بيوتنا.. بلا حب!





العنف سلوك مدمر سواء على الصعيد الفردي أو الجمعي، وحين يكون إنسان ما عنيفا في تعامله مع من حوله فإن هناك خللا مؤكدا في تركيبته النفسية والعقلية، وهو عمليا يفتقد التوازن في حياته وبالتالي يؤثر سلبا على محيطه، وذلك حال المجرم الذي يختل توازنه السلوكي ويسيء الى نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه من خلال ما يرتكبه من جرائم ضارة بأمن الجماعة، وعلى الصعيد الأسري حين يكون رب الأسرة عنيفا في تعامله مع أبنائه فإنه في الواقع يرتكب جريمة بحقهم بحرمانهم من السعادة والأمن النفسي الذي ينبغي أن يحصلوا عليه في بيتهم وهو محل التنشئة، ويقود ذلك الى حال من التفكك يتداعى في تنشئة الأبناء بقصور نفسي وعقلي وإدراك لما يجب أن يكونوا عليه كأسوياء مفيدين اجتماعيا.
افتقارنا بهذه النسبة المرعبة لمشاعر الحب يعني تحولا عاطفيا خطيرا في جميع سلوكياتنا فهذا الحب يعطي أبناءنا الدفء والحنان والطمأنينة، وحين لا يحدث ذلك فإننا نفتح أبواب الجحيم لمستقبلهم ومستقبلنا، ليس هروب الفتيات هو المشكلة الوحيدة التي تترتب على فقدان الحب، وإنما ما خفي أعظم.العنف داخل الأسرة خطر على الناشئة والمجتمع والوطن، وهو عامل هدم مؤثر للغاية في هدم النظام الاجتماعي، ولذلك فإن الجهات المعنية ومنظمات المجتمع معنية بدراسة أسبابه وبحثها بصورة علمية لمكافحته قبل أن يتحول الى ظاهرة، وقد قرأت مؤخرا تصريحا للمستشارة الأسرية الدكتورة نورة الصويان قالت فيه إن العنف الأسري، يتصدر أسباب هروب الفتيات في المملكة، مطالبة بتكاتف جميع الجهات، للحد من هذه الظاهرة، عبر توعية المجتمع ونشر مهارات التربية القائمة على الحب والتقبل.
المستشارة في تشريحها للحالات التي مرت بها أوضحت أن احتياج المرأة إلى الأمان النفسي يفوق احتياج الرجل، مرجعة الأمر إلى طبيعتها، وكونها مجبولة على الرحمة، فتبحث عن العاطفة بشكل مستمر، ولعل المعلومة الصادمة التي ذكرتها في تصريحها هي أن 80 بالمائة من البيوت السعودية تفتقر إلى مشاعر الحب، ولا أعلم، حقيقة، مبررا لذلك فنحن مجتمع أزعم أنه متصالح مع نفسه، ولدينا قيمنا الاجتماعية وفضائلنا وأخلاقنا الإنسانية النبيلة التي يجب أن تعصمنا من ذلك، وإذا شغلتنا الحياة فلا يجب أن تشغلنا عن رعاية أسرنا وأبنائنا ومنحهم حقوقهم كاملة غير منقوصة من الأبوة والرعاية والحنان.
افتقارنا بهذه النسبة المرعبة لمشاعر الحب يعني تحولا عاطفيا خطيرا في جميع سلوكياتنا فهذا الحب يعطي أبناءنا الدفء والحنان والطمأنينة، وحين لا يحدث ذلك فإننا نفتح أبواب الجحيم لمستقبلهم ومستقبلنا، ليس هروب الفتيات هو المشكلة الوحيدة التي تترتب على فقدان الحب، وإنما ما خفي أعظم، فلا سعادة على الإطلاق دون حب حقيقي نرعاه ونتعامل به مع أبنائنا وبعضنا، هناك كثير من المخاطر التي تترتب على غياب الحب وإبداله بالجفاف العاطفي، وهناك أشياء يجب تصحيحها قبل فوات الأوان مثل تفضيل الذكور على الإناث، وإجبار الفتاة على الزواج أيضا، فالحياة لا تمضي بسلاسة دون حب.
لابد من إعادة نظر داخل أنفسنا تحفز اليها اللقاءات الاجتماعية والفعاليات التي تهدف الى الارتقاء بسلوكياتنا العاطفية تجاه بعضنا داخل الأسرة الواحدة وعلى الصعيد الاجتماعي، فالحياة دون حب تصبح جافة وقبيحة وتنتج عنها كثير من السوءات التي تضرنا جميعا، وإذا كانت نسبة الصويان صحيحة ينبغي فورا البدء بعمل مكثف يدخل المختصين والخبراء الى البيوت وطرقها للحصول على قيم حقيقية لما فيها من حب يتم تدعيمه وتعزيزه، أو جفاء وجفوة تتم معالجتها وتعديل سلوكيات الأفراد من خلال منهج علمي واجتماعي لأن الواقع الحالي خطر للغاية.