هذا عبد نور الله قلبه بالايمان
في أحد الأيَّام، وبينما كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يُصلِّي بالناس صلاة الصبح في المسجد، وعندما فَرغ مِن الصلاة، التفت إلى شابٍّ كان يُصلِّي خلفه، وقد اصفرَّ وجهه، وبدا عليه التعب مِن كثرة السَّهر، وبدا عليه أنَّه لم يَنمْ طوال الليل، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
كيف أصبحت يا حارث؟
فأجابه الشابُّ: لقد أصبحت وأنا على يقين.
فتعجَّب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن كلام الشابِّ وقال له: إنَّ كلَّ يقين يقترن بحقيقة، فما هي حقيقة يقينك؟
قال الشابُّ: يا رسول الله، إنَّ يقيني هو ما دعاني أنْ أسهر الليل، وأنْ أتغاضى عن مُغريات الدنيا. كأنِّي أنظر إلى عرش رَبِّي قد نصب للحساب، وحَشر الخلائق لذلك، وأنا فيهم، وكأنِّي أنظر إلى أهل الجَنَّة يتنعَّمون فيها ويتعارفون على الأرائك مُتَّكئين، وكأنِّي أنظر إلى أهل النار، فيها مُعذِّبون ويصطرخون، وكأنِّي أسمع الآن زفير النار يدور في مسامعي.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا عبد نوَّر الله قلبه بالإيمان ، ثمَّ قال له: إلزم ما أنت عليه.
فقال الشابُّ: ادعُ الله لي يا رسول الله، أن أُرزق الشهادة معك.
فدعا له بذلك، فلم يلبث أنْ خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فاستُشهد بعد تسعة نفرٍ وكان هو العاشر..



المصدر:القَصص التربويَّة عند الشيخ محمَّد تقي فلسفي، للطيف الراشدي، دار الكتاب الاسلامي، الطبعة الاولى 2004 م.