هل سنكون آخر من يتذوق العسل؟ انقراض النحل يهدد العالم بالمجاعة
يُعدُّ نحلُ العسل من أكثر أنواع النحل تأثيراً في نظام التوازن البيئي؛ فالنّحل حشراتٌ مُستقلّة تماماً في الحصول على الغذاء، والاهتمام بأفراد الثّوْل (جماعة النحل).
تعتمد النباتات في تلقيحها على حشرات النحل العاملة؛ إذ تسافر هذه النحلات في الخليّة لمسافات طويلة للوصول إلى بتلات الزهور التي تمتصُّ منها الرحيق الضروري لغذائها، وتقوم النحلة بإجراء عملية التلقيح بين النباتات بشكل تلقائي وسريع.
ما سر هذا الانخفاض الرهيب في أعداد النحل؟
صورة لفطريات الـ"varroa mite" التي تُعد أكبر عدو للنحل
طبقاً لأبحاث جامعة أوريجون، وأبحاث منشورة في مجلة Science فإن أعداد النحل في تناقُص رهيب، وبمعدّلات سريعة، حتى الآن فإن سبعةَ أنواعٍ مهددةٌ بالانقراض بالفعل.
في وقت سابق، كانت الدراسات العلمية تُرجِع ظاهرة انخفاض أعداد النحل إلى عدة أسباب، منها استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة، والأمراض الفطرية التي تهاجم النحل نفسه، وعدم وجود مراعٍ زهرية قريبة، الأمر الذي يصيب النحل بالإجهاد نتيجة الطيران لمسافات طويلة لم يعتدها من قبل، والتغير المناخي الذي أدى لاضطراب الظروف الجوية التي لم يعتد عليها النحل من قبل.
في مؤتمر لـ"تيدكس" منذ ثلاث سنوات، شاهد الناس هذا المقطع من المؤتمر بشيء من التخوّف، والآن أصبح هذا التخوف واقعاً؛ ففي الولايات المتحدة وحدها فُقد أكثر من مليوني ونصف المليون نحلة في الفترة من 1945 وحتى 2007، العام الذي اكتُشفت فيه ظاهرة الـ"CCD".
ما ظاهرةُ الـ"CCD"؟
طبقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) فإن النحل (وبالذات نحل العسل) شهد في مناطقه حالات هجرة جماعية لخلايا النحل من قِبَل النحل العامل، حيث تُترك فقط الملكة وبعض الوصيفات، وقد أطلق العلماء على هذه الظاهرة "Colony Collapse Disorder" أو "متلازمة انهيار المستعمرات". والغريب أنه لا يوجد أي أثر لاعتداء من حشرات أخرى كالدبابير البريّة مثلاً، ولكن الخلية تكون مهجورة مع الاحتفاظ بالعسل، وبيض النحل كاملاً في الخلايا، والملكة وبعض الوصيفات اللاتي لا يستطعن العيش منفردات فيمتن في النهاية!
ما الجهودُ المبذولة لإنقاذ النحل من هذا الخطر؟
دشّنت وزارة الزراعة الأميركية "USDA" برنامجاً لمتابعة تطوير مبيدات حشرية غير مضرّة بالنحل، كما حفّزت المزارعين لزراعة محاصيل أخرى غير القمح والذرة المكلفين والخاليين من الأزهار، كما شكلت مراكز متفرقة لمتابعة تناقص أعداد النحل، واستزراع مسطحات زهرية على جوانب الطريق.
ماذا سيحدث لو فشلت جهودنا في انقاذه؟
طبقاً لما ذكرته البي بي سي في تقريرها فإن انقراض النحل يعني اختفاء 70 من أصل مائة نوع من محاصيل غذائية رئيسية في العالم، نتيجة توقّف عملية التلقيح الذي يوفّره النحل لتلك المحاصيل، بانخفاض محاصيل بقيمة 30 مليار دولار في السنة، قد يُواجه ثلثا سكان العالم خطر الموت جوعاً، وهذه فقط البداية، فمع اختفاء النباتات ستختفي أنواع كثيرة من الحيوانات العاشبة، وهكذا، حتى يُقضى علينا، نحن القابعون في قمّة هرم السلسلة الغذائية.
يمكن لمن يريد الاستزادة أن يشاهد هذا المقطع، مَن يدري ربما تحدث المعجزةُ ولا نكون آخر من يأكل العسل!