بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
في أواخر شهر رمضان المبارك سنة ١٤١٧ ه عرضت إحدى القنوات التفازية في ايران بمناسبة يوم القدس فيلماً بعنوان «الباقي» وقد عرض نفس الفيلم قبلاً في السينما في شتّى انحاء ايران.
أمّا محور الفيلم فهو يدور حول حياة رجل وامرأة فلسطينيين واسمهما «سعيد ولطيفة» وكان قد قتلا أيّام الانتهاكات الوحشية والقتل العشوائي الذي كانت تقوم به
اسرائيل ضدّ المسلمين الفلسطينيين عام ١٩٤٨ م في مدينة حيفا.
وتشاء إرادة الله تعالى أن يترك هذان الزوجان طفل رضيع اسمه «فرحان» كان قد بقي ثلاثة أيّام بلا طعام أو شراب إلى ان احتلّت أُسرة من اليهود كانت قد هاجرت من أوربا الشرقية إلى فلسطين منزلهما وعثرت على الطفل هناك ففرحا به خاصّة أنّ الأُسرة اليهودية كانت محرومة من الأولاد فأخذوه وغيّروا اسمه من «فرحان» إلى «موشه» وهو موسى بالعبرانية.
وفي طيلة الفيلم سلّطت الأضواء على حياة «فرحان» والمسمّاة بـ «صفيّة» إلى الأُسرة اليهودية وتدّعي أنّها مربيّة للأطفال ومحافظة لهم علّها تجد فرصة جيّدة لتخلّص حفيدها «فرحان» من يد الصهاينة وما هي إلّا أيّام قليلة إذا بالأُسرة اليهودية تعزم السفر إلى «يافا» وقد صمّموا أن يصحبوا فرحان وجدّته معهم عبر القطار الذي كان ينقل العديد من الجنود والمعدّات العسكرية التي جاءوا بهم لقتل الفلسطينيين ، وفي الطريق وبينما كان القطار يسير في السهول والمرتفعات تنتهي الحلقة الأُولى من الفليم.
في الحلقة الثانية استعرضوا وبشكل جذّاب كيف أنّ جدّة «فرحان» وبإشارة من زوجها المقاوم «رشيد» أخذت حقيبة المتفجرات إلى القطار ، وكيف أنّها دخلت إحدى الغرف الخالية بحجّة تغيير الطفل فوضعت حقيبة المتفجرات وبقيت تنتظر حتّى انفجرت فحملت الطفل فرحان ورمت بنفسها خارج القطار.
أمّا الجدّة صفيّة فقد ماتت في نفس المكان ، وبقي الطفل فرحان يضجّ بالبكاء إلّا أنّ عناية الله عزّوجلّ كانت ترعاه وتحفظه.
على كلّ فقد مثّل الفيلم في سوريا وكان أبطاله من السوريين والمصريين إلّا أنّ مخرج الفيلم كان ايرانياً واسمه «سيف الله داد».
أمّا حول نجاح الفيلم فقد عقد في سوريا مهرجان حول الأفلام فنال هذا الفيلم
إعجاب الكثير من الناس ومن شتّى الطبقات خاصّة المقطع الأخير منه وحسب ما قال ممثّلوا الفيلم في إحدى اللقاءات التي أجرتها معهم مجلّة «نيستان سنة ١٣٧٥ شمسي ص ٦٠ : إنّ الفيلم عرض خمس مرّات في قاعة المهرجانات التي تستوعب لما يقارب ٣٠٠ شخص إلّا أنّ كثافة الإقبال على الفيلم جعل المسؤولين يبدّلوا القاعدة بأُخرى تستوعب ١٥٠٠ فرد فضلاً عن تكرار عرض الفيلم في أكثر من مكان كالجامعات وغيرها.
من جانب آخر فإنّ وسائل الإعلام كالصحف وغيرها تداولت أحداث هذا الفيلم واستعرضت وقائعة وأشادت به وأثنت عليه بشدّة ممّا جعل اشتياق الناس يزداد لرؤيته أكثر.
وقد رأيت شخصياً أكثر من مرّة كيف أن النساء كنّ يبكين عندما يصل الفيلم إلى الأحداث الأخيرة المؤلمة فضلاً عن الرجال الذين كانت آثار البغض بادية عليهم بوضوح خاصّة أُولئك الذين تجرّعوا آلام الظلم الصهيوني وعانوا من طغيانهم المستمر.
الملفت للانتباه أنّ المخرج «سيف الله» قال : أنّ موفّقية الممثّلين للتمثيل بهذه الجذّابية هو ببركة التوسّل بالسيّدة رقيّة عليها السلام في دمشق ، وقد أشار إلى تفاصيل ذلك في نفس اللقاء ص ٦٧ فقال : إنّ موضوع الفيلم بعد مطالعة التاريخ ومراجعة بعض الأحداث الأُخرى تغيّر كلّياً وأصبح أشبه ما يكون بقصّة نبي الله موسى عليه السلام علماً أنّ كلّ فصل منه أُعيدت كتابته من أوّله إلى آخره ما يقارب أربع أو خمس مرّات ولذا صار الفيلم أكثر تأثيراً وجذّابية.
ففي البداية كنت قد كتبت إلى أحداث الانفجار في القطار وفيما بعد أحسست بالإشكالات ، فمثلاً بالنسبة إلى رشيد جدّ الطفل «فرحان» في البدء كان دوره ينتهي بقتله عند انفجار القطار إلّا أنّنا بعد التعديلات غيّرنا ذلك وجعلناه يمثّل أدواراً أُخرى بعد حادثة انفجار القطار.
ومع ذلك كلّه فقد بقيت حائراً ماذا أصنع في أواخر الفيلم؟ لقد كان لدي
«سيناريو» ولكنّه غير كافٍ ولذا كنت قلقاً حتّى انقطعنا عن التمثيل للحلقات التي بعد الانفجار مدّة اسبوعين ....
بل إنّني كنت أكتب كلّ ليلة تفاصيل الأدوار المفترض تصويرها في اليوم الآتي ولكن وبعد أن أجرينا التغييرات وجدت نفسي عاجزاً عن ذلك تماماً فبقيت متحيّراً كتحيّر «صفيّة» إلّا أنّني أخفيت ذلك على البقية إلى أن توجّهت إلى عزيزة سيّد الشهداء السيّدة رقيّة عليها السلام ونذرت لها ممّا جعل الفيلم يوفّق مثل هذا التوفيق العظيم.
وفي دمشق عندما ذهبت للمرّة الأخيرة إلى المهرجان شاهدت كيف أنّ أواخر الفيلم كانت مؤثّرة على الجميع وكان واضحاً جدّاً أنّ هناك عناية خارجية قد تدخّلت في القضية ، ولذا فإنّني بعد المهرجان مباشرة ذهبت إلى حرم السيّدة رقيّة عليها السلام لأتشكّر منها وأفي بنذري.
بالطبع أنّ أهل السينما والفنّانين لا يعتقدون بمثل هذه الأُمور إلّا أنّه في بعض الأحيان ولكرم أهل البيت عليهم السلام يشمل لطفهم وعناياتهم الجميع وإن كانوا غير لائقين لذلك.
وحقيقة لامست قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)ورأينا جميعاً تأثير الفيلم على حتّى غير المتديّنين الذين كانت تنقلب أوضاعهم يتأثّرون بشدّة وكلّ ذلك ببركات وعناية السيّدة رقيّة عليها السلام ومن الكفر والجهالة أن نقول : إنّ هذا التأثير من غيرها.