تحلُم بأنك تطير أو تتنفس تحت الماء.. هناك تفسير علمي وراء اختلاف شكل جسدك في أحلامك مختلف عن الحقيقي
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن ذاتك التي تظهر لك في أحلامك هي نسخة مجردة من ذاتك الحقيقية.
إذ وجد الباحثون أن حلم الشخص بذاته يمثل نسخة مصغرة منه لا تتغير، على أساس ما يحدث مع جسم نفس الشخص في العالم الحقيقي، وفقاً لنتائج الدراسة التي نشرت في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول في مجلة Consciousness and Cognition (الوعي والإدراك).
فيما تقول جوديث كوبهيل غوسيل في دراستها التي تفسر لماذا كثيراً ما يحلم الناس الذين يولدون بإعاقة أو صمم بأجسامهم صحيحة بدون إعاقات، ولماذا قد يحلم الناس حتى بأنهم يفعلون أشياءً خيالية مثل الطيران أو التنفس تحت الماء.
في هذه الدراسة، حاول الباحثون تغيير أحلام المشاركين عن طريق وضع بقعة حمراء على أذرعهم، وطلبوا منهم التركيز على تلك البقعة قبل النوم، ويعتقد الباحثون أنه إذا كان حلم الشخص بنفسه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بذاته الحقيقية، فإن الأشخاص الذين لديهم البقع الحمراء على أذرعهم يجب أن يحلموا أكثر بأذرعهم أو باللون الأحمر.
ولكن ذلك لم يحدث، فذوو البقع الحمراء على أذرعهم لم يكونوا أكثر عرضة لأن يحلموا باللون الأحمر (أو بأذرعهم) أثناء النوم، مُقارنةً بأولئك الذين ليست لديهم بقع.
قالت غوسيل للمجلة العلمية Live Science (العلوم الحية): "على الرغم من أننا نعرف أننا نحن الذين نجري أو نسبح أو نجلس في حلمنا، وعلى الرغم من أننا نعرف بطريقة أو بأخرى أن لدينا جسماً في أحلامنا، إلا أننا نادراً ما نرى أو نشعر بهذا الجسم".
الجسم في الحلم
وكانت الدراسة التي أجرتها غوسيل وزملاؤها متابعة لتجربة سابقة كانوا قد أجروها في مختبرهم، التي طلبوا فيها من بعض الناس قراءة القصص التي كتبها آخرون عن أحلامهم، ومحاولة تحديد أي من هؤلاء الحالمين ولد معاقاً بالشلل أو الصمم على سبيل المثال، لكن لم يتمكن القراء من معرفة الفرق، كما ذكر الباحثون في مجلة الوعي والإدراك عام 2011.
وتقول غوسيل إن النتائج أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الشلل النصفي، وأولئك الذين يعانون من الصمم والبكم يحلمون بالحركة أو الكلام أو السمع بنسبة أقل، مُقارنةً بالأفراد الذين لا يعانون من الإعاقات، وتضيف أن أبحاثاً أخرى عن الإعاقة والأحلام قد وجدت أيضاً أن الجسم كثيراً ما يبدو على حاله في عالم الأحلام.
وتحدثت غوسيل عن الدراسة قائلة: "السؤال الذي أردنا معالجته [في الدراسة الجديدة] كان: تحت أي ظرف من الظروف تصبح تغيرات الجسد في اليقظة مدمجة في الحلم بالنفس؟ هل الذات في اليقظة تؤثر على حلمنا بذواتنا، بطريقة يمكن التنبؤ بها؟".
في الدراسة الجديدة سجل 10 أشخاص (سبع إناث وثلاثة ذكور) أحلامهم على مدى نحو ثلاثة أشهر، وفي البداية طلب من الجميع أن يكتبوا ما يمكن أن يتذكروه من أحلام الليلة السابقة كل صباح.
بعد كتابة 10 أحلام، طلب من المشاركين تغيير الإجراء قليلًا، إذ طُلب منهم التحديق في أذرعهم اليمنى، والتركيز على ذلك بعناية لمدة دقيقتين قبل النوم، ثم طُلب من المشاركين الاستمرار في كتابة 10 أحلام أخرى.
في الجزء الثالث من هذه التجربة، وضع الباحثون علامة حمراء مضادة للماء على أذرع المشاركين، طلب منهم التحديق فيها والتفكير في هذه العلامة الحمراء قبل النوم وتسجيل 10 أحلام أخيرة، وخلال فترة الدراسة، طلب منهم أيضاً الإجابة عن استبيانات حول كيفية اختبار أجسادهم خلال أحلامهم.
عالم الأحلام والعالم الحقيقي.. هل يتشابهان؟
أخذ الباحثون يفتشون فيما سرده المشاركون من أحلام، للبحث عما يشير إلى الأذرع، أو اللون الأحمر، أو علامات مستديرة أو الجانب الأيمن من الجسم، والبحث لمعرفة ما إذا كان جذب اهتمام الناس لعلاماتهم الحمراء عندما كانوا مستيقظين، أو إذا كان لأنشطة الإيحاء الذاتي أي تأثير على الكيفية التي يحلمون بها بأجسادهم، فيما لم يجد الباحثون أي فرق بين الأحلام في الظروف الثلاثة.
فيما قالت غوسيل إن النتيجة الرئيسية لهذه الدراسة أن حلم الشخص بجسده لا يتأثر بسهولة عن طريق جذب الاهتمام، أو الإيحاء الذاتي "أريد أن أحلم بذراعي اليوم" أو بالتعديلات التجريبية المتعمدة.
إذ إن الأبحاث تشير إلى أن الحلم بالذات هو مفهوم الحد الأدنى، وهو السبب في الوصف "نسخة مصغرة من الشخص"، فعندما يحلم الأشخاص بأنفسهم يكون لديهم بعض الشعور بوجود الجسم، ولكن من النادر ظهور تفاصيل الجسم في أحلامهم، أو أن تكون متعلقة بالجسم الحقيقي.
أي أن الجسم في الأحلام يقتصر على قالب ثابت، ولربما يستخدم نفس القالب من المعاقين مثل غير المعاقين.
وترى غوسيل أن الحلم هو حالة خاصة، لأن الناس واعية إلى حد ما، ولديهم خبرات واستجابات عاطفية. ولكن هذا الوعي محدود، فهناك معنى ضعيف للماضي والمستقبل، كما توجد سيطرة ضعيفة على أفعال الفرد.
-هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع Live Science. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.