ما فائدة الحُرية إن لم يَكن هناك مَنْ يُطالب بها؟
رُغم تيار التطور الذي تتعرض لَهُ المُجتمعات في زَمانِنا هذا إلا ان الفكر العُنصري لازال يتحكم بعقول بَعض فِئات المجتمع و يؤثر فيها بِشكلٍ مُخيف
و هذا التأثير لا يَنطلق مِن مفهومٍ صحيح و لكن كُل مافي الأمر أن قانون الغاب أصبح كَقوة خفية تَسند تِلك الجماعات التي تتظاهر بِالمثالية فأصبح هذا القانون سيد الموقف في أغلب النِزاعات حتى التي تَحدث بين أفراد العائلة و تِلك من أخطرها و اكثرها شيوعاً و مع ذلك لا يزال الجاني و المَجني عليه يتسترونَ على المُشكلة , حتى أصبحتْ أغلب المشاكل و المعاناة وَلِدة التمييز بين الأفراد و على الأخص التمييز بين الذكور و الإناث ; لعلنا أصبحنا مُملين بطرح هذه المُشكلة لكن رُغم قِدمها و تكرارها لا تزال جذورها تَتمدد في مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص و لذلك لن يكون باليد حيلة سوى إنقاذ أنفسنا لأنفسنا.
في قانون التربية الذي يحفظه المُربون عن ظهر قلب يكون تلقين الطفلة كالآتي :
أخوكِ كلمته واحدة في العائلة مهما قال يجب أن تُنفذي بفمٍ مُغلق بدون جدال أو إعتراض.
و يكون تَلقين الذكر كالآتي :
أنتَ أخوها لا تترك لها مُطلق الحرية في حياتها . كيف تَدع أختك ترتدي تلك الملابس؟ آلا تخجل من كلام الناس؟
عليك منعها أن تخرج من المنزل فقد أصبحت كبيرة!
هكذا تَطمَئنُ قلوبهم فقد تمت تربية الأبناء وفق العادات و التقاليد و المبادئ
و بذا تم تَخليق فرد مُستضعف مُتزعز الثقة لا يملك لِنفسه موت أو حياة حتى أنفاسه يحتاج لإذن من غيرهِ لكي يتنفسها
وفي الآن ذاته يُخَلق الفرد المتسلط الذي يرى ذاته الأفضل و المُصيب في كل الأمور و إن كانت خطأ !
ثُم نَعجب مِن أين جاء المُجرم؟
و كيف لها السكوت عن حقها رُغم أنه يضربها و يتسلط عليها.
قال تعالى :
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات .
فقط لو أن نِصف المُجتمع فهم هذه الآية
و طبقها ما كان للعُنصرية وجود في حياتنا.
و لِكل مُشكلة حل و لكن الجهل بالموقف و رفض تَقبل حقيقته ربما هي المُشكلة الوحيدة التي لا حل لها , و للحد من هذه الظاهرة و تفادي أضرارها لابد أن يَتعلم الجميع كيف يؤدي وظيفته قبل أن يُباشر بالعمل لذلك ينبغي :-
أولاً : إدراك الأسرة أهمية تربية الأطفال وفق مبادئ و مفاهيم سليمة و إن تَعارضتْ مع العادات و التقاليد , كذلك لابد مِن الإهتمام بِـ أرائهم و مشاركاتهم في الوسط الأسري و الذي يُساعد على بناء شخصية قوية و مؤثرة في المجتمع لدا الطفل.
ثانياً : لا يجب أن يصنع الضعيف حُجج تُبرر ضَعفه و سكوته عن حقهِ فهذا لن يزيده إلا ضعف فوق ضعفه فمهما كان المجتمع ظالم لا ينبغي أن يظلم هو الأخر نفسه بل لابد مِن إتخاذ التراجع إلى الخلف دُفعة قوية نحو الأمام قد تكون النتيجة سيئة في أولها لكنها لن تكون أسوء مِن العيش بِلا كرامة.
ثالثاً : لابد أن نُحاول و لو بِقدر قليل مُراجعة تَصرفاتنا التي قد تبدو مثالية لنا لكن على الأرجح الفكر العُنصري لا يخلو مِن بعضها , و الإعتراف بالخطأ يُمثل نِصف الصواب.