اول من زار قبر الامام الحسين عليه السلام، هو الامام علي بن الحسين السجاد (ع) وعمته بطلة كربلاء السيدة زينب بنت الامام علي بن ابي طالب (ع)، في العشرين من صفر عام 61 هجرية وهما في طريقهما من دمشق الى المدينة.
واتباع اهل البيت (ع) منذ عام 61 هجرية وحتى اليوم يواظبون على هذه الزيارة، رغم كل تسلط الجبابرة والطغاة الذين كانوا يحولون بينهم وبين الوصول الى كربلاء، وقد ضحى منهم وادى ثمنا لزيارة الحسين عيه السلام.
العالم يمر من امام ظاهرة الاربعين دون ان يقف مبهورا امام:
-اكبر تجمع ديني العالم.
اكبر تجمع اجتماعي العالم
-اكبر تجمع وحدوي.
-اطول مسيرة منظمة تلقائيا في العالم..
-تجمع بعيدا كل البعد عن الطائفية والعنصرية.
-نعم شعارات ، تدعو للانتصار للمظلوم ومقارعة الظلمة والطغاة.
-خطابات وشعارات ، تدعو للسلام والمحبة. بين بني البشر.
- تجليات في الكرم الانساني في اروع صوره.
-تجليات في التسامح الانساني تصل الى حد المثالية.
-ثورة اخلاقية روحية ضد التكبر والغرور والغطرسة
- -كل القوميات تنصهر في حب الحسين (ع).
-لا حسب ولا نسب في هذا التجمع يعلو على خدام الحسين (ع) وزوار الحسين(ع).
– اطول سفرة طعام في العالم يقومها الكرم الحسيني.
نكتفي بهذه الخصائص التي انفردت بها زيارة الاربعين، وهناك اضعاف اضعاف هذه الخصائص، وهي خصائص، جعلت زيارة الاربعين تستقطب اهتمام غير المسلمين ايضا
زيارة الاربعين، بما تملك من خصائص استثنائية، بدأت تؤثر على الرؤى والقناعات والسلوك الفردي والاجتماعي، لدى المشاركين فيها، والمشاهدين لها، الامر الذي يؤهلها لتكون عاملا مهما في تصويب بوصلة الامة، بعد ان عمل الاستعمار واذنابه من العملاء ، على اعطاب هذه البوصلة، ودفعت الامة بسبب ذلك اثمانا باهظة من ابنائها وامنها وثرواتها وحاضرها ومستقبلها.
فلسفة الاربعين :
حكى لنا التاريخ أنه بعد مرور أربعين يوماً على استشهاد الإمام الحسين (ع) حفيد رسول الله (ص) عاد ركب السبايا الحسيني إلى كربلاء، بعدما قاسوا مختلف أنواع الإساءة، النفسية والمعنوية، في ذلك اليوم صادف قدوم الصحابي الجليل جابر الأنصاري (رض) لزيارة قبر الإمام الحسين (ع)، ومن ذلك الوقت بدأ أبناء الأمة الإسلامية يزورون قبره الشريف، ان فلسفة إحياء هذه الذكرى التاريخية الأليمة؟ ألم يحن الوقت أن تنسى أو تمسح من الذاكرة الإنسانية بعد مرور أكثر من 14 قرناً على وقوعها؟ يقولون إن إحياء أربعينية الإمام الحسين (ع) في كل عام باق، مادام هناك انتهاك للتعاليم الإسلامية، فإحياء هذه المناسبة الكبيرة التي أدمت قلب رسول الإنسانية، الهادي البشير المصطفى الأمجد محمد ابن عبدالله (ص) له فلسفة راقية، يراد منها أن تحقق الآتي:
أولاً: ترسيخ أخلاقيات وأدبيات أبي عبدالله الحسين (ع) الراقية، في أذهان أبناء الأمة .
ثانياً: تحصين شباب ورجال ونساء وأطفال الأمة الإسلامية بالمثل الأخلاقية والإنسانية العليا، التي تحلى بها الشهيد الحسين (ع) في كل حركاته وسكناته حتى آخر لحظة في حياته.
ثالثاً: إكساب أبناء الأمة الإسلامية المناعة الداخلية الكافية ضد الكراهية والحقد العنصري والطائفي والمذهبي، وجعلهم يميلون بعقولهم ووعيهم ومشاعرهم الإنسانية إلى المحبة والسلام.
رابعاً: إكساب الروح حيوية ونشاطاً، وإحياء الضمائر والمشاعر الإنسانية وجعلها متزنة وعاقلة وغير متطرفة.
خامساً: صناعة أجيال عربية وإسلامية مسالمة ومتقبلة للآخرين.
سادساً: إفشاء ثقافة الحب والود والتسامح والاحترام المتبادل بين مختلف مكونات المجتمعات الإنسانية.
سابعاً: الارتقاء بمجتمعاتنا العربية والإسلامية في مختلف المجالات، العلمية والتربوية والثقافية والفكرية، لكي يكونوا زيناً للإسلام ولا يكونوا شيناً له.
ثامناً: إطلاع الأمم الأخرى على مبادئ الإمام الحسين (ع) سبط رسول الإسلام محمد بن عبدالله (ص)، من أجل التمييز بين القيم الإسلامية السامية والرحمة المحمدية وبين القتل والجريمة الذي يمارس في العالم باسم الإسلام زوراً وبهتاناً.
.
لا أحد يقول إن إحياء هذه المناسبة الكبيرة في معانيها الإنسانية من غير هدف سامٍ، فكل الذين يحيون أربعينية الإمام الحسين (ع) أو يشاركون بأية صورة كانت في الإحياء، يرجون أن يروا العالم كله يعيش في أمن وسلام ومحبة، خالياً من كل المنغصات المصطنعة، لأنهم يعلمون علماً يقينياً ليس فيه شك ، أن الاختلافات والخلافات التي تؤدي إلى الاقتتال بين أبناء الدين أو المذهب الواحد، تجعل الأمة الإسلامية بعيدة كل البعد عن التنمية والتطور في مختلف المجالات.
فإن استيعاب الشباب لماهية المبادئ والقيم الحسينية التي استمدها الإمام الحسين (ع) بصورة كاملة من القيم المحمدية السمحاء، إنها جاءت لتكون رحمة للعالمين، نسأل الله تعالى أن يحقق للأمة العربية والإسلامية ولجميع الإنسانية النماء والأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، السلام على الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى إخوان الحسين وعلى أصحاب الحسين، يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياء.
رضا العاشور التميمي