تناولت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" التصريحات، التي أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية بشأن القضايا الاقتصادية، وتسأل كيف سيؤثر تنفيذها في اقتصاد روسيا والولايات المتحدة.
جاء في مقال الصحيفة:
لم يبخل دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بالوعود الاقتصادية، مثل تخفيض الضرائب المفروضة على الأغنياء و "فض الختم" عن الاحتياطي النفطي للبلاد، وغير ذلك.
كما تحدث كثيرا عن العلاقة مع روسيا. فمرة يقول إنه يفضل بناء علاقات ودية معها والتعاون في القضاء على "داعش"، وإنه سيقيم مع الرئيس الروسي بوتين، الذي يعجبه كثيرا، "علاقات جيدة جدا-جدا". ومرة أخرى فيما بعد ينتقد تصرفات موسكو في حلب؛ مشيرا إلى أن العلاقات مع موسكو "ستكون فظيعة".
غير أنه بعد المكالمة الهاتفية مع الرئيس الروسي بدت هذه المسألة وكأنها تنازل منه للناخبين المعادين لروسيا.
يقول الخبير في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية ياكوف ميركين إن "روسيا ينتظرها تجميد للعقوبات "وليس إلغاؤها"، وتخفيف الضغط وصفقات جديدة". من بين هذه الصفقات "حرية" العمل في أوكرانيا مقابل القضاء على الإرهابيين.


ياكوف ميركين
وبحسب رأيه، ستخضع السياسة الخارجية في ظل ترامب للمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة: "باعتباره رجل أعمال، لأنه لا يثق بالسياسيين والعسكريين. كما أن ترامب يعتقد بأن على الدول الأخرى التي تضمن الولايات المتحدة أمنها (الاتحاد الأوروبي، اليابان، كوريا الجنوبية) دفع ثمن ذلك. وسوف تفعل ذلك. من هنا جاءت انتقادات ترامب للناتو وقوله إن "عهده قد ولى"، ووعده بإعادة النظر في التزامات الولايات المتحدة أمام الحلفاء. وكل ما يمكن تنفيذه بأيدي الأخرين سينفذ بأيدي الآخرين". بهذا المعنى سيكون "التعاون مع الروس".
كما أن ترامب لا ينوي تخزين الأسلحة الأمريكية، حيث سيستمر في الحرب السورية حتى النهاية. وهذا ما يؤكده اقتراحه على الجنرالات تقديم خطة للنصر خلال شهر، وإنشاء القوات الأمريكية مناطق آمنة للنازحين في سوريا.
ترامب هدد أيضا بالانسحاب من الشراكة عبر المحيط الهادئ، ومنطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ومنظمة التجارة العالمية، إذا لم تساند هذه البنى سياسة واشنطن الجديدة بشأن حماية أسواقها ومنتجاتها. وهنا بالطبع، ستصطدم الولايات المتحدة حتما بمقاومة من جانب الصين التي تعودت على أن تكون مصنعا ومنتجا رئيسا لبضائع الولايات المتحدة. لذلك هيأ ترامب ناخبيه مقدما لحرب اقتصادية محتملة مع الصين.
أما مدير مدرسة الاستشراق في المدرسة العليا للاقتصاد أليكسي ماسلوف، فيقول إن "لسحب الرأسمال الأمريكي من الصين أسبابا موضوعية؛ لأن كلفة الإنتاج بدأت ترتفع في الصين. ولكن لن تحدث مقاطعة تامة؛ لأن شركات الولايات المتحدة قد اندمجت مع الشركات الصينية (مثل شركة "لينوفو")، ولأن للمنتجات الصينية حصة كبيرة في الأسواق الأمريكية. وترامب يدرك جيدا هذا، لذلك كان أول اتصال هاتفي له مع الرئيس الصيني شي جين بينغ".


أليكسي ماسلوف
ومع أن التوتر على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة سيستمر، فلن يبنى جدار فاصل على الحدود مع المكسيك ولن تمنع هجرة المسلمين، ولكنهم سيخضعون لاختبارات شديدة يكون تجاوزها في غاية الصعوبة.
إن رفع القيود عن تطوير حقول النفط في الولايات المتحدة سوف يؤدي إلى انخفاض أسعاره في الأسواق العالمية إلى اقصى حد. وهذا بالتأكيد سيؤثر في اقتصاد روسيا.
من جانبه، يقول المحلل السياسي دميتري دروبنيتسكي، "لا يزال "شهر العسل" مستمرا بين الرئيس المنتخب والكونغرس. والعلاقة بينهما مستقبلا مرتبطة بالأشخاص الذين سيشغلون المناصب المسؤولة وكذلك الوضع المالي. فقد وعد ترامب بتخفيض الضرائب المفروضة على الطبقة الوسطى والأغنياء والتعاونيات في حال زيادة النفقات العسكرية وغيرها.
كل هذا ممكن تحقيقه بعودة الإنتاج إلى الولايات المتحدة، وكذلك رغبة ترامب والجمهوريين بإلغاء قانون دود-فانك بشأن التنظيم الذي ألغته ادارة اوباما عان 2010، وكذلك إعادة العمل بقانون غلاس-ستيغول الذي يفصل البنوك الاستثمارية عن مؤسسات الإقراض.
والنتيجة ستكون رفع القيود عن السوق المالية، ونموه، وتركيز رؤوس الأموال في الولايات المتحدة. أما في الأسواق الصاعدة وبينها روسيا فستكون هناك فقاعات وصدمات و"عدوى مالية".