في عام 1492، انهزم العرب المسلمون في حرب غرناطة أمام جيوش الملكيين الكاثوليكيين ليخرجوهم من الأندلس بعد أن حكموا أجزاء من إسبانيا لما يقرب من 8 قرون.
وكانت تلك نهاية عهد ما يُعرف بالموريين العرب الذين قدموا إلى إسبانيا عبر مضيق جبل طارق في بداية القرن الثامن الميلادي ولم يجلبوا معهم ثقافتهم ودينهم وحسب؛ بل أيضاً إرثهم المعرفي؛ فتحت حكم الموريين، تحقق تقدم في الرياضيات والعلوم، فضلاً عن التقدم في الجغرافيا والفلسفة؛ إذ يمكن أن يُرى التأثير الذي تسبب فيه العرب بإسبانيا في فنون العمارة إلى اللغة؛ بل وحتى إلى الزراعة. حتى يومنا هذا، فالموريون العرب شكّلوا جزءاً كبيراً من تاريخ إسبانيا.
فنون العمارة
إن كنت قد شاهدت مسلسل Game of Thrones مؤخراً، فربما رأيت المشاهد التي التُقطت في "حدائق المياه بمدينة دورن"، والتي تعرف في عالمنا الحقيقي بـ"قصر إشبيلية". بنى الملوك الموريون هذا المكان الجميل بقنطراته العالية، وتصاميمه الهندسية المفصلة، وباحات القصر الخلفية، ليكون أحد أعظم وأجمل قصور العمارة الإسلامية.
يمكن أن ترى نفس الطراز المعماري في "قصر الحمراء"، الذي يعرف أيضاً بـ"قلعة الحمراء"، وأيضاً "مسجد قرطبة" الذي تشارك فيه فترة من الزمن المسلمون والمسيحيون في تأدية عباداتهم وصلواتهم قبل أن يحوّله الإسبان إلى كنيسة بعد سقوط قرطبة عاصمة الخلافة.
اللغة
في الفترة التي تشاركت فيها الثقافات بإسبانيا تحت حكم الموريين، كانت اللغة العربية التي يتحدث بها الموريون تتشابك مع اللغة الإسبانية، ويمكن أن يُسمع تأثير ذلك في عالمنا اليوم. فمثلاً كلمة "أوخالا" التي تعني "نأمل ذلك"، اشتُقت من كلمة "إن شاء الله" العربية.
كما يمكن أن نسمع التشابهات مع العربية في كلمات يستخدمها الإسبان اليوم مثل "الرّوز" التي تعني "الأرز"، و"الزوكار" التي تعني "السكر"، وأيضاً "الموهادة" التي تعني "المخدة" أو "الوسادة".
لا يقتصر تأثير اللغة العربية في اللغة الإسبانية على الكلمات التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية وحسب؛ بل أيضاً بالطريقة التي ينطقون بها حرف "الهاء" ببعض المناطق بإسبانيا، وأيضاً طريقة نطقهم لبعض المعالم الرئيسية مثل شاطئ "كوستا ديلاثار Costa del Azahar .
التكنولوجيا
استطاع الموريون المسلمون نقل المعرفة التي حصلوا عليها من الصين والهند ومناطق أخرى بالعالم كانوا مروا عليها عن طريق التجارة.
كما قدموا تقنيات وأساليب جديدة، مثل نظام الأرقام العربي الذي طور من الترقيم الهندي، والورق من الصين، وآلة الأسطرلاب الفلكية، وأيضاً نظام الري الذي ساعد في استزراع محاصيل بإسبانيا لم يكونوا قادرين على زراعتها من قبل.
كما استطاعت طرق الزراعة وأنظمة الري التي اتبعوها، والتي أنشأوها بفضل من معيشتهم في المناطق الجافة، أن تساعد في ازدهار الزراعة في إسبانيا.
فضلاً عن ذلك، استطاع الموريون أن يدخلوا محاصيل جديدة إلى المنطقة مثل أشجار الحمضيات وقصب السكر. ومنذ ذلك الحين، صارت إسبانيا أحد أكبر مصدّري ثمار الحمضيات في العالم.