجيش الحر من قطريين واتراك ان يتدخلوا لإنقاذ حياة الايرانيين.. ولكن في لبنان، حيث الطائفية المتجذرة والعشائرية المستفحلة والمناطقية المتوحشة جاء الرد عكس ما هو منتظر.. اذ قام لبنانيون من عشيرة المقداد بخطف اكثر من عشرين سوريا في البقاع، وبالتأكيد سيكون هؤلاء المخطوفين من سنة سوريا.. والأمر قابل للتوسع..
الجيش الحر لا يكتفي بأن يفتح جبهته ضد لبنان وايران، بل جاءت تهديدات قوية وواضحة من قبل ناطقين باسمه انهم سيستهدفون في الأيام القادمة السفارة الروسية والصينية، ولقد سبق ان اشاعوا انهم قتلوا خبيرا روسيا وقدموا معطيات عنه قبل ان يخرج على شاشات التلفزيون الروسي مكذبا ادعاءاتهم.
المهم الآن توجد مجموعات سلفية من صيدا الى طرابلس تتحرش بالشيعة الذين لا يخفون موقفهم المساند للنظام السوري عرفانا منهم بجميله على لبنان ابان الحرب الاسرائيلية عليه.. في حقيقة الأمر ليس فقط شيعة لبنان من يرتجف خوفا من المستقبل السوري الغامض، حيث يعبر كثير من اللبنانيين السنة والمسيحيين عن قلقهم الحقيقي في حال انهيار الدولة السورية لاسيما في ظروف تبدي فيه المعارضة السورية عدم مسؤوليتها وتشتتها والتهائها بالاتصالات مع الأمريكان والغربيين والممولين العرب.
انها جريمة كبرى ان ينقل الجيش الحر الحرب الى الساحة اللبنانية، لأنها حينذاك لن تجد من يطفئها. ولأنها حينذاك ستنهي وحدة بلاد الشام وتمعن في تفتيته.. فلا أقل من تحييد الساحة اللبنانية والفلسطينية مما يدور على الأرض السورية وليكتفي الفلسطينيون واللبنانيون بأن ينتظروا بألم وتحسر نتائج الصراع الدامي في سوريا لكي لا تتوسع رقعة الفتنة.
صوملة لبنان هو ما تدفع اليه الادارة الأمريكية والمخابرات الاسرائيلية من اجل اتمام الفوضى الخلاقة انهاء للمقاومة وتكريسا للدولة العبرية.