قصة عروة وعفراء.
كان عروة يعيش في بيت عمه والد عفراء بعد وفاة أبيه، وتربيا مع بعضهما فأحبا بعضهما وهما صبيان.
فلما شب عروة تمنى أن يتوج الزواج قصة حبهما الطاهرة، فأرسل إلى عمه يخطب إليه عفراء، ووقف المال عقبة في طريق العاشقين، فقد غالت أسرة عفراء في المهر، وعجز عروة عن القيام به. وألح عروة على عمه، وصارحه بحب عفراء، ولأنه كان فقيرا راح والدها يماطله ويمنيه الوعود، ثم طلب إليه أن يضرب في الأرض لعل الحياة تقبل عليه فيعود بمهر عفراء. فما كان منه إلا أن انطلق طلبا لمهر محبوبته.
وعاد بعدما جمع مهرها ليخبره عمه أن عفراء قد ماتت، ويريه قبراً جديداً ويقول له إنه قبرها، فانهار عروة وندب حظه وبكى محبوبته طويلا، حتى جاءته المفاجأة، فقد ترامت إليه أنباء بأن عفراء لم تمت، ولكنها تزوجت، فقد قدم أموي غني من الشام في أثناء غيبته، فنزل بحي عفراء، ورآها فأعجبته، فخطبها من أبيها، ثم تم الزواج رغم معارضتها، ورحل بها إلى الشام حيث يقيم.
ولما علم بذلك انطلق إلى الشام، ونزل ضيفاً على زوج عفراء والزوج يعرف أنه ابن عم زوجته ولا يعلم بحبهما بطبيعة الحال، ولأنه لم يلتقي بها بل بزوجها فقد راح هذا الأخير يماطل في إخبار زوجته بنبأ وصول ابن عمها. فألقى عروة بخاتمه في إناء اللبن وبعث بالإناء إلى عفراء مع إحدى الجواري، وأدركت عفراء على الفور أن ضيف زوجها هو حبيبها القديم فالتقاها، وحرصا منه على سمعة عفراء وكرامتها، واحتراما لزوجها الذي أحسن وفادته وأكرم مثواه، غادر تاركا حبه خلفه.
ومضى الزمان عليهما، ومرض عروة مرضا شديدا، وأصابه السل حتى فتك به، وأسدل الموت على العاشقين ستار الختام بموت عروة، بلغ النبأ عفراء، فاشتد جزعها عليه، وذابت نفسها حسرات وراءه، وظلت تندبه حتى لحقت به بعد فترة وجيزة، ودفنت في قبر بجواره..