النتائج 1 إلى 8 من 8
الموضوع:

حارس الموتى": الحرب اللبنانية بعين منظّف جثث القتلى

الزوار من محركات البحث: 4 المشاهدات : 478 الردود: 7
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    miss nau nau
    ادام الله سماحتها.
    تاريخ التسجيل: December-2014
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 27,137 المواضيع: 1,747
    صوتيات: 39 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 18897
    مزاجي: مشمش
    مقالات المدونة: 8

    حارس الموتى": الحرب اللبنانية بعين منظّف جثث القتلى


    شكّلت الحرب الأهلية موضوعاً لأغلب الروايات اللبنانية الصادرة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وفي روايته الثانية "حارس الموتى" لا يبتعد جورج يرق عن هذا الموضوع. ولكن، ما يميّز الرواية أنها تتناول الموضوع من مكانٍ جديد هذه المرة، وتحديداً من البراد الذي تحفظ فيه جثث الموتى قبل دفنها.
    بطل الرواية "عابر ليطاني" شاب في مقتبل العمر، يمارس الصيد في ضيعته الهادئة، يجد نفسه فجأة أمام المدرّس المدمى بعد أن خطفه ثلاثة من رجال أحد الأحزاب لأنه يشتم الحزب على مسامع التلاميذ، وتركوه مرمياً لمصيره. ولأنه يخاف أن يُتهم بهذه الفعلة بعد أن رأى المدرّس وجهه، وعرفه، فإنه يهرب بعيداً عن القرية، كي ينقذ نفسه من انتقام عائلة الرجل أو الحزب الذي ينتمي إليه. في ذلك الوقت كان السلاح بيد الجميع، وكانت النفوس متوترة، وتكفي شرارة واحدة لإشعالها. "المصادفة وحدها مسؤولة عما أعانيه الآن. كنت أتصيّد في السهل. وكان الوقت غروباً. لدى مروري قرب مكب الزبالة التابع للضيعة، سمعت أنيناً متقطعاً. أول وهلة ظننت أنني أتوّهم ذلك. لكن عند تكراره تأكد لي أن ما أسمعه هو صوت بشريّ. فازدحمت الاحتمالات".
    بعد أن يصل إلى بيروت التي كانت غارقة في حربها الأهلية، يجد "عابر" نفسه مشرداً دون مأوى، فلا يجد حلاً سوى الالتحاق بإحدى الميليشيات المتقاتلة، لأن ذلك يوفر له طعاماً ومأوى. وهناك في الثكنة سيكون شاهداً على الحرب وكواليسها، وعلى أبطالها وممارساتهم.
    شخصيات الثكنة فقدت جزءاً كبيراً من إنسانيتها، وأصاب العطب روحها وأخلاقها، ولم تعد تتورع عن فعل شيء ما دام القانون المسيطر عليها هو إرضاء نزعاتها وغرائزها. هكذا يصبح "عابر" شاهداً على "نابليون"، رئيس القطعة، الذي يقوم بقتل صائغ وسلب حقيبته، وعلى "بو فهد" القناص الذي تكون سعادته القصوى عندما يقنص أحدهم، فيتجمع الناس حوله لسحب جثته، فيما هو يغرق في الضحك ويستأنف قنصه للمحتشدين كي يردي جثثاً أخرى فوق الجثة الأولى. كما يصبح شاهداً على عمليات السرقة والنهب والاغتصاب التي تتم تحت غطاء الحرب، وفي ذلك كله يرفض أن يكون هو "فاعلاً" في هذه الحرب، بل يصرّ على البقاء "شاهداً" فقط، وحتى حين يُطلب منه أن يكون قناصاً فإنه لا يستطيع قتل أي شخص. "لمّا كنت أرى في المنظار ضحيّتي المحتملة تنتاب يدي رجفة فأفقد دقة التصويب. وشيء مثل غشاوة يغطي فوهة المنظار فلا أعود أرى، وإذا رأيت فلا أرى جيداً. غشاوة كان يطلقها عدم اقتناعي بما أفعل، ورفضي إزهاق روح ذنب صاحبها العبور في هذه اللحظة المشؤومة".في الثكنة تتوطد علاقته مع "عزيزي" الشاب الذي يخبره بأنه يسجل مذكرات تحوي الكثير من الأسرار عن الحرب وممارسات رفاقه في دفتر صغير، تلك الممارسات التي يعلم بها الحزب ويغضّ الطرف عنها، رغم فداحتها، والتي في النهاية يُقتل "عزيزي" بسبب معرفته لها. هذا ما يدفع "عابر" إلى ترك السلاح والعودة إلى حياة التشرد قبل أن يجد عملاً في ثلاجة الموتى في أحد المشافي، وهناك سيكون "شاهداً" أيضاً على جملة من الممارسات التي تكون الحرب وراءها، فيصف الفساد الطبي، وكيف أن المشفى يعالج جرحى الحزب مجاناً في حين أنه يترك أي مريض آخر يموت لأنه ليس من الحزب، هذا عدا السرقة، وأخذ المعونات الدولية التي يجب أن تكون من نصيب الناس وبيعها…
    يختار يرق أن يسرد روايته على لسان البطل، فيرصد ما يراه بعينيه، تاركاً الحقائق التي لا يعرفها لتظل على شكل احتمالات يقلبها بطله في رأسه دون أن يصل، أو نصل معه، إلى نتائج نهائية، فليس المهم هنا هو النتيجة أو الحقيقة، بل المهم في رؤية ذلك الشخص للحرب، في تحولاته النفسية التي لم يكن من الممكن رصدها إلا بتسليم "الحكي" له، وإلا فإن الرواية كانت ستذهب في اتجاه المباشرة لتوصل فكرتها.
    بعد أن يتعلّم "عابر" حشو الجثث وتنظيفها، ويتصالح مع وجوده في البراد، لا بل يصبح هذا البراد الملآن بالجثث المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالأمان، ويصبح الموتى هم من يحمونه، تظهر أعظم تحولات هذه الشخصية، يغادر ما كان عليه حتى الآن، أن يكون "شاهداً" على ما يجري، ليصبح "فاعلاً"، يصبح همّه جمع المال، بأي طريقة، لحماية نفسه من كل ما عاناه: يسرق، يمارس النصب والاحتيال، يشتهي شابة ميتة، يقتلع الأسنان الذهبية للجثث ويبيعها، تصبح الجثة عنده وسيلة رزق فقط،.... وغيرها من الأفعال التي كان لا يستطيع فعلها، فصار يمارسها إلى أن ينتهي مخطوفاً من قبل جهة لا يعرفها.
    كل ذلك يحدث بعد أن يحلم بنفسه كجثة، "رأيت النعش، نعشي، أمام المذبح على طاولة مغطاة بشرشف أبيض. وعلى واجهته، اسمي الثلاثي وتاريخا ميلادي ووفاتي (...) وأبصرتني عائداً وحدي من المقبرة، كان الفتى يمشي كالتائه. عندما رآني توقف ومضى ينقل نظره بين الصورة الكبيرة وبيني. ثم ابتسم ابتسامة هي مزيج من السخرية والمكر. شاء إفهامي بها أنه يعرف أن الذي مات ليس أنا، وأن الذي بقي حياً ليس أنا أيضاً".
    ذلك الحلم، هو النقطة الفاصلة بين ما كان وما صار، بين موت "الشاهد" وولادة "المُشارك"، بين موت الإنسان وولادة الجثة، "عابر" لم يعد يتعرّف إلى نفسه، فقد أفقدته الحرب ذاك الذي كانه، غيّرت مصيره كما غيّرت مصائر الجميع، ورسمت قدراً جديداً، وتركته مشطوراً بين اثنين، فلا يعرف أيهما هو، ولا يستطيع إنكار أيٍّ منهما، وكل ما يعرفه أنه محمّل بذاكرة مثقلة لن تسعفه، مهما رواها، في الخلاص منها، كما لن تسعفه في معرفة من خطفه ولماذا؟ ويبقى السؤال معلقاً...
    جورج يرق روائي لبناني من مواليد عام 1958، عمل محرراً وكاتباً حراً في بضع صحف ومجلات لبنانية، مثل "النهار"، "اللواء"، "الحياة"... صدرت له رواية "ليل" عام 2013، ورواية "حارس الموتى" هي الثانية له وقد وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية 2016.

  2. #2
    أأأُم کـريـر ^°^
    ♡ مُحرمة كالنبيذ
    تاريخ التسجيل: July-2016
    الدولة: بــغــداد الـحـبـيـبـة
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 57,244 المواضيع: 1,492
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 21502
    مزاجي: مــتــقـــلــب "( /: (: :(
    المهنة: …..
    أكلتي المفضلة: برگر يعني برستيج وكذا ^^
    موبايلي: iPhone 14 Pro Max
    مقالات المدونة: 10
    شكرا للنقل

  3. #3
    من أهل الدار
    Bad Shadow
    تاريخ التسجيل: December-2015
    الدولة: الكرة الأرضية التافهة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 25,430 المواضيع: 948
    صوتيات: 300 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 20073
    مزاجي: مشاغب
    المهنة: ممثل بفلم الرسالة
    أكلتي المفضلة: عند الجوع لا يوجد خبز سيء
    موبايلي: Nokia
    مقالات المدونة: 6
    شكراً لك

  4. #4
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: حيث يقودني قلبي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 86,668 المواضيع: 20,591
    صوتيات: 4589 سوالف عراقية: 663
    التقييم: 60199
    آخر نشاط: منذ 20 ساعات
    مقالات المدونة: 1
    طرح مميز
    الف شكر

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: August-2016
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 3,333 المواضيع: 20
    التقييم: 5344
    آخر نشاط: 2/May/2024
    شكرا كات

  6. #6
    miss nau nau
    ادام الله سماحتها.
    شُكرا للمرور العطر ..
    ......

    zeto-أحمد العثماني-تراتيل سومرية
    شُكرا جزيلا للتقييومات أصدقائي

  7. #7
    من أهل الدار
    المتماهي
    تاريخ التسجيل: September-2010
    الدولة: ميسان
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 30,883 المواضيع: 301
    صوتيات: 90 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 31880
    المهنة: دكتوراه/ نقد حديث
    موبايلي: Ultra s24
    مقالات المدونة: 130
    شاهد على وزن فاعل .. الفاعل الذي ما أراد أن يكونه ( عابر ) !! تشكيلات سردية تحتشد فيها الدلالة على ما يبدو .. سنرى ذلك مع قراءة الرواية .. ألف شكر كات .. تقييم مستحق .. أقل ما يمكن أن أشكركِ به

  8. #8
    miss nau nau
    ادام الله سماحتها.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيفرة دافنشي مشاهدة المشاركة
    شاهد على وزن فاعل .. الفاعل الذي ما أراد أن يكونه ( عابر ) !! تشكيلات سردية تحتشد فيها الدلالة على ما يبدو .. سنرى ذلك مع قراءة الرواية .. ألف شكر كات .. تقييم مستحق .. أقل ما يمكن أن أشكركِ به
    آمل لك قراءة ممتعة
    ...
    شُكراً للمرور العطر والتقييم
    ممتنة

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال