زيادة رواتب الموظفين .. أشعل فتيل زيادة أسعار السوق التجارية عامة ..؟
تحقيق \ احمد محمد غصوب
رغم الفرق الرقمي الهائل للمستحقات المالية التي يحصل عليها المواطن العراقي في الوقت الحاضر عما كان يستحصله في زمن ليس ببعيد ، إلا إن التضخم والازدياد المضطرد للأسعار جعل من القدرة الشرائية للمواطن ذي الدخل المحدود تتضائل شيئا فشيئا على خلفية مضاعفة أسعار الإيجارات والمحروقات والكهرباء والماء وكل شيء.. من هنا جاءت خطوة إقرار سلّم الرواتب الجديد لموظفي الدولة، بعد انتظار دام سنوات عديدة، كعامل مساعد وداعم لجهود الموظفين المضنية في توفير لقمة العيش الكريمة لذويهم والمستوى الأدنى للمستحقات الحياتية الأخرى.. ورحب موظفون في القطاع العام من حملة الشهادات الجامعية بإقرار مجلس النواب سلما جديدا للرواتب لأخذه بنظر الاعتبار مسألة مخصصات الشهادة، فيما اعتبرت شرائح أخرى من الموظفين السلم الجديد (غير منصف) وسط مخاوف خبراء من زيادة أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية اثر زيادة الرواتب.. فرغم الضجة التي رافقت عملية زيادة رواتب موظفي الدولة، إلا أن شعورا بعدم الرضا بتلك الزيادة التي رافقها ارتفاع متسارع في أسعار السوق، عبر عنه مستفيدون بعدم الرضا وعبروا عن الحاجة لسياسة ضبط السوق.. جريدة ( الإنقاذ ) حاولت عبر تحقيقها التي أجرته مع بعض المواطنين حول هذا الموضوع الذي أصبح الشغل الشاغل لكل المعنيين ..؟
موظفين يقولون : الزيادة المالية غير منصفة ومبهمة ..؟
وقال الموظف رعد عبد الكريم (30 عاما) الذي يعمل معاون صيدلي في إحدى مستشفيات الموصل إن الزيادة التي اقرها مجلس النواب جيدة رغم إنها لم تشمل خريجي المعاهد والإعدادية لكنها تضمنت مخصصات مهنة وهذا بحد ذاته قرار جيد.. أما المهندس خالد جاسم (40 عاما) فقال إن الزيادة عادلة وأنصفت خريجي الشهادات الجامعية، فضلا عن إنها أخذت بنظر الاعتبار مخصصات الزوجية والأطفال.. بعد أن كان مجلس النواب اقر مؤخرا قانون سلم رواتب موظفي الدولة الذي سيكفل وصول رواتب حملة شهادة البكالوريوس إلى أكثر من 500 ألف دينار، إضافة إلى مخصصات الزوجية والأطفال.. ويعتقد خالد أن الزيادة ستسهم في تمشية الأمور المعيشية وستقلل في الوقت نفسه من قضايا الفساد الإداري في الوزارات العراقية.. على الجانب الآخر اعتبر بعض الموظفين من غير المستفيدين من سلم الرواتب الجديد بأن الزيادة المالية (غير منصفة ومبهمة) فيقول علي فاضل (27 عاما) الذي يعمل معلما في إحدى المدارس الابتدائية أن الزيادة لم تكن بمستوى الطموح، وأنا لم استفد منها إطلاقا.. أما صالح (50 عاما) يعمل حارسا في إحدى دوائر الدولة فيقول إن الزيادة مازالت مبهمة لأنها لم تشر إلى عدد سنوات الخدمة.. من جهتها، قالت الموظفة رنا احمد وهي تعمل في دائرة اتصالات نينوى كنت أتمنى استعادة بعض المصوغات الذهبية التي بعتها لتغطية نفقات أطفالي لكنني وبعد أن زرت محلا لبيع الذهب اكتشفت إن سعره ازداد بشكل كبير ولهذا ليس بمقدوري أن اشتري أي شئ قبل أن احسب ميزانية البيت وحاجات أخرى ذات أهمية عالية، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع في الأسعار قتل بعض الأحلام التي كانت تراودها منذ أن عرفت بخطوة الحكومة العراقية بزيادة رواتب الموظفين خصوصا ،وإنني احمل شهادة الإعدادية وهذا يعني إنني سأحصل على مخصصات إضافية.
المواطن الغير موظف : هو أول المتضررين من هذه الزيادة ..؟
غير إن المواطن مروان رياض يرى أن الإجراءات التي وعدت بها الحكومة للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار غير مجدية ولم تؤثر على الحد من هذه الظاهرة قائلا : الموظفون تسلموا رواتب جيدة وأصبح وضعهم الاقتصادي يتماشى مع زيادة الأسعار، لكن أنا لست موظفا ومع ذلك اضطر لدفع ثمن زيادة رواتبهم، لان الأسعار عندما ارتفعت لم ترتفع فقط على الموظفين بل شملت السوق العراقية كلها، ونحن ألان في حيرة لان المواد مرتفعة والدخول محدودة،
برفع الأسعار في كل المواد.. أما محمود عادل احد العاملين بالطرق والجسور فيقول: إن سبب ارتفاع أسعار الفواكه والخضر والمواد الأساسية الأخرى، هو ارتفاع أجور النقل لهذه المحاصيل وحدوث أزمات في العقود بين فترة وأخرى بالإضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية وزيادة أجور العمل في القطاع الخاص، كل هذا ساهم وبشكل مباشر في ارتفاع أسعار الكثير من المواد وليس فقط أسعار الفواكه والخضر، كما إن توجه المواطنين وبأعداد كبيرة جدا على شراء وسحب المواد الأساسية والغذائية والكهربائية والملابس من الأسواق لزيادة دخل العائلة العراقية شجع على ارتفاع أسعارها.
مواطن يسأل : لماذا هناك تباين بين وزارة وأخرى في تحديد سلم الرواتب ..؟
يشير علي عبد الله على أن هناك تباين واضح في تحديد سلم الرواتب من وزارة إلى أخرى , خصوصا أن قطاع التعليم أخذ حصة الأسد من الزيادة وباقي بعض الوزارة لم يكن لها زيادة كبيرة في الرواتب حالها حال وزارة التعليم , ياترى ماهو السبب ..؟
ارتفاع الأسعار .. تدريجيا ؟
بعد حالة زيادة الرواتب انقلب الحال رأسا على عقب، إذ تحسنت الرواتب في دوائر الدولة فتحقق حلم طالما راود الجميع وأخذ الموظف الحكومي ينتهج طريقا جديدا على صعيد أموره اليومية كون راتبه أصبح بمستوى الطموح وتحسن بصورة واضحة, لكن مع سير الأيام بتنا نشهد الارتفاع التدريجي لأسعار كل المواد ومن أجل أن نقف على هذا (التحسن) وما جرى بعده كانت جولتنا التي بدأناها مع المواطن بشار غازي (موظف) فسألناه عن الاختلاف في قدرته الشرائية عن السابق فأجاب:
نعم هناك فرق كبير، ففي السنوات السابقة لم استطع شراء كل مستلزمات عائلتي الضرورية، ففي كل موسم اشتري ملابس واحتياجات لأحد أطفالي فقط، , أما الآن فأستطيع إدخال البهجة إلى قلوب أطفالي كلهم كذلك زوجتي من خلال اقتناء كل ما يحتاجونه وخاصة في المناسبات السعيدة كالأعياد …الخ.. أما قصي يونس (صاحب محل لبيع الألبسة والجلود) فتحدث إلينا عن مدى إقبال الموظفين على التبضع قائلا: كان الموظف في السابق يقوم بشراء حقيبة واحدة أو حذاء جديد واحد في كل موسم أو كل فترة طويلة لقلة راتبه آنذاك.. أما الآن وبعد التحسن الواضح على مستوى راتبه فقد أصبح يقوم بشراء عدد من الألبسة والحقائب وأزواج كثيرة من الأحذية وكذلك الحال بالنسبة للنساء (الموظفات) إذ يكون التبضع حسب ألوان ملابسهن وهو نوع من أنواع إشباع الجانب الكمالي للأفراد وخاصة طبقة الموظفين التي كانت محرومة في السابق من هذه الاحتياجات الكمالية وهذه الطلبات الكثيرة دفعتنا إلى تحسين النوعية في ما نعرض من بضائع وسلع نسائية والحرص على جلب الماركات ذات المواصفات العالية والجودة وكذلك ننوع في الألوان من اجل استقطاب اكبر عدد ممكن من المشترين.. وعند احد محال صياغة الذهب والمجوهرات التقينا بمجموعة من الموظفات كن قد اجتمعن بعد تسلمهن رواتبهن من اجل التبضع، فقمنا بطرح السؤال عليهن فابتدأت سهى قائلة: لقد كان راتبنا في السابق لا يكفي لسد رمق عيشنا بل لا يكفي أجرة تنقلنا بين بيوتنا ومقرات عملنا ولم نكن نستطيع شراء ولو قطعة صغيرة أو مثقال واحد من الذهب بالرغم من انه يعتبر زينة النساء الأولى.. أما الآن فأصبح بوسعنا شراء هذه الزينة الثمينة .. بينما قالت لنا الموظفة هدى محمد .. ليس هذا فقط، إنما كنا في السابق نعتمد على أهلنا في شراء حاجاتنا الأساسية وملابسنا وبذلك كنا نشكل عبئا إضافيا كبيرا عليهم بدلا من أن نقوم نحن بمساعدتهم..
وتقول ريم حسن إنها استطاعت شراء كل ما يلزم بيتها من حاجيات ضرورية بعد أن آكل الحصار الجائر الذي كان مفروضا على شعبنا منذ بداية التسعينيات ما كان لديها من مقتنيات وحاجيات البيتية وذلك ببيعها آنذاك في زمن الحصار لسد رمق عائلتها وحاجياتها اليومية.
فرحة لم تكتمل .. بسبب حبوب الأسبرين؟
ولكن هذه الفرحة لم تكتمل، حيث يرى الموظف رمزي إن لذة الفرح بالراتب سرعان ما زالت وذلك لما أسماه (تبريد الأعصاب) فيقول: إن الراتب كان بمثابة حبة (أسبرين) قدمت للموظف ليخفي ما في جعبة الأيام من غلاء في أسعار المحروقات من نفط وبنزين وكذلك الغاز وأسعار الفواكه والخضر …الخ. حيث إني أتسلم راتبي من المحاسب في الدائرة لشراء البنزين والغاز وكذلك الاشتراك في خط المولدة الأهلية وشراء الوقود لسيارتي والباقي للحصة التموينية التي لا تصل في بعض الأحيان كاملة إلى المواطن بسبب الأوضاع الأمنية التي تؤثر على نقل هذه الحصة.. أما الموظفة وفاء فتقول: لدي عائلة كبيرة وراتبي وراتب زوجي لا يكفيان في ظل هذه الظروف حيث ارتفاع الأسعار إلى جانب انحسار مفردات الحصة التموينية عن بعض المناطق بسبب الوضع الأمني ولا سيما ونحن نعيش في منطقة تعتبر من المناطق الساخنة فيتوجب علينا شراؤها من السوق.. وترى نادية إن ارتفاع أسعار المحروقات والعوامل الأخرى زادت من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملبوسات إلى حد كبير حيث لاحظنا ذلك بارتفاع هذه المحروقات وكما يقول المثل (عادت ريمة لعادتها القديمة).
عودة الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية .. هو الحل ؟
المواطن فاضل شاكر الذي يعمل في إحدى دوائر الدولة بصفة العقد .. الجهات الرسمية قد أغفلت العديد من الموظفين على نظام العقود حيث لم تشملنا بتلك الزيادة التي طراءت على موظفين الدولة علما إننا نمارس عملنا كموظفين حكوميين ولكن بصفة العقود التي لا يشملها أي زيادة في الرواتب .. شاطره الحديث حسان بقوله الزيادة سوف تسبب ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وغيرها .. ومن الأجدر أن نرى استقرار كبير في أسعار المواد الغذائية والمنزلية التي تحتاجها العائلة بالشروع في بناء مجمعات تجارية على نمط الأسواق المركزية كي يتسنى للموظفين أو أصحاب الدخل المحدود الاستعانة بها والهروب من لهيب الأسعار التي يتعمد تجار اليوم في رفع أسعار بضاعتهم والمتضرر المواطن وحده .. إما منى موظفة فقالت : اعتقد إن مجلس النواب لا يرى الارتفاع التي ألت إليه قراراتهم الغير صائبة ؟ ومن الأجدر أن تعاد الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية في جميع الوزارات دون استثناء كي يتسنى للموظف التبضع منها وبأسعار اقل من الأسواق المحلية .. لذا أرى إن إصدار أي قرار يأتي لمصلحة معينة من كيان سياسي أو كتلة برلمانية تضاف إلى سجلها الانتخابي مستقبلا .. أما نسرين شاكر محمود قالت إن الزيادة لا تفي بالغرض كوني موظفة جديدة في إحدى دوائر الدولة .. وكنت أتمنى أن تكون الرواتب اقل بكثير عما نراء ألان كي تنخفض جميع أسعار احتياجات المواطن أما السيد نجم جاسم يعمل في إحدى الدوائر الحكومية فقال.. إن الزيادة خدمت أصحاب الشهادات العلياء والمراكز المتقدمة في سلم الرواتب متناسين أصحاب الدرجات الأدنى منها والذين لم يلتمسوا تلك الزيادة الضئيلة على رواتبهم المحدودة ..وأضاف نجم أن الزيادة قد تحدث تضخم كبير علما أنها ليست مستقره لأنها جاءت الزيادة ليست على الراتب الاسمي وهذا ربما تلغا مستقبلا كما أسلفت عندما ترى الدولة هنالك تضخم فيصار إلى شطب أي زيادة طراءت على الرواتب عدى الراتب الاسمي.
ولنا قول..؟
بعد أن لمسنا الفرحة على وجوه معظم الموظفين والموظفات الذين إلتقيناهم ونظرة بعضهم إلى الوضع من جهة أخرى نتمنى أن تدوم الفرحة على هذه الشريحة الكبيرة في المجتمع بعد سنين طويلة من المعاناة ولكن في الوقت نفسه نتمنى أن لا تكون توقعات البعض صحيحة بفضل توفير المستلزمات الضرورية للمواطن من قبل الدولة ونتمنى أن يعم الخير أفراد المجتمع العراقي كافة أي بكافة شرائحه حتى العاطلين عن العمل فعسى أن يكون لهم مكان أو وظيفة حكومية في المستقبل القريب بدل القرع على أبواب المسؤولين دون جدوى, كما نتمنى أن تتساوى بعض الوزارة أو حتى على الأقل أن تكون الزيادة بين وزارة وأخرى متفاوتة بعض الشيء.